كعادتهم الكريهة في اختراع الأسماء البراقة لإرهابهم المنظم، قامت الطغمة
اليهودية بتسمية جرائمهم في إعادة احتلال الأرض الفلسطينية باسم " السور
الواقي" إمعاناً في الخداع والتضليل .
ومن قبلهم سمّى الأمريكان حربهم الأخيرة " النسر النبيل " والنسر عادةً
مايحوم حول الجِيَف .
ولست أرى فرقاً. فالحرب الإسرائيلية هي امتداد للحرب الأمريكية ، أو بعبارة
أدقّ: فاليهود يخوضون هذه الحرب نيابة عن الأمريكان، إذ إن المحطة الثانية
للحرب على الإرهاب ـ زعموا ـ هي القضاء على المقاومة الفلسطينية واستئصالها،
والقضاء على السلطة، وربما إعادة الإدارة المحلية المباشرة.
وهذه الحرب وإرهاصاتها كشفت عن خطورة جادة، إنهم لايفرقون بين أحد وأحد،
فالكل هدف لهم، وهم لايقبلون التنازلات الجزئية، لايقبلون إلا " العمالة ".
وكانت مشاهد القتل والدمار المروع، التي سجلتها عدسات المصورين، ونقلتها
وسائل الإعلام شيئاً بشعاً يفوق الاحتمال ، فضلاً عن الشهادات المحايدة،
كشهادة وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وغيرها ...
وصار الناس يصحون وينامون على كوابيس من هذا الرعب الممزوج بالإحباط ومشاعر
القهر والحنق.
لايأخذهم عن هذا إلا خبر عملية استشهادية تعيد شيئاً من توازن الرعب!
ويبدو أن الأمريكان يرون تشابها بين هذه العمليات -التي هدفها التحرير- وبين
العمليات التي استهدفتهم في 11 سبتمبر .
وإذا كان المقصود التشابه في الأسلوب فهم أول من نفذه خلال حربهم الأهلية، ثم
استخدم ضدهم في الحرب العالمية الثانية بما يسمى عمليات " الكاميكاز " .
وأساليب الحرب فنون وضروب، والمهم هو عدالة الحرب وأخلاقيتها.
وليس غريباً أن يوقع ستون مثقفاً أمريكياً يمينياً على وثيقة " من أجل ماذا
نقاتل؟ " التي تشرّع للحرب على الإرهاب ـ زعموا ـ وتعدها حرباً أخلاقيةً ،
وقد قام موقع ( الإسلام اليوم ) بترجمتها في أول صدورها، وثمة تحضير جيد لنقض
هذه الوثيقة التي أعدها " مركز القيم "، وإنما القصد –الآن- الإشارة إلى
عدالة الحرب الرامية إلى تحرير الأرض، وطرد العدو المحتل الغاصب.
ولا يوجد -حتى في تعريفهم للإرهاب- ما يدين هذه الحرب، أو يصادر حق الشعوب في
الدفاع ورفض الاستعمار والاستيطان، ولكنها دعاوى الأقوياء التي لا تطلب
دليلاً .
وقد التقيت قبل أيام مندوباً لصحيفة " وول ستريت جورنال " وهي واحدة من أشهر
ثلاث صحف أمريكية، فكان يقول: لاتوجد قيم ولا أخلاق، وإنما هي القوة، والقوة
وحدها، ومنذ خمسة الآف سنة، والقوي يفرض مايريد، وكلما أمعن في القوة كسب
أكثر، فالأمريكان حين استأصلوا الهنود الحمر، والإنجليز حين استأصلوا سكان
استراليا الأصليين نجحوا في حسم المعركة.
بينما البِيْض في جنوب أفريقيا -لأنهم كانوا أرحم ولم يستأصلوهم بالكلية-
انقلبوا عليهم وانتصروا في النهاية!
وبالأمس انفضَّ مؤتمر تابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في " كوالالمبور " وكان
أفضل نجاح حققه هو الفشل في تحديد تعريف دقيق للإرهاب!!
والحرب العادلة في القرآن الكريم ضروب منها :
1- قتال الذين يقاتلوننا .
2- القتال لحماية المستضعفين .
3- قتال الذين أخرجونا من ديارنا وأموالنا بغير حق .
وكل هذا متحقق في عدوان ما يسمى بإسرائيل على الفلسطينيين بل على العرب
والمسلمين.
ومن هنا جاء السجال حول العمليات الاستشهادية التي تكاد تكون هي الحيلة
العسكرية الوحيدة الباقية في أيدي المستضعفين، ومن هنا كثر الحديث والجدل حول
هذه العمليات الاستشهادية وأقيمت ندوات وحوارات وكتبت مقالات وطبعت نشرات ...
مابين مؤيد ومعارض ومتحمس ومندفع ومتحفظ ومتردد ، ودارت تساؤلات حول العديد
من مفردات هذه المسألة وتفصيلاتها، فمثلاً :
ما الحكم في هذه المسألة على ضوء
الكتاب والسنة ، وأقوال سلف الأمة -رحمهم الله تعالى-؟
ما حدود ومجال تنفيذها ؟ بمعنى: هل
تكون ضد الكفار في بلادهم فقط، أو تكون ضدهم خارج حدودهم في بلاد لهم نفوذ
ومصالح فيها؟
هل تقام ضد الأهداف العسكرية فقط، أو على كل مايؤثر على العدو؟
ما حد الإثخان فيها ..فإذا كان المقصود بهذه العملية رجل واحد، ولكنه مهم
بالنسبة للعدو كأن يكون قائداً كبيراً مثلاًً أو بارجةً ...بخلاف لو كان
الهدف عدداً كبيراً من العامة أو الأشياء التي لاتشكل أهمية للعدو فما
المقياس في ذلك؟
هل يشترط إذْنُ الوالدين فيها إذاكانت جائزة شرعاً؟
هل تجوز في بلاد المسلمين ضد غيرهم؟
هل من يقوم بها يُعَدُّ شهيداً أو منتحراً؟ وهل ندعو له ونترحَّم عليه؟
ما الاسم الشرعي والصحيح لها؟
والعمليات الاستشهادية – كما يسميها من يسوغها شرعاً - من المسائل الحادثة
التي لم أجد -بعد البحث والتردد- نصاً عليها في كتب الفقهاء المتقدمين؛ وذلك
لأنها من أنماط المقاومة الحديثة التى طرأت بعد ظهور المتفجرات وتقدُّم
تقنيتها.
وهي -في الغالب- جزء مما يسمى "حرب العصابات" التى تقوم بها مجموعات فدائية
سريعة الحركة، وقد برزت أهمية مثل هذا اللون من المقاومة في الحرب الأهلية
الأمريكية، وفي الحرب العالمية الثانية وما بعدها، وصارت جزءاً من نظام
الحروب الذي يدرس في المعاهد والأكاديميات الحربية.
وقد احتاج إليها المسلمون في الحياة
المعاصرة على وجه الخصوص؛ لأسباب عديدة:
1-
منها ماجُبِلوا عليه من الفدائية والتضحية وحبِّ الاستشهاد، ورخص الحياة
عليهم إذا كانت ذليلة، فالموت العزيز لديهم خير من الحياة الذليلة.
فيـاربِّ إن حـــــــــانت وفاتي فلا تكن *** على شَرْجَــــعٍ يُعْلى بخضر
المطارف
ولكن أَحِـــــنْ يومي شــــــهيداً بعصبة *** يـــــصابون في فجٍّ من الأرض
خائف
عصـــــــــــــائبُ من شيبان ألف بينهم *** تقى الله ... نزالون عــــــــند
التزاحف
إذا فارقوا دنـــــــــــــياهم فارقوا الأذى ***وصاروا إلى موعود ما في
المصاحف
2-
ومنها مايتعرضون له في عدد من بلادهم من سطوة أعدائهم وجراءتهم عليهم؛ نظراً
لتخلفهم العلمي والتقني والحضاري، وتفوق أعدائهم في هذا المضمار، فصارت بعض
البلاد الإسلامية كلأً مباحاً للمستعمرين والمحتلين، وهذا مانشاهده في أرض
فلسطين المباركة، وفي كشمير، وفي أرض الشيشان، ومن قبلُ في أفغانستان.
