|
الحمد لله وحده ، والصلاة
والسلام على من لانبي بعده .
هذه
الأمّةٌ أمّةً مرحومة في شريعتها ، وأعمالها ، وثوابها .
تتعدد فيها سُبل الطاعات ، وتتنوّع فيها الأجور ، ويسر الله لأتباعها طرق
الخير ، فلا تكاد ترى عملاً - وإن كان في نظر العامل صغيراً - إلا وفيه من
الأجور مايحتار فيه العبد في عظيم فضل الله تعالى ( خذ على سبيل المثيل لا
الحصر أجر صلاة الجنازة لا تستغرق خمس دقائق وثوابها أجر قيراط بثقل الجبل
العظيم وهذا من فضل الكريم سبحانه )
🌱 فمن
شاء من الأمّة أن يعمل عملاً بمفرده وجد أجوراً لا حصر لها في عظائم
الأعمال كبِّر الوالدين ، ورعاية الأسرة ، ومعونة المحتاج في أي مرفق من
مرافق الحياة .
🌱 ومن
شاء مِن أفراد الأمّة أن يساهم في أعمال البِّر مع الجماعة ، فالباب أمامه
مفتوح ، والطرق متنوعة ، وخدمة الأمّةَ في أي مجال نافع هو بِّر وإحسان ،
وفضل وقربة .
🌿 وهذا
التنوّع من تمام إقامة الحياة لاختلاف الحاجات ، وتنوّع القدرات .
ومانراه اليوم من حِراك مبارك للأمّة في القطاع الخيري بتنوّع الأعمال ،
وكثرة العاملين ، وظهور طاقات ومواهب يُفرح النفس ويُسعد الفؤاد - على أنّ
كل صادق في حبّ أمّته - يرجو المزيد في العطاء ، وأن يتضاعف أعداد
العاملين ، فالأمّة عددها كبير ، وجوانب النقص في أعمال البِّر المتنوّعة
تحتاج إلى المزيد ؛ ويبقى السؤال الذي يتردّد في النفس :
أي
العمل أفضل ؟
وما
هو الأنفع لنفسي ولأمتي ؟
✍ والجواب
:
أنّ
من الأفضل للمرء أن يتوجه للعمل الذي يرى فيه نفسه ، وأنّه قادرٌ على
العطاء فيه ، وأنّ يحرص أن يتعاون مع إخوانه في أعمال البِّر المشتركة حتى
لا تُوغرَ النفوس ، ويتلاعب الشيطان بالعاملين ، فمجالات الخير لا حصر لها
، ومن كمال طهارة النفس معاونة الإخوة ، والمساهمة في نجاحهم لا إبعادهم ،
ومانراه في بعض الجهات وعند بعض الأشخاص من مخالفة لهذا الأمر فهو خطأ بيّن
ينبغي إصلاحه .
🌿
والأفضل من الأعمال لا شك هو ماكان متقناً ، متبِّعاً فيه صاحبُه الشرع
المطهّر ، جامعاً لنفع المسلمين في أي عمل من اعمال البر والإحسان .
ومن
تأمّل في واقع الصحابة رضوان الله عليهم وجد هذا الأمر بيّناً وواضحاً .
تجدهم قد تنوّعت أعمالهم ، وتعدّدت مشارب نفعهم لأمتهم ، فهذا قد تخصص في
العلم ونشره ، وذاك قد لمع نجمه في باب الجهاد ومقارعة الأعداء ، وثالثهم
في تعليم القرآن ونشره ، ورابعهم يسعى في قضاء حوائج الناس .. وهكذا في
تنوّع يجعل الأمّة كاملة .
ومن
سبر سيرتهم - أيضاً - وجد أنّه لم ينقم أحدٌ منهم على عامل ، أو تنقّص جهد
مجتهد ، بل باركوا أعمال بعض ، وأعانوا وسددوا ، وشاركوا ، ودعا بعضهم
لبعض في ظهر الغيب وذلك لكمال نصحهم لأمتهم ، وطهارة قلوبهم لإخوانهم .
🌱 العمل
الأفضل :
ما
كان صاحبُه فيه لله أطوع ، وللإخلاص أقرب ، وللتأسي بنبيه عليه الصلاة
والسلام ألصق .
🌱 العمل
الأفضل :
ماكان صاحبه متجرّداً لله في عمله لا سمعة ولا رياء في سعيه ، ولا حب مدح
وثناء ، والقلب أثناء العمل بين الخوف والوجل والرجاء .
🌱 العمل
الأفضل :
ماكان العامل يرى فيه فضل الله ومنّته عليه ، إذ هو الذي هداه ، ووفقه
وأعانه ورعاه ، لا قوة النفس ، ولا زكاة الفؤاد .
🌿 فاجتهد
في سبيل الخير ، وعلّق قلبك بالكريم سبحانه ، وأعن إخوانك ، وانصح لهم
ولأمتك ، ولا تستصغر عمل عامل ، ولا تحتقر جهد مجتهد ، وأحط إخوانك بصدق
دعائك .
كتبه
/
عادل
بن عبدالعزيز المحلاوي
١٤٤١/٣/٢٦