لوحة من فسيفساء

صباح نوري محمد الضامن
شبكة المسك الإسلامية النسائية

بسم الله الرحمن الرحيم

لوحة فسيفساء من أفكار مبعثرة يلم شعثها ورقي
قيل اكتب لعل حرفك وطرقه يوما يبقى على صخرة للمارة يقرؤون ,ربما يتساءلون ..
كثر السؤال وكلنا يعرف الجواب لكل تساؤل
تساؤل يتردد في جنبات النفوس ليل نهار , يتردد صداه وتتكاثر الإجابات على جدران التنظير لترسم لوحات تشي بفهمنا وتغمس في إكسير المنطق بعضا من حبر سكبناه وحروف رتباناها وجمل وعبارات كانت ألوان لوحاتنا التي لوناها لتبدو جميلة .
نجيب دوما في مجالسنا عن هذا السؤال ونخرج بقناعة تامة بما نقول , وتكون الوثائق التي أبرزناها في محاكم المجالس دامغة وذات حجج .. ولكن ! في مجلس آخر يعود التساؤل فالحال لم يتغير وكل صبح وضيء تشرق شمس نتمنى أن تحمل دفء الهدأة وبداية لتحسن .
لماذا أصبحنا هكذا ؟
تستهوينا التفاهات وتتحكم في أوقاتنا لساعات اطول مما يجب فننفق الوقت نحمل الهواتف نشبع وقتنا قتلا بسيف التبلد نقتله بالرد و الرد والرد المتبادل والبحث في اليوتيوب والفديوهات والمواقع ؟حتى ونحن نعمل نقطع العمل لنمسك بالهاتف ونرد , ونحن في المطبخ ونحن نقود السيارة ونحن ذاهبون للعمل ونحن نأكل ونحن نرتب وحتى ونحن نتابع برامج على التلفاز أو نتحدث مع العائلة أو الأصحاب ...
لماذا أصبحنا هكذا ؟؟
ينادى في المجالس والمواقع عن دروس مفيدة ومشاريع لتنمية البنية الخلقية والسلوكية ويطرح في كل مكان مسابقات ثقافية ودينية أو تحفيز لحفظ أو تدبر أو إعلان عن محاضرات دينية لنجد المقبلون كأنهم يمشون على استحياء أو كأنهم فعلوا البطولات التي بها حملوا سيف النصر على شيطانهم فيأتوا يوما ويتغيبوا عشرة أو يطلبوا تقسيط الحفظ ويبدأ مقص الوقت يعمل في الساعات تقليصا ليتناسب مع الجميع في مقاسات هزيلة لا تسمن ولا تغني ولا تبني ولا تعين ..
وفنون ملهية أخرى حيث يقوم ذوو الصحون المليئة والمطابخ العامرة بصنع الأطباق الدسمة ويخجل الربيع من فنون الطباخ الذي أبدع لوحة طبيعية بها الجمال والألوان والرائحة الطيبة , فتتسع أحداق العيون وتتمدد البطون لتستوعب تخيل المشهيات وتتراكض الأقلام والأوراق لتسجل آخر وصفة وأحلى وجبة وأغربها ..وتغرق الصفحات وتفنى الأوقات بهذا .
لماذا أصبحنا هكذا ؟؟
تبتسم الشفاه والقلوب ترفرف , وتضحك العيون والكلمات تهتف , وتتسابق اللهفات والأمنيات لما يعلن عن مسابقات .... فتزيد الوثبات وتكثر المشاركات ..
ولما تسأل الخطوات أين كنت يا عالية الهمات في دورة تتحدث عن أمتنا وما سلب منها وما تواجهه من تحديات , تسمع على الأوراق قرع الحجج والإعتذارات وتخفت الأصوات فلا تسمع حتى همسا .. ونطلب نصرا ونرفع الأكف بالدعاء ثم نمصمص الشفاه وتتخافت الأصوات تشي بحزن واقعا مهلهلا ضعيفا منتهكا ..
لماذا أصبحنا هكذا ؟؟
أتراه الوهن , مرض العصر؟ وما اللقاح إلا في قلب سليم مقبل على الله
وتجمع قطع الفسيفساء من همة , لوم , خلوة , صبر على طاعة , عمل يفيد , واعتدال في منهج .. لتتشكل لوحة تعلق في جدران زمن كل واحد منا ينظر إليها ويحاول فهم ألوانها وتفاصيلها وإشاراتها لما تتوه الأرواح .. لتتلقى الإجابات لما يكثر التساؤل
لماذا أصبحنا هكذا ؟؟