أخي العزيز ....................................................... حفظه
الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :-
أتمنى أن تقرأ هذه الرسالة وأنت تتمتع بوافر الصحة وجميل العافية .
أخي الكريم :-
هذه رسالة ود ، وتجديد محبة صادقة ، من أخيك وزميلك الذي عرفته والتقيت به
مراراً ، وأرجو أن تكون عرفته محباً ، وناصحاً ، ومشفقاً لا يألو الخير ما
أصابه . لقد عرفتك جيداً ، والتقيت بك مراراً ، وما كان لهذه السنون التي مضت
أن تمحو من مخيلتي تلك الشخصية ، أتذكرك فأذكر ذاك الشاب حسن الخلق طيب
المعشر كريم الود . أتذكرك فأتذكر ذاك الشاب الحريص على طاعة الله سبحانه
وتعالى ، فتارة أراه يصلي، وأخرى أراه تاليا للقرآن، أتذكرك فأتذكرك ذاك
الشاب الذي كان يحدثني كثيراً عن الثبات وخطورة الانحراف ، أتذكرك فأتذكر ذاك
الشاب الذي كان يشارك زملاءه وإخوانه عبادتهم، وحفظهم للقرآن، ومجالس العلم
والوعظ.
أخي الكريم :
والله إن تلك الصور وغيرها لا تزال شاخصة أمام عيني وناظري ، وحين يقفز اسمك
للذهن ، ويدور خيالك بالبال تتسارع تلك الصور المضيئة ، والجوانب المشرقة ،
وتتلاحق لتأخذ مكانها ، حتى يعكرها ما صار إليه صاحبي بعد ذلك .
أخي الكريم :-
لن أنسى ذاك الأخ الذي أحببته في الله ، وتمنيت أن أحشر وإياه تحت ظل عرش
الرحمن ، ونلتقي إخوانا على سرر متقابلين . وطول تلك السنون التي فرقتنا
وصورتك ، وخيالك يقفزان إلى الذهن بين الفينة والفينة . ولكن صار ما كدر
الخاطر ، وأزعج الفؤاد مما لا يخفى عليك .
أخي الكريم :-
هل تتفضل على نفسك لتقف معها ساعة محاسبة ، ولحظات مصارحة ، فتقارن بين ما
أنت عليه الآن وبين ما كنت عليه قبل ذلك ، أن تجري حساباً صادقاً مع نفسك قبل
الحساب الذي ليس بعده عمل ، أن تجري حواراً صريحاً له ما بعده قبل أن يتحاور
أهل السعادة وأهل الشقاوة .
أخي العزيز :-
لازال الباب مفتوحاً ، والطريق مشرعة
، أو لست تقرأ قول العزيز الغفور { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا
تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم }
فكن جريئاً أخي الكريم ، وجاداً وحازما مع نفسك ، وأعلنها عودة صريحة إلى
الله من الآن . إني لا أطلب منك أن تسلك طريقاً مجهول المعالم ، لا تدري ما
وراءه ، إني أطالبك أن تعود لفطرتك التي فطرك الله عليها ، أن تعود لتلك
الحال التي كنت فيها في قطار الصالحين والعابدين .
أخي الكريم:
يعتذر بعض الذين حولوا مسار حياتهم بأعذار تبدو لهم أول وهلة أنها صادقة، ولو
صدقت لما أغنت عنهم يوم القيامة.
يعتذر أحدهم بأن الصالحين الذين صاحبهم كان فيهم وفيهم.. وقد يكون شيء من ذلك
صحيحاً، لكن هل الحل أن يغير الشخص حالة أم الحل أن يتميز باستقامته؛ فيصبح
خيرا منهم؟
يعتذر بعضهم بأنه لم يكن جاداً، لم يكن صادقاً، كان يأتي المعاصي، كان
متناقضا مع نفسه فحسم الأمر بما آل إليه.
لكن شتان بين من يبقى على الخير ويجاهد نفسه، فيكبو وينهض، ويهوي ويفيق، ويحب
الصالحين، ويجالسهم، فيكون حريا بأن يقال له "أنت مع من أحببت" ويقال له" هم
القوم لا يشقى بهم جليس". ويتجنب المجاهرة بالمعصية ليصبح من أهل العافية"كل
أمتي معافى إلا المجاهرين".
شتان بين هذا وبين من يجاهر بسلوك غير طريق الصالحين.
ويجد غيرهم أعذارا وأعذاراً، لكنها تبقى بعد ذلك حجج بينه وبين نفسه، وحجج
يواجه بها الناس، ولن تنجيه أمام الله عز وجل.
أخي الكريم:
سطرت لك هذه الرسالة ، وكلي أمل أن أرى وجهك المشرق ، وأسعد باتسامك اللطيفة
التي لم ولن أنسها .
أخوكم المحب