الحمد لله رافع الضر ، وكاشف الكرب ، والصلاة والسلام على من أحبَّ نشر
الفأل ، وحث على الصبر /
✍️ ويمضي قدر الله في عجز تام من البشر لتظهر قوة الله وضعف البشر في هذا
الفيريوس غير المشاهد ( كورونا ) .
ويبقى الكثير في غير توسط معتدل ( بل هو إمّا مهوّلٌ للوضع وكأن البشر
يتساقطون بين يديه موتى ، وآخر مستهتر وكأن الأمر أقل من السهل ) وكلا طرفي
الأمرين ذميم .
ولنا مع هذا الأمر عشر وقفات :
أولاً : تفرّد اللهُ في تدبير أمر الكون ،
فما شاء كان ومالم يشأ لم يكن ( هذه هي عقيدة المؤمن الراسخة ) .
سبحان الله بينما العالَمُ في عافية ودَعَة ، إذ يفاجأهم هذا الأمر ،
فتضطرب أمورهم وتتبدّل أحوالهم ، ويُصبحون في عجز عن رده لأنّ الله لم يأذن
بعد ، فهل يعرف البشر قدرهم الحقيقي أمام إرادة الله !؟
ثانياً : كل قضاء يقضيه الله للخلق ففيه
الخير . فإن أصاب المسلم فهو كفارة له ، وإن مات منه فلعله شهادة ،
وكم كان سبباً في عودة طائفة من الخلق لربهم ، وكم كان سبباً في إيقاظهم من
غفلتهم .
ثالثاً : ينبغي للعبد أن يسير وفق شريعة ربه
بالأخذ بالأسباب الوقائية ، بالابتعاد عن المصابين ، وأخذ
الاحتياطات اللازمة فهذا من جملة الأسباب الشرعية .
رابعاً : ينبغي العناية بالتحصينات الشرعية
، فهي حصنٌ حصين بإذن الله من كل شر وداء .
فمن قال ثلاث مرات إذا أصبح وأمسى :
" بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو السميع
العليم ، لم يضره شيء " كما صح بذلك الحديث .
وتأمّل قوله : " لم يضره شيء " ومع ذلك هناك أُناس لا يحافظون عليها
تهاوناً وكسلاً .
وقل مثلها في التحصينات : قراءة سورتي الفلق والنّاس ثلاث مرات إذا أصبحت
وإذا أمسيت ، فهي تكفيك كلّ شر . والآثار في هذا كثيرة .
فينبغي على العبد أن يعتني بهذا الشيء ويعلّمه أهلَ بيته والمسلمين .
خامساً : ( بين البلاء والعقوبة )
البعض ينظر إلى هذا البلاء أنّه عقوبة محضة للخلق لأنّهم مستحقون أن
يُعاقبوا ، وهذه مجازفة وتألي على الله .
وفي الطرف المقابل : من يرى أنّه لا أثر للذنوب في هذه الأقضية ، وكلاهما
مفرط .
ففي القرآن بيانٌ واضحٌ أنّ المصائب سببها الذنوب والمعاصي ومنها قوله
تعالى :
" أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا
قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ
اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( ١٦٥ ) سورة آل عمران .
هذا الخطاب كان موجهاً لسادة الأولياء من الصحابة المجاهدين في غزوة أُحُد
، وعصوا رسول الله معصية واحدة ، ومع ذا يخاطبهم اللهُ بهذا الخطاب الذي
فيه تجلية الحقائق ، فكيف بمن هو مقصّر في عظائم الأمر كترك صلاة ، وعقوق
وقطيعة ، وأكل مال حرام ونحوها !!
سادساً : التوبة والإنابة مطلب في كل وقت وآن
، وتزداد وجوباً عند هذه الحوادث التي تستدعي مراجعة النفس .
فعندما نسمع بسرعة انتشار المرض وتوسعة رقعته ، فهذا يجعلنا ننظر في
أحوالنا ، فإن كان ثَمّت تقصير عالجناه ، وكلنا - والله - مقصّر ومفرّط -
إلا من رحم الله وقليلٌ ماهم - فينبغي أن يكون مثل هذا القدر فرصة للعودة
والإنابة وكثرة الاستغفار .
إنّ عدم تأثر القلب ، والمُضي قُدماً في المعصية ، وكأنّه لاجديد في حياة
النّاس ، دليل قسوة القلب والعياذ بالله ، ولقد ذم الله هؤلاء في مواطن
كثيرة من كتابه .
وبعض النّاس يقول الأمر عادي ، وكأنّه - عياذاً بالله - ينتظر مصيبة كبرى
حتى يفيق ويعود إلى رشده ، ويخاف بطش الله وانتقامه !!
سابعاً : " من لا يشكر النّاس لا يشكر الله "
هكذا علمنا نبينا ﷺ .
فشكر الله لولاة أمرنا في هذه البلاد ، الحريصين كل الحرص على سلامة
المواطنين والمقيمين والزائرين .
فهذه الجهود العظيمة للدولة تدل دلالة عظيمة على شفقة ولاة الأمر وحرصهم
على صحة النّاس ، فجزاهم الله عنّا خير الجزاء ، ولنكثر الدعاء لهم .
ثامناً : إيّاك والإرجاف أو التهوين .
بعض النّاس عند مثل هذه الأحداث يرجف وكأنّ الموت حلّ بالبشر مخوّفاً
ومُرعباً إخوانه ، وفي المقابل هناك آخرون وكأنّه لا حوادث واقعة تحتاج
احتياطات واتباع إرشادات ، وكلاهما مذموم .
كن واقعياً فلا تخوّف النّاس ولا تعش وتعيّش من حولك في رعب نفسي ، بل كن
متوكلاً على مولاك متخذاً أسباب الوقاية مؤمناً أنّه لن يُصيبك إلا ماكتب
اللهُ لك ، باثاً الطمأنينة في مجتمعك .
تاسعاً : ينبغي للعباد أن لا يستهينوا بالدعاء ، فشأنه عظيم في دفع
الشر عنهم ، والسُنّة مليئة بالدعوات التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها على
الدوام ، فهي من جملة الأسباب المشروعة عند نزول البلاء وفي كل حين .
عاشراً : كن فاعلاً في التوعية ، مؤدياً ما
تقدر عليه في ظل هذا الظرف .
ومن ذلك :
نشر التوعية - بث الطمأنينة - حاثاً على فعل الخير والمعروف - شاكراً لمن
هو مستحق الشكر - داعياً ربك بالحفظ لك ولأهل بيتك وإخوانك المسلمين
وأوطانهم .
اللهم اصرف عنّا وعن أهلينا والمسلمين وعن بلادنا وبلاد المسلمين هذا الشر
، واحفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك .