كفّوا ألسنتكم عنهم!!

 أ.سحر المصري

أتنقل بين المواقع في هذا العالم الافتراضي لأقتنص فكرة أبدعتها القلوب العاشقة لغزة والجهاد فأطبّقها نصرةً لهذه الأرض المباركة التي تغلي منذ ما يقارب الأسبوعين على مرأى ومسمع من العالم أجمع دون أن تحرِّك نخوة معتصمٍ يعتلي كرسياً عَبَدَه من دون الله جل وعلا..
وأحرص في تجوالي في الشبكة على قراءة مقالات مشايخنا الأفاضل وسماع محاضراتهم الصوتية التي تشحذ في نفوسنا الأمل وتدفعنا للعمل وليس فقط الانكباب على سماع الأخبار ليل نهار والتخبط في الألم والدموع.. وقد كانت رسالة قادتنا في حماس أن لا نزهق أرواح أوقاتنا على مذابح التلفاز والنشرات الإخبارية فيعمينا منظر الدماء والجرحى عن رؤية دورنا الحقيقي تجاه هذه المحرقة العبثية..
وكان أن أفرد موقع مشهور صفحة خاصة عن غزة وجمع فيها مواداً كثيرة بتصميم مؤثِّر.. فولجت إليها أتسمّع إلى رجالٍ أفاضل قِبلة حديثهم جميعاً: “غزّة”.. بورِكت الأرض التي جمعت القلوب والعقول على ذكرها وطيّب ثراها وأقرّ أعيننا بنصر مجاهديها وبعودتها – وفلسطين كاملة – إلى حظيرة المسلمين..
ولفتني عنوان محاضرة صوتية لشيخ “رباني” أسماها “مأساة غزة” فحمّلت المادة لأستفيد مما فيها لعلّها تهدئ من الغضب المستعر في جوفي والألم الذي يعتصر قلبي من هذا الصمت العربي المخزي.. وما إن بدأ الكلام حتى انقلبت رغبتي على أعقابها واندهشتُ من مقدِّمتها وأيقنت حينها أن المأساة ليست في غزة وإنما في أفهام بعض علمائنا وكبرائنا! فإن كان مشايخنا يفكرون بهذه الطريقة فلا عتب نُلقيه على العوام الذين يستقون معلوماتهم من فضائيات مأجورة وأقلام مأمورة ومقالات مسعورة وعملاء مدسوسين في أرجائها!!
بدأ الشيخ كلامه بإقرار أيّدتُه فيه بقوّة فقال: “فهمي قاصر بهذه المسائل” (انتهى) وهو كذلك.. وتمنيت أن يُكمِل كل شيخٍ بما تميّز به دون الخوض بما لا يفقه منه شيئاً!! وما أكّد لي أنّ فهمه فعلياً قاصر هو السبب الذي ألقاه في أسماعنا عن ما أدى إلى المحرقة التي تعيشها غزة اليوم.. فبرأيه أن الخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية المتمثِّلة بعباس ألغت الهدنة بين الفلسطينيين والصهاينة!! وصراحة لم أجد أياً من الكتّاب يعتقد أن الخلاف بين حماس والسلطة هو الذي أدّى إلى إلغاء الهدنة وإشعال فتيل المعركة! حتى قناة السي إن إن صرّحت أن الكيان الغاصب هو الذي اخترق الهدنة فكيف اهتدى شيخنا لهذه الفكرة لا أدري!

ثمّ هذا الخلاف بين حماس والسلطة ما هو إلا خلاف بين مجاهدين متشبّثين بالأرض والقضية وبين شرذمةٍ قليلين باعوا وطنهم لقاء حفنة أمتارٍ قليلة وملايين كثيرة وقبلات مقرفة! إنه صراعٌ بين المجاهدين والخائنين.. بين المرابطين على الثغر وبين العملاء أذناب المحتل.. بين الطاهرين الذين يستقون تشريعهم من القرآن الكريم وبين أدوات الأنظمة الذين يتلقّون أوامرهم من تل أبيب!! وفي الأخبار مزيد إنباء على أن تهتدوا إلى منابعها النقية لتتوصلوا إلى حقائق يشيب لها الولدان! وخلاصة الأمر أن السلطة العباسية والدحلانية والمدهونية هم زرع الكيان الصهيوني في قلب الشعب ليقضوا على حماس ويقتتلوا داخلياً فتذهب ريحها.. وأغدق اليهود على عملائهم بالملايين وأقاموا لهم معسكرات تدريب لتصفية قيادات حماس ولإنجاز المهمة على أكمل وجه.. والمستفيد الأول من هذه اللعبة الدنيئة هم الصهاينة ومَن والاهم.. وما كان على حماس إلا اجتثاث “اللحديين” الساعين إلى تسليم الأرض للأعداء وبطلب ومؤازرة من التيار المخلِص في حركة فتح في غزة فقد طفح كيل الخيانة والسرقة والمتاجرة بأموال ودماء الشعب هناك!..
