الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فهذه كلمات مختصرة حول
السحر وما يتعلق به من أحكام وتنبيهات :
تعريف السحر :
عبارة عما خفي ولطف سببه . وهو : "عقد ورقى وأدوية وتدخينات ، وكلام
يتكلم به أو يكتبه ، له حقيقة وتأثير في بدن المسحور أو قلبه أو عقله .
وتأثيره بإذن الله الكوني القدري ".
حكم السحر وحكم تعلمه :
السحر محرم في جميع شرائع الرسل عليهم السلام ، وهو أحد نواقض الإسلام
، قال تعالى : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ
حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ )
(البقرة:102) .
وفي الحديث : قال صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا السبع الموبقات ... ) وذكر
منها ( السحر ) رواه البخاري ومسلم .
حكم الساحر :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( أكثر العلماء على أن الساحر
كافر ، يجب قتله ، وقد ثبت قتل الساحر عن عمر وعثمان وحفصة .... رضي الله
عنهم ) مجموع فتاوى ابن تيمية 29/384
حكم توبة الساحر :
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : ( التوبة فيما بينه وبين الله
صحيحة إن كان صادقا تنفعه عند الله أما في الحكم الشرعي فيقتل ) مجموع فتاوى
الشيخ ابن باز رحمه الله 8/111
حكم الذهاب إلي السحرة والمشعوذين :
الحالة الأولى : أن يكون مصدقا لهم ،
معتبرا قولهم فهذا كفر : قال صلى الله عليه وسلم :( من أتى كاهنا أو عرافا
فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) . رواه أحمد والحاكم وصححه
الألباني في صحيح الجامع (5939) .
الحالة الثانية : من ذهب إليهم ولم يكن مصدقا
بما يقولون فقد أتى كبيرة من الكبائر ، ولا تقبل له صلاة أربعين يوما ، مع
وجوبها عليه ، وعليه أن يتوب من عمله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من أتى
عرافا فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ). رواه مسلم .
حكم حل السحر عن المسحور :
إن كان بسحر مثله فهذا محرم ، وإن كان بالرقية والأدوية الشرعية فهذا
جائز . انظر فتح المجيد 264
واجب المسلم تجاه السحرة والمشعوذين :
الحذر منهم ، وعدم إتيانهم وسؤالهم ، وعدم تصديقهم ، وعدم الاستعانة
بهم ، والتحرز من كيدهم ومكرهم بالأوراد الشرعية ، والتحذير منهم والإبلاغ
عنهم . ودحرهم ، وبيان حقيقة أمرهم وضلالهم .
طرق الوقاية والعلاج .
1- تجديد الإيمان بالله والإخلاص له ، والتوكل عليه . وكثرة ذكره .
والتوجه له بالدعاء والابتهال والمناجاة . فهو وحده كاشف الضر سبحانه .
2- الإكثار من قراءة القرآن الكريم عموما قال
تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ
شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا
خَسَاراً ) (الإسراء:82) .
3- قراءة سورة الفاتحة ، وتكرارها. ففي الحديث
: ( وما يدريك أنها رقية ) متفق عليه . ( بعد الوقوع )
4- قراءة سورة البقرة . في الحديث : ( اقرأوا
سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة ) رواه مسلم . (
البطلة هم السحرة ) .
5- قراءة آية الكرسي . في الحديث : ( إذا أويت
إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( اللَّهُ لا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم) (البقرة:255) . حتى تختم الآية فإنك
لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ) رواه البخاري.
6- قراءة آخر آيتين من سورة البقرة ( 285- 286)
ففي الحديث : ( من قرأهما في ليلة كفتاه ) رواه البخاري ومسلم . معنى كفتاه :
أي كفتاه من كل سوء .
7- قراءة ( قُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
الْفَلَقِ) و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
) . ثلاث مرات .
في الحديث : ( اقرأ : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) والمعوذتين حين تمسي وحين
تصبح ثلاث مرات تكفيك كل شيء) صحيح الجامع ( 4406) .
