كفى جريا وراء السراب معاشر الأخيار

 
اكتب هذا الموضوع وأنا أتحسر وأتألم على حالنا اعني حال بعض من يظهر عليهم الخير والمنتسبين إلى الصحوة ، فقد جعل بعضهم من نفسه موطن شماتة للعلمانيين وغيرهم فيما يتعلق بعدد من القضايا وآخرها حرب العراق ...
ومن أسباب ومظاهر هذا أمور أبرزها /

1- الانسياق العاطفي الجارف ومغالطة الواقع
فهناك فرق كبير بين ما يريده الشخص وبين ما هو حاصل وكائن ، فكل مسلم يريد هزيمة الكافرين ودحرهم وردهم على أعقابهم ولكن هذا لا يحصل بالتمنى ولا بنشر وتضخيم أخبار انتصارات غير واقعية او نشر أخبار اتصالات قد لا تكون دقيقة او حقيقية ولا بالسعي وراء افتراضات وتحليلات غير منطقية .
والمشكلة ان بعضهم يكابر الواقع وكأنه يعيش في دنيا الأحلام ويتحدث عن نصر قادم وعن معركة حاسمة قريبة وعن وعن .... في حين ان العدو قد تحقق له النصر التام او هو قريب منه .
بل ان العدو حتى مع انتصاره يتعامل مع الأمور بعقلانية ولا يتسرع بل ويحذر من الإفراط في التفاؤل وهو الأمر الذي كان حريا بالمسلمين عامّة وأهل الخير خاصة ان يفعلوه
والعاطفة والحماس الذي ليس على وجهه وضعف التخطيط أدت وتؤدي بالأمة إلى واقع محزن والى مآس مؤلمة

وتأملوا في مواقف كثيرة من سيرة نبينا وقدوتنا وهو أشجع الناس واتقاهم وكيف انه كان يتعامل مع المواقف والأحداث بشكل مناسب وبواقعية وتعقل لا بانفعال وعاطفة ، فمن ذلك موقفه في غزوة الخندق لما تجمع الأحزاب على المدينة حيث قام وهو أكرم الخلق على الله ومعه أفضل الأمة وأكثرهم إيمانا بالتعامل مع الأمر بواقعية واتخاذ انسب الوسائل لمواجهة ذلك العدو الذي لا مقارنة بينهم وبينه فلم يواجهوه مباشرة بل قاموا بحفر خندق يقيهم شره ، وأراد تأمين جانب المدينة الآخر عن طريق مصالحة اليهود بنصف ما يخرج من ثمارها .
فما عسى الحماسيون والعاطفيون ان يقولوا في هذا وأمثاله من المواقف التي تدل على أهمية التعامل مع الأمور بواقعية وعقلانية واختيار انسب الحلول المتاحة والبعد عن الزج بالمسلمين في المهالك وفيما لا تحمد عقباه ؟.
وهذا ما يجعلنا ندعو الأخيار ومحبي الجهاد وأهل الغيرة والدين ان يراجعوا أنفسهم ويفكروا كثيرا قبل الزج بالمسلمين في أمور لا تحمد عقباها او و لا فائدة معتبرة للإسلام والمسلمين منها .
ومما هو جدير بالتفكير وإعادة النظر ما حصل ويحصل من قيام عشرات او مئات الأشخاص ممن لا خبرة لكثير منهم في الحرب او القتال بالتوجه لقتال عدو لا مجال للمقارنة معه ولا لمقارعته ، ونقول لهؤلاء الأخيار ولمن يشجعهم على ذلك : أي فائدة في ذلك واي نكاية تحصل بالعدو من هذا الأمر ؟
والمؤسف ان نهاية المطاف لبعض هؤلاء الأخيار الغيورين على دينهم ان يقعوا فريسة سهلة في يد عدوهم ليتفنن في تعذيبهم وإذلالهم .
ونقول لهم أخيرا : أليس ادخار هذه الطاقات المؤمنة التقية وجعلها عدة وذخرا للأمة لينصروا الأمة خير من عمل هذه نتيجته ؟