وكلمة حق تُقال فإن حماس التزمت بالتهدئة بينها وبين الكيان الغاصب إلى أقصى الحدود ولكن في كل مرة كان الصهاينة هم من يعتدون بوسائل متعددة فتارة بتصفية قياداتها وناشطيها وطوراً بإحكام الحصار عليها ومنع المواد التموينية والطبية من الوصول إلى القطاع.. فكان نوع من الموت البطيء الذي لا يرتضيه أي حر وكانت تهدئة من طرف واحد فقط: المقاومة!
ويعرِّج الشيخ على نقطةٍ أُخرى أشدّ وأنكى فيقول: “وحماس تضرب صواريخ ما تخرمش الحيطة لتحصل هذه الإبادة لضعفاء المسلمين الذين لا يعملون شيء وهم يدفعون الثمن”!! (انتهى) صفعةٌ في وجه الحقيقة قوية يا شيخنا الرباني وكلامٌ يوافق كلام نمر حماد مستشار عباس!
هذه الصواريخ التي تراها هزيلة هي من صنع الأيادي المتوضئة من مواد أوليّة اضطر المجاهدون على صنعها حين غض الحكام العرب أعينهم عن فلسطين وما تجده من أهوال الصهاينة، وحين لم يجدوا بديلاً في عتاد الجيوش العربية النائمة والتي تصدأ أسلحتها في المخابئ دون أن تُشهَر في وجوه المحتلين المعتدين! هذه الصواريخ التي تعلو صيحات التكبير عند إطلاقها فتصيب المحتلين الجبناء بالرعب وتدكّ أجهزتهم العصبية قبل أن تدكّ بنيانهم! هذه الصواريخ التي استطاعت أن تواجه القنابل العنقودية والمسمارية والفوسفورية المحرّمة دولياً لأنها من صنع أبناء العقيدة والقضية والثوابت! هذه الصواريخ التي أبقَت شرفاً لأمّتنا الإسلامية.. فهناك بعض عزّةٍ في رجالٍ على الحق ظاهرين لا يضرّهم “مَن خالفهم” حتى يأذن الله جل وعلا لهم بالنصر.. هذه الصواريخ التي يسري عليها قول الحق جل وعلا “وما رميت إذ رميت ولكنّ الله رمى”!!
أم تريدنا أن نرى المقاومة بمنظار عباس القائل “إذا كانت المقاومة ستدمر شعبنا فلسنا بحاجة إليها، المقاومة ليست هدفا في حد ذاتها بل السلام هو الهدف”.. السلام الهدف عندهم هو طبعاً “الاستسلام” اتّباعاً لرغبة الصهيونية التي تريد أن تستولي على الأرض وتجتثّ المقاومة من عقول وقلوب الشرفاء لكي لا يبقى في مواجهتها أحد.. وقد أفلحت في شراء الضمائر والذمم في سوق بخس!
إنّ من يعتقد أن محرقة غزة هي بسبب الصواريخ هو للأسف لا يُدرِك أبعاد الممارسات الصهيونية ولا تاريخ القضية ولا صفات الصهاينة أنفسهم ولا تعقيدات الأمور ولا أبالغ إذا قلت أنه لا يفقه من أمور فلسطين شيئاً أبداً!!
الحرب التي تجري في الأرض المباركة هي حرب إبادة للمجاهدين في فلسطين ولكل من يرفع لواء الجهاد لأن أهداف الصهاينة بإقامة دولة صهيونية من الفرات إلى النيل هي الهدف الأساس وهذا لا يمكن أن يكون بوجود هذه الشوكة في خاصرتهم “الجهاد”! وبوجود حماس لا يمكن أن يكون هناك تسوية مناسِبة للصهاينة ولا خريطة شرق أوسط جديد كما يرغبون!
