|
الحياة تحمل في طياتها زخم كبير من المصاعب والمتاعب ، فتارة تجعل الإنسان في
زنزانة الهموم والغموم ، يصول ويجول فيها بنفسية متعبة ، وآمال محطمة ، وتفكير
ممزق ، حتى يجني من ذلك الشقاء واليأس والإحباط ~ ينبغي على المؤمن أن يوقن بأن
حال المشقة والتعب والآلام والمصائب أمر طبيعي في حياة الإنسان ( لقد خلقنا
الإنسان في كبد ) يقول القرطبي رحمه الله في تفسيره :قال علماؤنا : ( أول ما
يكابد الإنسان قطع سرته , ثم يكابد الضيق والتعب , ثم يكابد الارتضاع , ولو
فاته لضاع , ثم يكابد نبت أسنانه , وتحرك لسانه , ثم يكابد الفطام , الذي هو
أشد من اللطام , ثم يكابد الختان , والأوجاع والأحزان , ثم يكابد المعلم وصولته
, والمؤدب وسياسته , والأستاذ وهيبته , ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه , ثم
يكابد شغل الأولاد , والخدم والأجناد , ثم يكابد شغل الدور , وبناء القصور , ثم
الكبر والهرم , وضعف الركبة والقدم , في مصائب يكثر تعدادها , ونوائب يطول
إيرادها , من صداع الرأس , ووجع الأضراس , ورمد العين , وغم الدين , ووجع السن
, وألم الأذن . ويكابد محنا في المال والنفس , مثل الضرب والحبس , ولا يمضي
عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة , ولا يكابد إلا مشقة , ثم الموت بعد ذلك كله , ثم
مساءلة الملك , وضغطة القبر وظلمته ثم البعث والعرض على الله , إلى أن يستقر به
القرار , إما في الجنة وإما في النار) ومع تنوع الآهات والزفرات والمتاعب ، يظل
التفاؤل له رونقا من نوع آخر ~ يكفي بأنه يزرع الأمل ~ يكفي بأنه يعمق الثقة في
النفس ~ يكفي بأنه يدفع للنشاط والعمل ~
إن أعظم أمر في التفاؤل هو حسن الظن بالله والتوكل عليه ، فذلك باعث على أن
وراء المحنة والمصيبة فرج قريب ، و يسر رهيب ، و أجر كبير ، فإذا أوكل الإنسان
نفسه لربه ، واتسم بالرضا على القضاء ، وتحلى بالصبر ، وتسلح بالدعاء ، فإن ذلك
يقود لحالة نفسية إيجابية تقاوم أحزان الحياة وآهاتها ، وتدكدك جبال اليأس
وقشورها ~~
مهما أظلمت عليك الدروب فحدث نفسك على التفاؤل ، فإن ذلك أجمل حديث للنفس في ظل
الظروف والمصائب ، وليكن هذا الحديث موضوعيا بحيث لا يُبنى على نتائج مثالية ،
فيكفي من حديث النفس بالتفاؤل الراحة والسعادة والأنس ، ولو حصلت النتيجة
المرجوة ، كان لذلك لذة لا يطعمها اليائسين المحبطين .
ما أجمل التفاؤل في زمن الشدائد~
فهو يحيى الآمال في جوف الآلام ، ويسكب طعم لذة الفرج بعد ظمأ التعب والأرق ،
ويعيد الحياة المشرقة والإبتسامة الناصعة ~
إذا ً ~~
ارفع شعار أنا متفاءل ~~
حينئذ نقول :
وداعا للحزن ^ وداعا للأسى ^ وداعا للألم ^ وداعا لليأس فما أضيق العيش لولا
فسحة الأمل أستودعكم الله
~ ومضة ~
*أحط نفسك بالمتفائلين*
الاثنين 1\6\1430هــ
بريدة