خطبة عيد الفطر 1435

الشيخ عبيدالله بن أحمد القحطاني

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد ،،،
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿102﴾ ) آل عمران .
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿1﴾ ) النساء .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿70﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴿71﴾ ) الأحزاب .
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
هذا ديننا دين التعظيم والتمجيد للكبير المتعال بموجب أمره تعالى {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} وأمره للصائمين بعد نهاية الشهر {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ }
فنكبر الله تعالى في أحياننا كلها
في الأذان .. الله أكبر
في الإقامة لها .. الله أكبر
وفي الدخول في الصلاة .. الله أكبر
وفي التنقل بين أركانها وواجباتها .. الله أكبر
وعند الطواف .. الله أكبر
وعند السعي .. الله أكبر
وعند نحر الأضاحي والهدي والذبح .. الله أكبر
وعند رمي الجمار .. الله أكبر
وعند الجهاد ورفع راية الدين .. الله أكبر
تكبير يملأ القلب بالجلال والإجلال والتعظيم لله العظيم الكبير المتعال
ليعلم العبد أنه ليس فوق الله أحد ولا أعظم من الله أحد
فيعبده وحده ويخافه وحده ويدعوه وحده ويطلبه الرزق والصحة والولد وحده ويعلم أن الحكم لله وحده
إذا امتلأ القلب بهذا التعظيم والتكبير تصاغرت عنده الدنيا بما فيها بعظمائها وملوكها وعروشهم وأموالهم فكلهم أمام عظمة الله هباء منثور الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
اليوم يوم عيد سعيد وفرح وتمجيد لكن لمن أحسن في شهره يفرح بنعمة التمام والصيام والقيام ومغفرة الكريم القدوس السلام .
رمضان مدرسة الأجيال
كم من محسن صائم قائم معظم لربه في شهره بعيده اليوم يبدأ مرحلة جديدة في عمره وخطوات مباركة نحو رضوان ربه سبحانه وتعالى ومسارعة لجنته استجابة لأمره {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران : 133]
ومن كان عمره في ذلك فما أعظم ما يجنيه يوم لقاء ربه
وللصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
عباد الله..
بالتفكير والتدبر نجد أن شهر رمضان يصلح أن يكون نموذجا ومثالاً لعمر الإنسان هذا العمر الذي سَنُسألُ عنه يوم القيامة وفي الحديث ((وعن عُمره فيما أفناه))

وهذا من فوائد رمضان ، وجوانب هذه المشابهة تكون فيما يلي :
1- رمضان له بداية وأعمارنا كذلك لها بداية وها هو انتهى وانقضى فكذلك أعمارنا ستكون لها نهاية وانقضاء . وهذا يجعل العبد يستعد لهذه النهاية بما يناسبها من العمل لكي لا يتحسر عند نهاية عمره فيقول { رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ }
2- رمضان مرَّ سريعاً وكذلك الأعمار تمر سريعة عجلى ولا ينتبه الإنسان إلا وقد مضت وذهبت . ومن كان كذلك يخشى أن يقول يوم الدين (ياليتني قدمت لحياتي)
3- رمضان فرصة محدودة للعمل لا تعوض ولو عاش الإنسان لرمضان آخر فقد فاته السابق ولكل رمضان عمله اللازم له ، وكذلك العمر محدود وما فات منه لا يعوض وما يجد من عمل هو عمل الوقت نفسه فلكل ساعة في عمر العبد عملها الخاص بها .
4- الثمرة الحقيقية لرمضان هي ما استغل منه في طاعة الله ، وكذلك العمر الثمرة الحقيقية منه هي ما استغلت في عبادة الله وطاعته .
5- في رمضان استطاع الكثير منا أن يوجد وقتا للتعبد لله على كثرة مشاغلنا ، وكذلك في سائر الحياة والعمر مهما كثرت المشاغل إذا أراد العبد الآخرة وأهتم بها وجد وقتا للتعبد والتقرب إلى الله تعالى
الله أكبر,الله أكبر, لا إله إلا الله ,الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه كان للأوابين غفورا