ولم يكن الكيان الصهيوني ليضرب غزة لو لم تختر الحل الإسلامي وترضى بحماس قيادة لها بالطرق الديمقراطية التي نسى مفرداتها المحتل في فلسطين!.. وها هم يجعلونهم يدفعون غالياً ثمن هذا الاختيار ليكونوا عبرة لمن يعتبر في قابل الأيام.. فلم يبقَ إلا الإبادة مع إصرار شعب غزّة الإباء بعدما حاولوا إذلالهم بالحصار وبالتضييق وبإطلاق أبواق الخذلان من بني جلدتهم من بني عباس ودحلان! وبتأليب الحكام عليهم خاصة النظام المصري الذي استمرأ الضغط على حماس بشتى الوسائل والذي أصبح ألعوبة في يد الصهاينة تحرّكه كيفما شاءت وهو يمتثل لأوامرها بعد أن اجتاح مورفين الهوان والخضوع والانحطاط جسده كشأن الأنظمة العربية جميعها!
وأعود لكلام الشيخ الفاضل إذ يقول “يجب أن نناشد رؤساء الدول العربية والاسلامية للتدخل لوقف كلّ من حماس والسلطة عند حدودها.. وليتدخلوا لردع اسرائيل وايقافها عند حدها.. الشعوب إن كانت لا تستطيع شيئاً لأنها معذورة فالحكومات ليست معذورة لأنها تملك الطاقات لتصنع شيئاً” (انتهى).. اختزال للقضية ولكل ممارسات الصهاينة وعملائهم بطريقة ممسوخة! وأيّ رؤساء تنادي وتناشد وهم لم يستطيعوا الاتفاق حتى على اجتماع وعقد قِمّة من بداية المحرقة وحتى الآن! إن مَن تدعوهم للتدخل هم متواطئون بما لا يترك مجالاً للشك في عملية الرصاص المصبوب للإجهاز على حماس! ثم ماذا فعل الرؤساء مذ امتدت يد الغدر والهمجية وأغرقت فلسطين بالدماء وتتالت المجازر ابتداء من حيفا والقدس وبلد الشيخ والعباسية والخصاص وباب العامود وطيرة وسعسع مرورا بالحسينية والرملة ودير ياسين وطبريا وعين الزيتون وصفد وغيرها الكثير وآخرها الآن في غزة!! ماذا فعلت الأنظمة حيال احتلال فلسطين وحيال الحصار؟ مَن الذي تحرّك من هذه الأنظمة العفنة المهترئة ونصر فلسطين؟! ليت الحجاج بيننا ليرى الرؤوس التي حان قطافها ويستحلّ إزالتها عن أجسادها الخاوية الملتصقة بالكراسي!! ولفتة صغيرة هنا إلى أن هذه المجازر كانت قبل تأسيس حماس في أواخر عام سبعة وثمانين فهل كانت سبب هذه المجازة هي أيضاً صواريخ حماس؟!! وهل كانت مجازر قانا ومروحين واجتياح بيروت عام 82 هي بسبب القسّام؟
إن أسمعتَ حياً شيخنا الفاضل فحبذا لو توقف المتآمرين على القضية وتترك حماس تواجه مصيرها وحيدة معتمدة على الله جل وعلا في المقام الأول ثم على ثقة الشعب الفلسطيني الأبي وعلى شجاعة وزنود أبنائها القساميين الذين يسطّرون ملاحم بطولة بالصواريخ التي “ما تخرمش الحيطة”!! فهذه المقاومة هي التي حفظت ماء وجه الأمّة!
