سنة أولى حرية

صباح نوري محمد الضامن
شبكة المسك الإسلامية النسائية

عندما كنا في سلك التعليم كان أول يوم للمدرسة بالنسبة لنا عامرا بالأحداث وخصوصا لأول من يدخل هذا العالم السنة الأولى أو الفصل الأول أو الصف الأول الابتدائي

عالم آخر , أناس مختلفون , أقدام كبيرة وصغيرة , وجوه باسمة وأخرى تعبس في وجه الروح الغضة والبراعم التي تتمنى ورقة خضراء كبيرة تخبيء خوفها وقلقها وارتباكها . في هذه السنة نرى الدمعات على وجوه مستديرة كأقمار بدرية لجينية مشربة بحمرة أو سمرة تتحدر الدمعات وجلة فقد كانت في عالم آخر وها هم يقحمونها بالجلوس منضبطة على مقاعد خشبية بعيدة عن حضن تعودت عليه ..

سنة أولى ابتدائي بهذه الاضطرابات والفوضى , ليست ببعيدة عن سنة أولى حرية في هذا الربيع العربي المفاجيء الذي تخضرت صفحات أيامه من بين أوراق يبست خريفية صفراء في أولى محاولات الروح البحاثة عن الانطلاق تدمع العيون خوفا من انسلاخ عن الساق القوية التي تحمل هذه المنبثقات الجديدة اليانعة وتدمع العيون وترتجف الأصابع التي تكتب أولى مفرداتها في النفس والقلب والجوارح كلها . تتخبط الأرجل وقد تركض في الاتجاه المعاكس وقد تتوه وقد تأكل بعضا من مكتسبات ندية بسرعة دون هضمها جيدا
سنة أولى حرية يجب أن تُحتوى ممن كتب بنودها وسار يدعو للكرامة .سار بثقة ,بمعرفة أن الله هو الذي صنع ثورتهم وقيض لهم النصر .. فمن يعطي هذه النفوس المتوثبة العطشى قطرات من ماء نقي تسقي فيه شجرا ظميء لتغدو أوراقا وثمارا بعد حين وتعلو .؟؟ عقلاء كانوا لما شبكوا الأيدي بعضها ببعض سمراء وبيضاء وقوية وضعيفة ومترفة وخشنة من طين أرضها يوم زرعت قطنها المروي من مياهها وقمحها الواقف بسنبله رافعا الخير للجميع .عقلاء صامتون يبنون فكثرة الهواء الخارج مع الحروف الكثيرة قد يذهب هباء فعرفوا أن الفعل أفضل من كثرة القول ..
عقلاء كثر وأعداء للعقل والقلب أكثر ولن ينتصر إلا العقل الذي يعلم أن سنة أولى حرية تتطلب منه منهاجا قويا ومدارس كثيرة بمربيين هضموا معنى العطش للحرية , وأحضروا قلوبهم معهم في حقيبة المعلم حتى لا تتخاشب نظرياتهم ولا تقتل همم ترغب التعلم والعمل من أجل سنوات طويلة من العيش في فيء حرية فقدت من سنين من كثرة الكلام وقلة العمل ...

شبكة المسك الإسلامية النسائية