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحابته ومن والاه وبعد ،،،
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
6- أعمال رمضان التي يتقرب بها إلى الله ويتعود عليها الإنسان هي أزكى وأشرف أعمال العمر كله وأعظمها نفعا للعبد في الدنيا والآخرة .
فمن ذلك
* الصوم وهو عبادة تعلم الإخلاص لله والإخلاص هو التوحيد الذي في كلمة لا إله إلا الله
والصوم ليس في رمضان فقط بل شرع للعبد أنواع من الصيام ست شوال وصوم عرفه لغير الحاج وعاشوراء والاثنين والخميس وثلاثة البيض .
والصوم من أسباب دخول الجنة بل باب من أبوابها هو الريان ولا يدخل منه إلا الصائمون .
* الصلاة فرضا ونفلا ، ومن قربات رمضان القيام وهو قرين الصيام ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ورجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يدخل الجنة فقال عليك بكثرة السجود . فالله عباد الله في صلاتكم فلا حظ في الاسلام لمن ضيع الصلاة.
* قراءة القرآن أعظم ما يزكي قلب العبد ويهذب أخلاقه ويزيد إيمانه وينمي حسناته .
وفي الحديث « الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصيام : رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فيشفعان »**<{تأكد يابوحمزة من لفظ الحديث}>
* ومن الأعمال الذكر {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } وهو من أيسر الأعمال وأعظمها ثوابا مثل :
- سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
- وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
{ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
* ومن أعظم ذلك التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} والتقوى كف عن محارم الله وسعي في طاعته ، وهذا من مدرسة رمضان .
ومن كف نفسه عما أحَلَّ الله ابتغاء مرضاته في شهر رمضان حريَّ به أن يترك المحرمات أيضا خوف عذابه كالزنا وشرب الخمر والسرقة والظلم والسفور وسماع المحرمات والنظر إليها وغيرها مما حرم الله تعالى .
* رمضان مدرسة الأخلاق الفاضلة (ومن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) وأخلاق الإسلام سبيل لرضوان الله وثقل الميزان فقد صح في الحديث (لا يوضع في الميزان شيء أثقل من خلق حسن)
ومنها الصدق والأمانة والرحمة والإنصاف من النفس والبعد عن الأخلاق السيئة كالكذب والغش والظلم والقسوة والغلظة .
وهذه الأخلاق أمرنا بها مع الناس كلهم (وخالق الناس بخلق حسن)
ومن الأخلاق العظيمة التي يربى عليها الصائم وينبغي أن تكون لعمره كله مشاطرة إخوانه في همومهم وأحزانهم .
فالجوع يذكرك بالجوعى والفقراء والمحتاجين فتتحرك في النفس بواعث فعل الخير والبذل والعطاء . ولاتنزع الرحمة الا من شقي ويقدر الله أقداره فيكون مايجري على المسلمين أشده في رمضان مثل مايجري بفلسطين والشام وغيرها فكيف عايشنا هذه الأحداث؟
* وكذلك من أعمال رمضان الصدقة وهي مشروع العمر وتأمين المستقبل ، نحب المال حبا جما ، ولكن كيف تترك محبوبك وراءك ؟
قدمه أمامك لتلقاه هناك وهذا يكون بالصدقة والبذل والإحسان .
ومن عاش حياته كرمضان ،كان يوم عيده يوم لقاء ربه .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
أيها المسلمون إن الوصول لهذه الغاية والحياة التي ترضي الله هو نتاج تربية للنفس وجهد في تقويمها ورمضان من أعظم ميادين هذه التربية.
والامة اليوم بحاجة لهذه النماذج التي يشترك في ايجادها البيت المسلم المكون من أب وأم هما قطب الرحى في تربية الجيل هما القدوة والأسوة وكذلك يسعيان في إبراء الذمة بالقيام بالواجب في تربية النشء.
والمرأة المسلمة خصوصا لها الدور الأكبر وعليها الاعتزاز بدينها وحياءها وعفتها والحذر من دعاة الباطل،.
والمدرسة بمافيها دورها فعال والمسجد ووسائل الاعلام.
اللهم تقبل منا رمضان واجعله خالصا لوجهك الكريم اللهم بلغنا رمضان أعواما عديدة واجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا يارب العالمين .
( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿56﴾ ) الأحزاب .
اللهم صل وسلم على عبدك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .