أولاً:
تذكير الناس بواجبهم الأساسي تجاه مذابح المسلمين:ـ
أخي الداعية حفظك الله.. لا شك أنك
حريص دائماً على استغلال أي وسيلة تذكر الناس بأهمية عودتهم إلى الله
والتزامهم بأوامره في الصغيرة قبل الكبيرة ، وأن يكون كل فردٍ منهم مصلحاً
وداعياً الناس إلى الإلتزام بأوامر الله.
أيضاً لا يخفى عليك واقع المسلمين المؤلم والذل الذي يعشون فيه حتى أصبح
المسلمون يذبحون ويشردون ويبادون في شتى أنحاء العالم ، وحتى أصبح الدم
المسلم أرخص الدماء على الإطلاق ، ولا شك أن الوسيلة الحقيقة الفعالة لإصلاح
واقع المسلمين الذليل وإرجاع العزة لهم هو تحقيق عودة الأمة الإسلامية
بكاملها إلى الله وتحقيق التزامها بأوامره وذلك لأن هذه الأمة لن تعز ولن
تعود لها مكانتها طالما هي تجاهر الله سبحانه بالمعاصي ليلاً ونهاراً وطالما
لم تلتزم حقاً بأوامر الله في الصغيرة قبل الكبيرة ، خاصة قضية الإصرار على
الصغائر التي انتشرت في أمتنا الإسلامية هذه الأيام وكأن الناس نسوا أن
الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة ونسوا أن كبيرة يعملها الإنسان وهو خائف
ومعترف بتقصيره هي أرجى للمغفرة من صغيرة يصر الإنسان عليها ولا يبالي
باستمراره عليها مع علمه بأنها لا ترضي الله سبحانه وتعالى.
وانطلاقاً من النقطتين السابقتين وهما حرص الداعية على تذكير الناس بالعودة
إلى الله وحرصه على تغيير واقع المسلمين الذليل فإنه من المهم جداً أن ينتبه
الدعاة إلى ضرورة تذكير المسلمين بأنه من أهم واجباتهم التي يجب عليهم لكي
ينقذوا إخوانهم الذين يذبحون في كل مكان هو واجب العودة إلى الله وتطبيق
أوامره في كل الأمور صغيرها وكبيرها ، وأن يدعوا غيرهم إلى ذلك وأن يصلحوا
مجتمعاتهم بقدر استطاعتهم ، وأن يستشعروا أهمية هذا الشيء لأنه بتأخرهم في
تحقيقه يعطون الفرصة لأعـداء الدين بأن يستمروا في التنكيل بالمسلمين وقتلهم
، لأن الذنوب تكون سبباً لاستمرار مجتمعاتنا في ضعـفها وعدم تهيب أعداء الله
منها ، لأنها فقدت سبب عزها عندما لم تنصر الله باتباع أوامره فلم يتحقق لها
النصر والعزة والمهابة.
ومن
المهم أن نُشعر الناس أن عـودتهم إلى الله والتزامهم بأوامره في الصغيرة قبل
الكبيرة هو أهم وأوجب من تبرعهم ببعض المال لإعانة إخوانهم المشردين
والمنكوبين لأن هذا الشيء على الرغم من أهميته وضرورته إلا أنه حل ترقيعي
وجزئي ولكن الحل الأساسي لكل هذه المآسي هو تحقيق صدق العودة إلى الله حتى
تعود العزة والقوة لمجتمعاتنا ومن ثم لن يجرؤ أحد من أعداء الدين أن يقتل أو
يشرد أحداً من المسلمين لأنه سيكون وقتها لمجتمعات المسلمين هيبة وعزة تمنع
أي عدو من أن يؤذي أي فرد في أي جزءٍ من هذا المجتمع الإسلامي العزيز الذي
نصر الله بتطبيق أوامره فنصره الله بأن أعـزه وأذل أعـداءه وقـذف الرعب في
قلوبهم.
وبإذن الله لو أدرك الناس هذه المسألة لحصل من ذلك رجوع الكثير منهم عن
المعاصي وعودتهم إلى الله حتى وإن جاءه الشيطان وجعله يستهون الذنوب إلا أن
شعور المسلم ذو القلب الحي بأن ذنوبه وتقصيره ليس متعلقة به وحده بل إنها
تؤدي إلى استمرار تعرض المسلمين للاضطهاد سيؤدي بإذن الله إلى خجله من نفسه
واستحياؤه من ذنبه إذا شعر بهذه القضية.
أيضاً فإن استشعار هذه القضية سيجعل كل مسلم ينطلق مجتهداً في الدعوة إلى
الله لأنه يدرك أن تأخره في الدعوة والتغيير والإصلاح يعني استمرار مذابح
المسلمين ومآسيهم ، وتجعله لا يطيق أن ينشغل عن الدعوة والعمل للدين ولو
لوقتٍ قصير لإدراكه أهمية هذه الدعوة وما يتعلق بها من نصر الإسلام وإنقاذ
المسلمين.
ثانياً:
تذكير الناس بعدم التهاون بالصغائر:ـ
أخي الداعية.. لا يخفى عليك أنه من
أهم المشاكل في واقع مجتمعاتنا الحالية والذي كثرت فيه الوسائل التي تحبب
للناس التهاون في المعاصي ، هي التساهل في الصغائر والإصرار عليها حيث أن
الكثير من الناس وقعوا في هذا الخلل الكبير.
ومع وجود الكبائر في مجتمعاتنا للأسف إلا أن نسبة الذين يقعـون فيها أقل من
نسبة الذين يقعون في الصغائر ويصرون عليها، وذلك لأن كثيراً من المسلمين
تمنعه نفسه ويمنعه إيمانه من عمل الكبائر ولكن يأتيه الشيطان ويدخل إليه من
باب الصغائر. أيضاً فإن التهاون في الصغائر هو الخطوة الأولى التي توصل
الإنسان والمجتمعات إلى التهاون في الكبائر، وما كثرت الكبائر والفواحش في
بلاد المسلمين إلا بعد أن سبقها تهاون الناس في الصغائر واستخافهم بها.
ومن أهم أسباب إصرار الناس على الصغائر هو عدم إدراكهم لحقيقة أن الصغائر
تصبح كبائر عند الإصرار عليها، وعدم إدراكهم بأن الكبيرة عندما يعملها
الإنسان وهو خائف وخجل من تقصيره هي أرجى في المغفرة من صغيرة يُصرُ الإنسان
عليها ولا يبالي بها مع علمه أنها لا ترضي الله كما بين ذلك علماء الأمة.
ومن أمثلة هذا الإصرار على الصغائر.. ما يحدث من تهاون الناس في رؤية النساء
في القنوات وفي المجلات وغيرها ، فلقد نام الناس على مثل هذه المعصية وكأنها
ليست معصية ويتبع هذه المعصية ما يلحق بها من بيع المحلات للوسائل التي تساعد
الناس على الوقوع في هذا المنكر مثل بيع المجلات أو غير ذلك.
لذلك من المهم أن يقوم الدعاة بالتركيز على تبيين خطر الصغائر للناس مع ضرورة
ضرب الأمثلة على بعض هذه الصغائر التي أصبح الناس يصرون عليها بدون مبالاة
بحكم الله فيها لأنهم قد يكونون في بعض الأحيان لا يدركون أصلاً أنها لا
تجوز.
ثالثاً: استغلال مواسم الخير:ـ
لوحظ على الكثير من الوعاظ وخطباء
المساجد أنهم يركزون في بعض مواسم الخير مثل عشر ذي الحجة وغيرها على دعوة
الناس إلى الاستزادة من النوافل وفضائل الأعمال أكثر من تذكيرهم بقضية التوبة
من الذنوب مع أنه كما لا يخفى عليك أن أحب ما يتقرب به العبد إلى الله هو
الإلتزام بالفرائض التي فرضها الله سبحانه ، سواءً كانت أمراً أو نهياً ،
وهذه الحقيقة من الأمور المعروفة شرعاً وتتضح في قوله تعالى في الحديث القدسي
الذي روي في صحيح البخاري: [وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته
عليه... ].
ولا يخفى عليك يا أخي أن المشكلة الأساسية في واقع المسلمين اليوم ليست
تقصيرهم في النوافل ولكنها في تضييعهم للكثير من أوامر الله وعدم التزامهم
بها.
هذا بالإضافة إلى أنه مما لا شك فيه أن التزام الإنسان بالفرائض يدفعه ويجعله
بإذن الله يجد في عمل النوافل ، ويهتم بها ويداوم على أدائها وبالعكس ؛ فإن
تضييع الإنسان للفرائض يجعله أميل إلى التساهل في النوافل.
ولا شك أن اهتمام الوعاظ بموضوع التوبة في هذه المواسم سيكون له بإذن الله
أثر عظيم على الدعوة إلى الله.
وصلى الله على نبينا محمد
د.مهدي قاضي
الرجاء إرسال هذا الموضوع لمن يستفيد منه من الخطباء والدعاة