|
الحمد لله العظيم في ذاته وأسمائه وصفاته ، جليلُ المكانة في قلوب أوليائه
، والصلاة والسلام على خير من امتلأ قلبُه من تعظيم ربِه، وبعد /
✍️ فإنّ من الأمور المبشرة بخير ، ومن محاسن أعمال المسلمين اليوم
( كثرة ذكر الله ) وحرص كثير من المسلمين
عليه ، وهو الذي فيه من الفوائد ما لا يخفى فضله ، ولا تُجهل منزلته ، وهذا
من رحمة الله وتوفيقه لهم .
ولكن يبقى أمر مهم متعلِّق بالذكر ، ألا وهو تعظيم
الله عند ذكره ، واستحضار قربه أثناء اللهج بالثناء عليه وتسبيحه .
وحضور القلب فيه من الأهمية بمكان ، وحاجة النفس له حاجةً عظيمة ، وأثره
على القلب والسلوك كبير ، ولذا كانت الإشارة لهذا بهذه الأسطر المتواضعة
تذكيراً لنفسي ولإخواني بهذا الأمر .
🍃 لقد قرّر أهل العلم أنّ ذكر الله على ثلاث مراتب
:
ذكره باللسان .
ذكره بالقلب .
تواطئ القلب واللسان على الذكر ( وهذا أشرفها )
.
🍃 ومن المعلوم أنّ العبادات لها مقاصد عظيمة ، وغايات ذات أثر على صاحبها
، ومن أعظم هذه الآثار : ( تعظيم الله في القلب )
وأقرب طريق لتعظيمه سبحانه :
( ذكرُه : ذكرَ تعظيم ) وسبيل ذلك :
استحضار عظمة الله عند كل تسبيحة أو تهليلة أو حمد أو تكبير أو استغفار
وعند كل ذكر .
وللوصول لهذه الغاية النفيسة طرق وسُبل ، منها :
🍃 معرفة المعاني لهذه الأذكار .
فالتسبيح :
معناه تنزيه الله عمّا لا يليق ، واستحضار ما يتصف به من
عظمة الصفات ، وجلالة الشأن .
فالله منزّه من كل نقص ، كامل من كل وجه ، عظيم قد جمع كل صفة عظمة .
فاستحضر هذه المعاني عند تسبيحة ، فتسبيحةٌ واحدة بحضور قلب تورث صاحبها
تعظيم الله وإجلاله خير من عشرات بل مئات من التسبيحات .
والحمد لله :
معناه شكر الله وحمده والثناء عليه متذكراً نعمة التي لا
يمكن لأحد أن يُحيط بعشر أعشارها .
فإذا حمدتَ الله استحضر نعمه وفضله عليك في نفسك ودينك وولدك وأهلك ومالك
ونفَسك ، وعافيته التي أحاطت بك في نعم لا منتهى لآحادها فضلاً عن مجموعها
، فاحمد الله حمد شكر ، وإسناد الفضل له ، واعترافاً بمننه .
والله أكبر :
معناه تعظيم لله وتكبيره له ، وأنّه أكبر من كلِّ شيء ،
وأعظم من كل شيء ، فهو أكبر من الدنيا وما عليها .
اللهُ أكبر من كل كبير ، وأعظم من كل جليل في نظر الخلق ، وأكبر من كلِّ
همّ ، وأجلُّ من كل عظيم ، لتحتقر أمام عظمته كل ما يعظمه الخلق من آحاد
النّاس ، أو زينة دنيا ، أو تعلّق بمتاع .
ولا إله إلا الله :
تقولها مستحضراً فضلها ، وأنّها سبيل النجاة ، والسبب
الأعظم الموصل للجنّة ، المنجي من النار ، وهي كلمة أعظم من السموات والأرض
، وهي أحسن الحسنات ، وأولى ما ادّخره المؤمن .
تقولها بقلب حاضر متذكراً أهمية وفضل التوحيد وأنّه أولى ما تهتم به النفوس
وتسعى في تصفيته من كل شائبة .
ولا حول ولا قوة إلا بالله :
تقولها مستحضراً فضلها وأنّها كنزٌ مدخّر لك .
بها التحوّل من حال الخوف إلى الأمن ، ومن الضعف إلى القوة ، ومن الذلة إلى
العزة ، وأنّ الأمور - كل الأمور - بيد الله وأنّه على كلِّ شيء .
وهكذا عند الاستغفار :
تستغفر الله مستحضراً جنايتك ، وحاجتك لمغفرة الله ، وخوفك من آثار الذنوب
، فكم من ذنب حرم صاحبَها رزقاً ، وكم من ذنب كان سبباً لضيق حياة ، وتكدير
حال ، فتستغفر الله وأنت موقن أنّك بحاجة للمغفرة ، وأنّه لولا فضل الله
ورحمته لكان الهلاك .
وهكذا مع كل ذكر وتسبيح ودعاء واستغفار ، يستحضر الذاكر هذه المعاني ليكون
الأثر كبير ، والنفع أعظم ، والثواب أجلّ .
🍃 ومن الطرق التي يوصل بها لتعظيم الله عند ذكره :
استحضار قربه واطلاعه عليك عندما تذكره ،
وسماعه لتسبيحك وحمدك وتكبيرك وتهليلك وبقية أذكارك .
استحضر علمه بصدقك عند استغفارك ، وإحاطته
باعترافك بذنبك وطمعك بمغفرته ..
وهكذا مع كل ذكر وتسبيح .
🍃 ومنها :
معرفتك بفضل الذكر مع حضور القلب ، فإنّ الحسنة تعظم بأسباب منها :
الإخلاص ، والمراقبة ، والصدق فيها ، والزمان ، والمكان ، فالذكر يعظم أجره
مع حضور القلب .
🍃 ومنها :
يقينك بأثر التسبيح عليك فتسبيحة مع إجلال لها أثرها الجليل على الذاكر وقد
تكون سبباً في استقامة نفسه وصلاح حاله مدى الحياة .
⚡️واختم بالإشارة إلى أمرين مهمين :
🍃 الأوّل : أنّ فضل الذكر المجرد من حضور
القلب معلوم ، والأجر فيه ثابت - وهذا من فضل الله - وليس مرتبطاً بحضور
القلب ، بل إنّ صاحبه مأجور بمجرد الذكر المجرّد على اللسان ، وهو خير من
الغافل السادر في دنياه .
🍃 الثاني : أنّ حضور القلب يصعب عند كل ذكر
، وإنّما يكون في بعض الأحيان ، وسبيل ذلك التدرّب عليه والمجاهدة في ذلك ،
وليس شرطاً أن يكون في كل حين ، ففعله - ولو أحياناً - خيراً من الحرمان .
اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ،
اللهم اجعلنا من الذاكرين حقاً ، الشاكرين صدقاً .
كتبه حامداً ربه ، مصلياً على نبيه ﷺ /
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
١٤٤١/١٢/٤ هجري