ثم أطمئنكم أن الكيان الصهيوني الغاصب لن يرتدع لأنه قد أحكم الخناق على هذه الزمرة التي اختارت البضاعة المزجاة “الدنيا” وها هم يغدقون عليهم بما يريدون ليشتروا مواقفهم المخزية في حق شعوبهم وقضاياهم وأمّتهم! ومَن لا يملك زمام نفسه والهواء الذي يتنفسه من دون العودة إلى قادته الصهاينة فليس مخوّلاً أن يقود الشعوب ولا يملك إلا طاقة الذل والإنبطاح أمام الأعداء! ولو أنني بتّ أؤمِن أن بعض هؤلاء الحكّام لديهم مواهب خاصة وليسوا بحاجة إلى مساعدة الصهاينة ليرتكسوا في أحضان الخساسة! فبعض هؤلاء الزعماء في الدول “المعتدلة” هم مَن يطالب الأعداء بتصفية حماس كما صرّح بيريز إلى صحيفة ‘لفنغورديا’ الإسبانية حيث قال “عدد من الزعماء العرب يطلبون منا في لقاءات خاصة القضاء على حماس وإتمام العمل” أي - القضاء على القدرة السياسية والعسكرية لحركة حماس والمقاومة فلا يمكن نهائيا السماح بحركات مثل حماس الوصول إلى الحكم – ومِن هؤلاء مَن يسمح للطائرات الصهيونية باستخدام المجال الجوي في سمائهم لضرب الحدود الفلسطينية من جهة رفح! ومِن هؤلاء مَن لا يسمح بدخول المساعدات إلا عبر المعابر التي يسيطر عليها جنود الاحتلال.. ثم لا يسلّمون سلطة هنية في غزة هذه المساعدات الإنسانية والطبية حتى تبقى اللائمة على هذه السلطة في الوضع المتدهور الذي يعيشه القطاع.. فهل هم هؤلاء الذين تناشدهم؟!!! وإن كان محمد حسنين هيكل قد انتقد مواقف النظام بشدّة فهل أنت تناشد هذا النظام المتواطئ؟!!!
ثم يقول الشيخ “قضية فلسطين ضاعت لما خرج منها الاسلام.. عند حرب العقائد لا بد أن تغلب العقيدة واليهود أصحاب عقيدة والقضية هناك عند الفلسطينيين وطنية” (انتهى).. أيها الشيخ الفاضل.. القضية لم تضيع! ولم يخرج الاسلام منها بل هو باقٍ ببقاء المقاومة والفصائل المجاهدة لإعلاء كلمة الله جل وعلا.. واليهود أصحاب عقيدة فاسدة ومغضوب عليهم بنص القرآن.. وهم على باطل وإن كان للباطل جولة فالحق له دولة.. وما جهاد القسّام والفصائل هناك إلا عن عقيدة بالله راسخة متينة أما الوطنية فلباس يرتديه العلمانيون ليزيحوا عن كاهلهم شبح الدين! وراية حماس من الأساس “لا إله إلا الله” تقاتل تحت هذا اللواء وتبتغي نصراً أو شهادة!
“لن تضيع القدس”! (انتهى) صدقت! لن تضيع ببركة المرابطين هناك فصلاح الفرد وحده لا يُعيد الأرض وإن كان الأساس.. ولكن أن نترك الجهاد بدعوى أن الله تكفل بأرض الأنبياء ولن تكون سكنى لقتلة الأنبياء فهذا تواكل لا يمكن أن يحفظ أرضاً ولا يعيد مجداً!
أخبِروني ماذا جنى الفلسطينيون من أعوام مديدة قضوها في مفاوضات السلام؟ أيّ كتابٍ يتّبع المفاوضون وأيّ ثقة يعطون لقتلة الأنبياء؟! سرابٌ مشوا فيه سنوات حان أن يفيقوا من أحلامهم الواهمة ويواجهوا الواقع.. فلا معاهدات سلام ولا مؤتمرات ولا مفاوضات يمكن أن تُعيد الأرض.. فأين أوسلو وأنابوليس وصكوك التنازلات وتسليم فلسطين بالتقسيط لبني صهيون وتصفية القضية؟ والله الذي لا إله غيره لن تعود فلسطين إلا بالجهاد.. ويومها سيعود اللاجئون من الشتات وسيسلم الأقصى وسيخرج الأسرى وسيُقضى بإذن الله جل وعلا على هذا السرطان المزروع في أرضنا!! وسيشفي الله صدور قومٍ مؤمنين وسيفرح المجاهدون بنصر الله قريباً “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”!
أما الحكام المتخاذلون فلن يطول عهد القمع ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.. وخوفكم المبرّر من انتصار حماس أكثر من طبيعي فلئن نجحت هذه الحركة المباركة في تصدّيها للجيش الذي لا يُقهَر ونجحت في الحياة السياسية والاجتماعية فقد تتفتّح العيون على بدائل مشرقة مشرِّفة وتنتقل حمّى الحرية والتحرير بالعدوى إلى شعوبكم وقِوى المعارضة في بلادكم فتخسرون بذلك الكرسي.. أليس هذا الرعب هو الذي جعل حسني مبارك يعلِن بكل صفاقة وجه أنه لا يريد أن تخرج حماس منتصرة من هذه المعركة ووضع يده بيد العدو وأحكم قيد حصاره وأغلق معبر رفح وأصدر مبادرة هزيلة لا تصب إلا في مصلحة الصهاينة؟!!