8- الرقية الشرعية بضوابطها ، في الحديث:( لا
بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك ) رواه مسلم .
9- المحافظة على الصلاة في وقتها ، والمحافظة
على أذكار الصباح والمساء .
10- امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه .
والمبادرة بالتوبة النصوح .
11- تطهير البيوت من الصلبان والتماثيل ،
والصور ذوات الأرواح ، وجميع المنكرات .
12- التصبح بسبع تمرات عجوة – نوع من تمر
المدينة - في الحديث : ( من تصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا
سحر) متفق عليه . قال الشيخ ابن باز رحمه الله :" ويرجى أن الله ينفع ببقية
التمر إذا تصبح بسبع تمرات " . فتاوى الشيخ ابن باز 8/109
13- شرب ماء زمزم والاغتسال به،في الحديث:(
إنها مباركة ، هي طعام طُعم وشفاء سُقم ) صحيح الجامع 2435- وفي الحديث الآخر
: ( ماء زمزم لما شرب له ) صحيح الجامع (5502 )
14- استخدام الحبة السوداء في الحديث: ( في
الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام ) متفق عليه . (والسام الموت ) .
15- البحث عما فعله الساحر وإتلافه ، وبذلك
يبطل السحر بإذن الله تعالى . انظر مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله
8/114 .
16- أخذ سبع ورقات من السدر الأخضر ودقها بحجر
أو نحوه ، ثم تجعل في إناء ويصب عليها الماء ما يكفي ، ويـقرأ عليها الأوراد
الشرعية ، ثم يشرب منه ويغتسل به . انظر مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله
- 8/165 -
تنبيهات مهمة :
* اعلم
أنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك ، قال تعالى : ( قُلْ
لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (التوبة:51)
* يسن للمسلم
إذا أصيب بمصيبة في نفسه أو غير ذلك أن يقول : ( إنا
لله وإنا إليه راجعون ) .
* ما يصيب
المسلم هو بسبب ذنوبه وبعده عن ربه تعالى : ( وَمَا
أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ
كَثِيرٍ)(الشورى:30) . وقد يكون امتحانا وابتلاء وتمحيصا للذنوب .
* إن الشفاء
بيد الله تعالى وهو الشافي وحده . قال تعالى: (وَإِذَا
مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء:80)
* يستحب للمسلم
رقية نفسه ؛ لما في ذلك من شدة التعلق بالله والالتجاء إليه .
* قد تجتمع
أسباب العلاج لكن لا يلزم وقوع الشفاء ؛ لأن فوق كل هذه الأسباب إرادة الله
تعالى فهو المسبب . وإذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون .
* إن المسلم قد
يصاب بشئ من ذلك مع تحصنه ، وخصوصا عند الغضب .
* الصبر
والاحتساب من أهم أسباب الشفاء بإذن الله تعالى .
* ينبغي التنبه
لمخاطر العمالة الوافدة ، من خدم وسائقين ونحوهم ، والاستغناء عنهم ما أمكن .
* يسن للمسلم
تعويذ أولاده ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يعوذ الحسن والحسين ويقول: (أعيذكما
بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ) رواه البخاري .
* لا يجوز
للمسلم إيذاء أخيه المسلم ، والذهاب لمن يؤذيه أو يتسبب في أذيته .
* ضوابط الرقية
الشرعية : أن تكون من القرآن الكريم أو من السنة ، وأن تكون واضحة وخالية من
الطلاسم والتمتمات .
* مما يميز
السحرة والمشعوذين أنهم : يسألون عن اسم المريض واسم أمه ، كتابة بعض الطلاسم
، والتمتمة بكلام لا يفهم ، وأمر المريض ببعض المحرمات والشركيات .....
* من أَلَـمَّ
بشئ من المحرمات عليه المبادرة بالتوبة النصوح ، والعزم على عدم العَود ، مع
الندم على ما سبق ، وكثرة الاستغفار والابتهال إلى الله وسؤاله قبول التوبة .
والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم