طبعا هذه كلمات كتبتها وأنا أشعر أن
الكثير منا قد يدور في مخيلته وخاطره مثلها .. خاصة وأن هناك من رق قلبه
ودينه فاجتاحه الضعف في الإيمان والتدين عامة بعد الانفتاح الهائل والغير
طبيعي على العالم ، وذلك من خلال وسائل متعددة ومتجددة تنهال على المسلمين
يوما بعد يوم .. والتي من خلالها اختل التوازن عند بعضنا وخاصة ما يتعلق
بالسيطرة على النفس التي أصبحت تقود بدلا من أن تقاد .. !
أنّات ملتزم ..
التزامي أين
أنت ... ؟!
أين أنت .. ؟! هل تسمعني .. ؟ أناديك
بأعلى صوتي أطلب منك أن تعود .. وتعود بسرعة .. يا من أحن لقربه مني .. وآسى
لفقده ..
أناديك لأخبرك عن حالي بعدك .. وما صارت إليه بعد رشاد ... أناديك لأذكرك
وأسلي نفسي بتلك الذكرى ..
فإن كنت تسمع فأجب ولا تتأخر فالهموم تعصف بي مذ بعدت عني .. فلقد ضعت في
نفسي وحرت معها وقادتني إلى المهالك بدلا من اقودها إلى الخير ..
أناديك لاطلعك فترى بنفسك ما حدث لي .. اناديك لأذكرك وأقول لك ..
هل تذكر .. ؟
هل تذكر ذاك التبكير إلى الصلاة
والمسابقة على الصف الأول .. ؟ بل ومسابقتي للمؤذن لأدخل قبله إلى المسجد ..
؟ هل تذكر ذلك الحرص .. ؟!
صار تخلفا وتضييعا .. نعم أصبحت من الذين تمر عليهم الأيام والأسابيع ولم
يدركوا تكبيرة الإحرام .. ! ولا أخفيك ان قلت لك انه لا يمر يوم إلا وأصلي
صلاة أو صلاتين في البيت لفواتهما علي جماعة في المسجد .. !!
هل تذكر .. ؟
هل تذكر محافظتي على السنن الرواتب ..
؟ تلك السنن التي دائما ماكنت أردد ذلك الحديث العظيم الذي يبين فضلها وعظم
ثوابها .. وهو أن الله يبني - لمن صلى في اليوم ثنتي عشرة ركعة - بيتا في
الجنة .. صدقني أنها ذهبت وأصبحت علي أثقل من الجبال .. !! بل حتى الخشوع في
الصلاة عامة لا أجد له طعما ولا أجد له مكانا في قلبي .. وأصبح همي في الصلاة
متى ينتهي الإمام منها ومتى أخرج من المسجد .. ؟!! حتى الذكر بعد تلك الصلوات
ذاب مع تضييعها وإهمالها .. !
هل تذكر .. ؟
هل تذكر تلك السجدات التي أختلي بها
في ظلمة الليل .. ؟ والتي كنت معك منتظما في آدائها وعدم تركها مهما كانت
الأحوال .. أقسم لك أنني أفتقدها منذ زمن .. أفتقدها وأجد صعوبة شديدة في
العود إليها .. !! بل لا أجد في نفسي أي إقبال عليها .. !
هل تذكر .. ؟
هل تذكر أُنسي بكتاب الله في كل وقت
.. ؟ والذي كنت أحفظ الكثير منه خاصة بعد صلاة العصر .. يوم أن كنت لا أخرج
من المسجد إلا بعد القراءة والحفظ والمراجعة .. ! لقد ابتعدت عنه أميالاً
وضاع الكثير مما كنت أحفظ منه .. ! وأصبحت تمر الأيام والأسابيع وأنا لم أقر
في كتاب الله .. !
هل تذكر .. ؟
هل تذكر أيها البعيد يوم أن كنت أسير
وأنا مطأطأ الرأس .. خشية أن يقع بصري على شيء محرم .. أتذكر ذلك .. ؟! لقد
ذهبت تلك الخشية .. ! وأصبحت أقلب بصري في المحرمات وأصر على ذلك دون أن أجد
في نفسي ألما أو مجرد إحساس في الألم .. !
هل تذكر .. ؟
هل تذكر تمعر وجهي عند رؤية المنكر ..
وسعيي من أجل إنكاره .. ؟ ذهب ذلك الإنكار وأصبحت لا أفرق أحيانا بين المنكر
والمعروف .. !! ولا أخفيك إن قلت لك انني قد أجلس في المجالس التي تعج ببعض
المنكرات .. !
التزامي الحبيب ..
لم تركتني هكذا لوحدي .. !؟ لم ابتعدت
عني ؟ أقسم لك أنني أشعر بخوف وقلق ، ولا آمن على نفسي من الوقوع في المعصية
.. حتى السمع والكلام اللذين كنت أنعم معك بحفظهما من الخطأ ، امتلأ كل منهما
بالمعصية .. ! لدرجة أنه أصبح من الطبيعي عندي أن أجلس في مكان عامر بالغيبة
والنميمة .. !
التزامي ..
هل بالإمكان أن تعود إلي .. ؟!! هل
بالإمكان أن تساهم في دعوتي إلى الخير وعودة مافقدت بسبب بعدك من لذة العباد
والأنس بالله .. ؟! هل بالإمكان أن تعينني على نفسي المقصرة .. ؟ ناشدتك الله
إلا عدت ..
عُد لنتعاون أنا وأنت على الطاعة وهجر المعصية ..
عُد ليعود إلي خشوعي وأنسي بخلوتي بربي ..
عُد ليعود إلي حفظي لبصري وسمعي وجوارحي عن المحرمات ..
عُد فمرارة فقدك أفسدت علي طعم الحياة ..
عُد قبل أن يحول بيني وبينك الموت ..
عُد فقد جربت نفسي بدونك فوجدت نفسي أسبح في متاهات الضلال ..
عُد فصنوف الشر والفساد تبرق لي في كل مكان ..
أيه الحبيب الغائب .. أتعلم ماذا أخاف
؟
أخاف أن تكون ضيعت الطريق إلي ..
حينها أعض على أصابع الندم وأقطع كل شيء في هذه الحياة إلا بالله الذي يحي
الأرض بعد موتها .. ويبعث لها الحياة من جديد ..
أخشى أن يرفض قلبي استقبالك من جديد بسبب بعده عن الله وعن مواطن الخير ..
قاتل الله النت كم فرقت بيني وبينك ..
؟ كم سلبت عقلي وجوارحي عنك .. ؟ كم
أنستني العلاقة الوثيقة التي كانت بيني وبينك ؟ قاتل الله النت فلم أشعر
بنفسي إلا وأنا بلا التزام !! لم أشعر بنفسي إلا وأنا بعيدا عن أسباب الخير
!! قاتل الله النت فكم قسى قلبي بسببها وكم ضعفت أمامها وأمام مغريتها ؟!
قاتل الله النت فكم أخذت وقتي واحتلت أكبر مساحة من فراغي .. !
التزامي ..
صدقني أنني اذكر ذلك الكلام الذي قلت
لي فيه - عندما دخلت النت - أنت لن تصمد أمامها .. أذكر تلك الكلمة ولازال
صداها يتردد .. لكن مع الأسف كنت أظن نفسي أقوى من تحدياتها فما لبثت أن فشلت
أمامها ورسبت في امتحان الصمود .. ! كنت أعتقد أنني بلغت درجة التأثير في
الغير دون التأثر في النفس .. لكن مع الأسف خاب اعتقادي .. ! ولا حول ولا قوة
إلا بالله ..
فمن يساعد مكلوما فقد عزيزا على قلبه اسمه الإلتزام !؟ من يدلني على الطريق
إلى هذا الإلتزام إن أبى أن يعود ! اللهم يا من جمعت يوسف بيعقوب ، اجمعني
وكل مسلم بالتزامه وأصلح ما فسد من قلوبنا وسددنا في القول ولعمل ..
جلال المصلح
كان يا مكان .. كان فيه شاب ملتزم .. في
عصر ما قبل الإنترنت !!
هل أنت ملتزم ؟!