أقرأ لروبيرت فيسك – الصحفي البريطاني – فأجده وإن خالف حماس عقائدياً ونهجاً إلا أنّه يُنصِف قضيتها ويقرأ المعطيات بذهنيّة صحيحة غير منهزمة.. ويعلن عنها في الإندبندنت دون خوف من الصهاينة ويكيل الاتهامات بشكل حاد للولايات المتحدة وبريطانيا دون وجل ويعرض التاريخ الفلسطيني ويحلِّل الوضع الآن في غزة استناداً إلى هذا التاريخ! فها هو يؤكّد أن غزة لن تُروَّض ويشنّ هجوماً قوياً على أميركا ومَن والاها لانحيازهم الدائم إلى جانب الكيان الصهيوني فيقول “انّ سياسة أمريكا في الشرق الأوسط لا يمكن تمييزها الآن عن سياسات إسرائيل، وجوردن براون يتبع نفس سياسة “وفاء الكلاب” لإدارة بوش، كسلفه توني بلير!”.. وإزاء موقف الحكام من محرقة غزة يتابع: “وكالعادة بقي الحكام العرب - ممن يحكمون بلادهم لصالح غيرهم، والذين يُسلِّحُهم الغربُ ويدفع لهم الأموال- صامتين!”.. ويتوجّه إلى الساذجين الذين يظنون أن المحرقة مرتبطة بصواريخ القسّام فيقول “إنّ مشاهدة الأخبار تجعلك تعتقد بأن التاريخ قد بدأ بالأمس فقط، وكأن مجموعة من الإسلاميين الملتحين المعادين للسامية ظهروا فجأة في أحياء غزة الفقيرة ثم بدأوا في إطلاق الصواريخ على إسرائيل المُحِبّة للسلام والديمقراطية؛ فقط لمواجهة تلك الهجمات الثأرية المشروعة التي تقوم بها القوات الجوية الإسرائيلية. ولا يظهر في تلك الأخبار حقيقة أن الأخوات الخمس اللواتي قُتِلن في مخيم جباليا لديهن أجدادٌ أتوا من تلك الأراضي التي يُقصَف سكانها الجدد الآن!” ثم يتساءل ساخراً “ماذا كان فعل العالم لو كانت حماس هي التي أقدمَت على ما يفعله الكيان الصهيوني اليوم؟ طبعاً لم يكن الغرب ليغض الطرف أبداً ويصمت كما يحدث الآن”..
فطالما أن الضحية من المسلمين “والقتلى” بالآلاف من هذه الفئة المهدور دمها فلن يكون هناك ردود أفعال وسيستمر الصمت العالمي ما يجعل الكيان يتمادى أكثر في طغيانه.. ثم يتساءلون بعد كل هذا لِمَ يكره العرب الغرب؟!!
فهل علينا أن نقرأ لغربيين حتى يشفوا صدورنا ولا نسمع لمشايخنا الذين يفتقرون للحد الأدنى من القدرة على التحليل السليم ورؤية الأمور على حقيقتها؟!!!
وددتُ أن أسمع ما يُشعِل في القلوب الأمل بأن النصر قادم وأن الصبر صبر ساعة وأن الله ينصر من نَصَرَه.. وددتُ أن أسمع كلماتٍ تشفي جراح المقاومين هناك والصابرين من أهل غزة.. وددتُ لو أسمع طرقاً عملية لنا لنصرة غزة وقد أجدتَ في سرد النقاط وليتك اكتفيت بها دون أن تلوِّث صفحتك بالتعرض للمجاهدين الساهرين على حماية القضية قبل غزة!!
ولئن كانت لحوم العلماء مسمومة فلحوم المجاهدين أشدّ سمّاً منها! وإن لم يكن هناك من كلام تدعمون به من يقدّم روحه على كفّه في سبيل حماية القضية الفلسطينية من الانقراض فلا أقل من أن تكفوا ألسنتكم عنهم وتُشغِلوها بما ينفع!
إنها والله كما قالها القائد اسماعيل هنيّة.. (معركة الفرقان).. ويا لعار من سقط!