الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على الرسول الذاكر الشاكر الأمين
أمّا بعد
فيُشرع للمسلمين هذه الأيام الإكثار من ذكر الله في كل حال ووقت وعلى
الخصوص هذه الأيام ، ففي الحديث :
" أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله "
والتكبير يكاد يكون أكثر ما ينطق به المسلم في يومه ، ففي الصلوات تكبيرة
الإحرام وتكبيرات الإنتقالات التي تقرب من مئة تكبيرة ، ومن الأذكار بعد
الصلاة التكبير ، وقبيل النوم يشرع التسبيح والتحميد والتكبير ..
ونحوها من الأحوال والأوقات .
والحاج والمعتمر يُهلّل ويُكبّر من حين إحرامه
وأثناء أداء نسكه فيُكبّر في الطواف ، ويُكبّر في السعي ، ويُكبر في طريقه
لعرفة وبعد عودته ، ويُكبّر ليلة مزدلفة وبعد صلاة فجرها ، ويُكبر عند رمي
الجمرات ، ويُكبر أيام منى كثيراً في مسكنه في ذهابه ومجيئه...
إنّ هذا العدد الكبير والكم الكثير الذي شُرع لهذه العبادة ليجعل المرء يقف
عندها متأمّلاً متفكّراً في معانيها .
هذا التكبير الذي يُخاطِب القلب :
أنّ الله أكبر ذاتاً وقدراً وقدرة وقوة وغلبة وإرادة فهو :
" العلي الكبير "
فالله أكبر من كل شرك وشركاء ، والله أكبر من كل إرادة قامت بقلب عابد ،
والله أكبر وأعظم وأجلّ من كل شهوة ومخالفة لأمره ، والله أكبر من كل خوف ،
والله أكبر من كل همّ ، والله أكبر من كل شيطان رجيم ووسوسة يقذف بها في
قلوب الخلق .
التكبير يخاطب القلب ليقول له :
أنّ الله أكبر من كل شيء " فكبّره تكبيراً "
فهو أكبر من الدنيا ومن عليها وما عليها ، فلا تغرّ مسلم ولا يصرف لها جُلّ
همه وإرادته .
والله أكبر من تدبيرات العالَم لك وكيدهم ، بل إنّ إرادتهم كالذر وأقل
قدراً من إرادته سبحانه فنم قرير العين فالله عظيم .
والله أكبر من كل عدو للإسلام والمسلمين فهو القوي الكبير القدير أن يقصمه
ويهلكه ، فكم حاول الأعداء الإطاحة بالإسلام وأتباعه من لدن بعثة النبي صلى
الله عليه وسلم إلى يومنا فعادوا قاعاً صفصفاً لا تسمع لهم همساً ولا
رِكزاً وبقي دين الله " الكبير " شامخاً باقياً .
فيا دعاة التوحيد اربعوا على أنفسكم ولا تُهلكوها فدين
" الكبير المتعال سبحانه " باق بقاء الليل والنهار .
والله أكبر من جميع الأماني والرغبات فلا تستعظم أمنية تتمناها ، فالله
قادر على تحقيقها ولكنّه قد يؤخرها لحكمة يعلمها .
وياصاحب الهمّ لا تيأس ولا تسيطر عليك الكروب ، فالله فارج الهموم ومنفّس
الكروب ، وقاضي الحاجات .
اللهم ارزقنا إجلالك حق الإجلال ، وتعظيمك حق التعظيم ، وتكبيرك حق التكبير
.
كتبه /
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
من مشعر منى في ثاني أيام التشريق لحج عام ١٤٤٠ من الهجرة النبوية على
صاحبها أفضل صلاة وأزكى سلام .