3-
ومنها ضيق الخيارات لديهم، فإن من عوامل قوة الإنسان أن تعدم الخيارات لديه
أو تقل، وبهذا تطيب له الحياة؛ لأنه لا شيء لديه يخسره، وهذا يمنحه طاقة
جديدة، ولهذا كانت نهاية الخسارة بداية الربح.
وبمراجعة الحالات المشابهة في النصوص
الشرعية، و الوقائع التاريخية نجد مايمكن الاستئناس به في أمر هذه المسألة :
1-
ففي مصنف ابن أبي شيبة عن محمد بن إسحاق ( وهو صدوق مدلِّس ) عن عاصم بن محمد
بن قتادة قال: قال معاذ بن عفراء: يا رسول الله، مايضحك الربَّ من عبده؟ قال:
غمسه يده في العدو حاسراً. قال: فألقى درعاً كانت عليه، فقاتل حتى قتل.
وصححه ابن حزم في المحلى (7/294)
وذكره الطبري في تاريخه (2/33) عن عوف بن الحارث، وهو ابن عفراء، وهكذا في
سيرة ابن هشام (3/175).
2-
وقد روى ابن حزم في المحلى (نفسه) عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت رجلاً سأل
البراء بن عازب: أرأيت لو أن رجلاً حمل على الكتيبة، وهم ألف، ألقى بيده إلى
التهلكة؟ قال البراء: لا، ولكن التهلكة أن يصيب الرجل الذَّنْب فيلقي بيده،
ويقول: لا توبة لي .
قال: ولم ينكر أبو أيوب الأنصاري، ولا أبو موسى الأشعري أن يحمل الرجل وحده
على العسكر الجرار، ويثبت حتى يقتل.
3-
وقصة أبي أيوب في القسطنطينية معروفة مشهورة، وفيها أن رجلاً من المسلمين حمل
على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس، وقالوا: سبحان الله! يلقي بيديه إلى
التهلكة؟ فقام أبو أيوب. فقال: أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا
التأويل إنما نزلت فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه فقال
بعضنا لبعض سراً، دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أموالنا ضاعت، وإن
الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ماضاع منها
فأنزل الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- الآية …إلى آخر الحديث .
وهو في سنن الترمذي (2898) وقال : حسن صحيح غريب .
ورواه أبو داود (2151).
4-
كما روى أهل السير، وابن المبارك في كتاب الجهاد (1/134) قصة البراء بن مالك
وإلقاءه نفسه بين المرتدين من بني حنيفة .
وفي بعض المصادر كالسير (1/196) وغيرها أنه أمر أصحابه أن يحملوه على ترسٍ
على أَسِنَّة رماحهم ويلقوه في الحديقة، فاقتحم إليهم، وشد عليهم، وقاتل حتى
افتتح باب الحديقة، وجرح يومئذٍ بضعةً وثمانين جرحا، وأقام عليه خالد بن
الوليد –يومئذٍ- شخصاً يداوي جراحه.
ونحو هذا في ثقات ابن حبان ( 2/175 ) و تاريخ الطبري (2/281) و غيرهما .
وقريب منه قصة البراء -رضي الله عنه- بتستر .
5-
وروى أحمد عن أبي إسحاق، قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين، أهو ممن ألقى
بيده إلى التهلكة؟ قال: لا؛ لأن الله -عز وجل- بعث رسول الله –صلى الله عليه
وسلم- فقال: (فقاتل في سبيل الله لا تُكَلَّفُ إلا نفسك)إنما ذاك في النفقة .
6-
وقد جاء في صحيح مسلم -رحمه الله- من حديث صهيب الطويل المعروف، قول الغلام ـ
الذي عجزوا عن قتله ـ للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك، قال: وماهو؟
قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم
ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت
ذلك قتلتني … الحديث، وفيه أن الملك فعل ما أمره به، فمات الغلام، فقال
الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام .. الحديث.
والحديث في المسند (22805) وغيره.
فهذا الغلام قد أرشد الملكَ إلى الطريقة التي يتحقق بها قتله، ثم نفذها
الملكُ، وتحقق بها ما رمى إليه الغلام من المصلحة العظيمة العامة من إيمان
الناس كُلِّهم بالله بعدما بلغهم خبره، وما أجرى الله له من الكرامة.
7-
وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: ( الذين يلقون في الصف الأول
فلا يلفتون وجوهم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، ويضحك
إليهم ربك، إن ربك إذا ضحك إلى قومٍ فلا حساب عليهم).
رواه ابن أبي شيبة (4/569) و الطبراني، وأبو يعلى، وابن المبارك في الجهاد،
وأبو نعيم في الحلية وغيرهم. وقال المنذري: رواته ثقات .
8-
كما روى ابن أبي شيبة عن مدرك بن عوف الأحمسي قال: كنت عند عمر -رضي الله
عنه- فقال….وفيه: يا أمير المؤمنين، ورجل شرى نفسه، فقال مدرك بن عوف: ذاك
والله خالي يا أمير المؤمنين، زعم الناس أنه ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر:
كذب أولئك، ولكنه ممن اشترى الآخرة بالدنيا.
9-
وقال محمد بن الحسن الشيباني في السير (1/163): أما من حمل على العدو فهو
يسعى في إعزاز الدين، ويتعرض للشهادة التي يستفيد بها الحياة الأبدية، فكيف
يكون ملقياً نفسه إلى التهلكة؟ ثم قال: لابأس بأن يحمل الرجل وحده، وإن ظن
أنه يقتل، إذا كان يرى أنه يصنع شيئاً، فيقتل أو يجرح أويهزم، فقد فعل ذلك
جماعة من الصحابة بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد، ومدحهم
على ذلك، وقيل لأبي هريرة: ألم تر أن سعد بن هشام لما التقى الصفان حمل فقاتل
حتى قتل، وألقى بيده إلى التهلكة، فقال: كلا، ولكنه تأوّل آيةً في كتاب الله
(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله(فأما إن كان يعلم أنه لا ينكي
فيهم، فإنه لا يحلُّ له أن يحملَ عليهم؛ لأنه لا يحصل بحملته شيء مما يرجع
إلى إعزاز الدين، ولكنه يقتل فقط، وقد قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم ...)
فإذا كان لا ينكي لا يكون مفيداً فيما هو المقصود، فلا يسعه الإقدام عليه .
10-
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو أن
الجمهور صرحوا بأنه إذا كان لفرط شجاعته، وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجرئ
المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن .
ومتى كان مجرد تـهورٍ فممنوع، لا سـيما إن ترتب على ذلك وهن المسلمين. (
وانظر: سبل السلام 2/473 )
11-
وقيده في حاشية الدسوقي (2/208) بأمرين:
أ- أن يكون قصده إعلاء كلمة الله.
ب-وأن يظن تأثيره فيهم.
12-
وذكر ابن العربي (1/166) أن الصحيح جواز إقدام الرجل الواحد على الجمع الكثير
من الكفار: لأن فيه أربعة أوجه:
الأول: طلب الشهادة.
الثاني: وجود النكاية.
الثالث: تجرئة المسلمين عليهم.
الرابع: ضـعف نفوس الأعداء؛ ليروا أن هذا صنع واحد منهم، فما ظنك بالجميع؟
13-
وقال ابن تيمية كما في الإنصاف (4/116): يسن الانغماس في العدو لمصلحة
المسلمين، وإلا نهي عنه، وهو من التهلكة.
ويلحظ في غالب هذه النصوص و الأخبار أنها في رجل أو رجال انطلقوا من جماعة
المسلمين وعسكرهم صوب العدو.
ولكن في بعضها -كما في قصة الغلام المؤمن- ماليس كذلك. والذى يترجح من
مجموعها ـ و الله أعلم ـ أنه يجوز القيام بعملية من هذا النوع المسؤول عنه
بشروط تستخرج من كلام الفقهاء، ومن أهمها:
1-أن
يكون ذلك لإعلاء كلمة الله.
2-
أن يغلب على الظن، أو يجزم، أن في ذلك نكاية بالعدو، بقتل أو جرح أو هزيمة،
أوتجريءٍ للمسلمين عليهم، أوإضعاف نفوسهم حين يرون أن هذا فعل واحد فكيف
بالجماعة .
وهذا التقدير -بحصول النكاية وإلحاق الضرر بالعدو المحارب- لا يمكن أن يوكل
لآحاد الناس وأفرادهم، خصوصاً في مثل أحوال الناس اليوم، بل لابد أن يكون
صادراً عن أهل الخبرة والدراية والمعرفة بالأحوال العسكرية والسياسية من أهل
الإسلام وحماته وأوليائه، فإن مراعاة التوقيت واستحضار الأبعاد السياسية
والإعلامية مما لايمكن تجاهله أو إغفاله.
3-أن
يكون هذا ضد كفار أعلنوا الحرب على المسلمين، فإن الكفار أنواع، منهم
المحاربون، ومنهم المسالمون، ومنهم المستأمنون، ومنهم الذميون، ومنهم
المعاهدون، وليس الكفر مبيحاً لقتلهم بإطلاق، بل ورد في الحديث الصحيح كما في
البخاري (2930) عن عبدالله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ( من
قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما )
ورواه النسائي وأحمد وابن ماجه وغيرهم.
والأصل إجراء عقود المسلمين على الصحة وعدم التأويل فيها؛ لأن هذا يفضي إلى
الفوضى والفساد العريض.
4-أن
يكون هذا في بلادهم -إن كانت في حال حرب مع المسلمين-، أوفي بلادٍ دخلوها
وتملكوها وحكموها وأراد المسلمون مقاومتهم وطردهم منها، فاليهود في فلسطين،
والروس في الشيشان، ممن يمكن تنفيذ هذه العمليات ضدهم بشروطها المذكورة.
ومن التضليل والتحيز في المصطلح أن يسمى هذا " إرهاباً " إذا كنا سنجاري
الصيغة العالمية في إدانته، أما إذا صح لنا تقسيم الإرهاب إلى: إرهاب مذموم،
وإرهاب محمود، فهذا ممكن، وليكن الدفاع عن الأوطان، والأعراض، والأديان، من
الإرهاب المحـمود "تُرْهِبُون به عدوَّ الله وعدوَّكم " والمسألة بكل حال هي
مسألة مصطلح .
5-أن
تكون بإذن الأبوين؛ لأنه إذا اشترط إذن الأبوين في الجهاد بعامته، فإذنهما في
هذا من باب أولى، والأظهر أنه إذا استأذن والديه للجهاد فأذنا له، فهذا يكفي،
ولا يشترط الإذن الخاص، والله أعلم.
ومن يقوم بهذه العمليات -وفق الشروط المعتبرة شرعاً- فهو -بإذن الله- شهيد
إذا صحت نيته، إنما الأعمال بالنيات، فيدعى له ويترحم عليه .
أما حد الإثخان فهو خاضع لتقدير أهل الشأن والخبرة -كما ذكرنا-، بحيث يتحقق
العلم، أو يغلب على الظن أنها ستوجع فيهم قتلاً أو جرحاً، أو تحدث فيهم ضرراً
بليغاً، أو تنشر فيهم رعباً، أوتحملهم على الرحيل إلى ديارهم، دون أن يكون
لها مردود سيِّء أكثر من ذلك أو بقدره مثل الانتقام من الأبرياء، أو تهديم
المدن والقرى، أو الانجرار إلى حرب شاملة لايقوى عليها المسلمون، ولم يستعدوا
لها، وما أشبه هذا مما يملك النظر فيه من آتاه الله الفهم وبعد النظر وقوة
الإدراك.
والاجتهاد في هذا الباب وارد وهو عرضة للخطأ والصواب ، ولكن يتقي المسلمون
ربهم مااستطاعوا .
نسأل الله أن يكفَّ بأس الذين كفروا، والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً، وهو وحده
المستعان.