حمداً الذي لا إله إلا هو الوهاب الذي أنعم على عباده بنعم كثيرة { وإن تعدوا
نعمة الله لا تحصوها } .
أخي صاحب الاستراحة
احمد الله الذي أكرمك بالعبودية ، وأنعم عليك بالإسلام والقرآن ، وجعلك من
أهل الحرمين الشريفين مهبط الوحي ، ومبعث رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم
للبشر أجمعين ، أسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ، ومنّ عليهم بهذه الولاية
المباركة التي تحكم شرع الله وتدعو إليه ، فاحمد الله أخي على ذلك واشكره ،
وكن متعاوناً على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان .
سخّر استراحتك للخير وحافظ على سفينة مجتمعك من الغرق عبرها واجعلها مشروع
بناء وشكر لله على نعمته لا مشروع هدم وافساد للشباب والأسر ، اتق الله في
السر والعلانية ، واعلم بأن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية يعلم
خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، مطلع على نيتك وقصدك ، وقد شرع لك الكسب
الحلال فلا يكن همك جمع المال من أي وجه كان ولو أغضب الله ، تحر المال
الحلال في كسبك ، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وكل جسم نبت من سحت
فالنار أولى به ، وأني يُستجاب دعاء من غذي بالحرام ؟! وأنى تُقبل صدقة من
تصدق من مال حرام ؟!
أخي صاحب الاستراحة :
تذكّر أن من قواعد الدين العظيمة أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح ،
فاحذر أن تؤجّر استراحتك لمن يغلب على ظنك أنه سيستعملها فيما يغضب الله فتقع
في الإثم والعدوان لأنك شاركت صاحبه من حيث لا تعلم ، حيث يسرت له فعل الشر
وأعنته عليه وسهلته له وأصبحت متعاوناً معه وخالفت أمر ربك سبحانه القائل : {
وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى
الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } .
فما شعورك يوم تقف بين يدي مولاك جلّ وعلا ، ويوم لا ينفع مال ولا بنون ، ثم
تجد صحيفتك مليئة بالسيئات بسبب استراحتك وأنت لا تعلم ، فكم من شاب صحب
قرناء السوء في استراحتك فوقع فريسة للدخان والشيشة والمخدرات ؟! وكم من جرم
حصل ؟ ووقت أهدر فيها دون فائدة ؟ وتباً لمال يضر مجتمعك مهما كثر !!
فاحذر
يا أخي العقوبة العاجلة والآجلة ، لأنها تحصل بسبب ما كسبت يداك من الذنوب
والمعاصي ، فهي كالنار تحت الرماد ولا تدري متى تحل بك نقمة الله ، فإنه
سبحانه مطلع على سائر عملك وما تضمره نيتك وهو يمهل ولا يهمل :
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب
فالبدار البدار إلى التوبة النصوح قبل فوات الأوان وعض يد الندم .
أسألك اللهم أن تحفظ مجتمعنا من الذنوب والمعاصي وأن تديم عليه النعم وتجنبه
النقم وترزق الجميع ذكرك وشكرك وحسن عبادتك إنك على كل شيء قدير .