2- التشبث بالقش وخيوط العنكبوت في تحقيق نصر مزعوم موهوم
وهذا ما لوحظ بوضوح في الحرب على العراق فالطاغية البعثي وأتباعه صار في نظر فئة من الأخيار حقيقا بأن يدحر الغزاة ويحطمهم ويرد عبّاد الصليب على أعقابهم ، وذكر بعضهم انه السفياني الوارد في بعض الأحاديث ، وذكر بعضهم انه بدأت على يديه صحوة أسلامية !! وصارت الآمال تعلق عليه و كلمات وزير إعلامه تشنف الآذان بتحقيق نصر مزعوم موهوم ...

وأقول ألهذه الدرجة وصل الحال ببعضنا ان نتوقع ان نصر الإسلام يأتي من اكبر أعداءه ، وهل يعقل ن ينتصر الإسلام عن طريق حزب شعاره

آمنت بالبعث ربا لاشريك له *** وبالعروبة دينا ماله ثاني

افهذا يستحق ان تعلق عليه الآمال او تراق الدماء من اجله او ان يدافع عنه او تلتمس له الأعذار ؟

3- ضيق الأفق وقصر النظر والبعد عن قراءة الواقع
وهذا يظهر جليا من خلال ما تسمعه من آراء بعض الاخوة او كتاباتهم مثل سينتصر العراق لا محالة ! وهناك مفاجاءات ! والانسحاب من مدينة كذا تكتيكي ! ولا يمكن الوصول الى مدينة كذا وووو
ولو نظر الشخص الى الأمور بتجرد وواقعية لا تضح له بجلاء ان الأمر محسوم وان ذلك النظام سيزول لامحالة وذلك من خلال التفوق العددي والتقني والتخطيطي والنفسي ، بل لو اكتفت القوات الصليبية بحصار المدن وقطع الإمدادات عنها مع قصفها جوا لكان ذلك كفيلا بالقضاء على ذلك النظام وانهياره

4- التعويل والاشتغال بما لا ينبغي الاشتغال به من الرؤى والأحلام
وهذا ما عانينا منه كثيرا وصرنا بسببه مثار شماتة الشامتين وهو مخالف لما ينبغي ان يكون عليه حال المسلمين ، فليست الرؤى والأحلام أمورا يعتمد عليها في دين او دنيا ، كما ان تأويلاتها ظنية ، بل كثيرا ما تكون من أضغاث الأحلام او حديث النفس ، ولذا فانه لا ينبغي نشرها والتعويل عليها والجزم بها واعتبارها مستندا تؤيد به الآراء او تصاغ وفقه مجريات المستقبل او امرا يراهن عليه ..

5- الجهل او نسيان سنن الله الكونية والشرعية
فالسنن الكونية والشرعية جعلها الله جارية دائما ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) والذي يغفل او يتغافل عن تلك السنن في وهم وجهل وضلال
فمن السنن الجارية ان القوي يغلب الضعيف ان لم يسند الضعيف قوة اقوى من قوة ذلك القوي ...
ومن ذلك ان من يريد نصر الله لابد ان ينصر دين الله وشرعه ونصر دين الله وشرعه يقتضي اتباع ما فيه ومما فيه اعداد ما يستطاع من القوة لمواجهة العدو، والتعامل مع الأحداث والأحوال بواقعية وبتخطيط مناسب وغير ذلك من أوامر الشرع الحكيم

وكل هذه الأمور يجب تجنبها والابتعاد عنها لانها مخالفة لما ينبغي ان يكون عليه المؤمن من الكياسة والفطنة ، وهي وان حصلت من بعض المنتسبين الى الخير الا ان هذا لا يعني انها واقعة من قبلهم جميعا بل الاكثرون فيما نحسب على خلاف ذلك زادنا الله وإياهم من الفقه والبصيرة ، والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد

المؤتمن
منتدى التحرير