عذراً أيها القارئ
. . فما الوقت بالذي يحتمل مزيداً من المجاملة أو المواراة ، فجسد أمتنا
المثخن بالجراح ، لا يزال يتلبط في نهر دمائه ؛ محاولاً التقاط آخر أنفاسه مع
الرمق الأخير ، ونداءات الغوث من حوله ، لا زالت تستنجد بالمزيد من الذابحين
والجزارين لإثخانه بمرِّ الجراح ، في حين يتوهم أصحاب تلك النداءات أنهم
يحسنون صنعاً !! عذراً . .
فهذه أمتي . . كياني . . هويتي .
.
تُذبح أمام عيني بأيدي من زعموا يوماً أنهم من أبنائها ورجالها !!
وتُغتال جهراً . . بيدي من اعتلوا منصة الحكمة زوراً بين أبنائها !!
سأستل كل ما في أيديهم من الحراب ؛ حتى لو وجهوا طعناتهم لصدري !!
سأحيل كل مخططاتهم للخراب ؛ ولو غرسوا جميع رماحهم في قلبي !!
سأظل صامداً في المحراب ؛ ولو فجروا كل مدمراتهم في نحري !!
سأنتزع ألغامهم من التراب ؛ ولو تناثرت بها أشلاء جسدي !!
فدمي . . ليس أغلى على الله من دماء الملايين من إخواني . .
وروحي ليست أعزّ على الله من أرواح الشهداء والأبرارِ . .
إنّ كل قطرة تغلي منه اليوم حزناً ، فهل أنتظر الموت كمداً مع الجبناء ؟!
وكل شريان ينفر منه اليوم غضباً ، فإلام التخاذل ، وقد طاب عيش الشهداء ؟
إنّ كلمةَ حقٍ واحدةٍ في وجه ظالمٍ ؛ لكفيلة بأن تثير عواصف البركان . .
وإنّ نيةَ صدقٍ جازمةٍ في قلب مؤمنٍ ؛ لكفيلة بأن تدمر عروش الطغيان . .
فالحق أقوى من أن تنتصر عليه دعوات الباطل ؛ مهما تزينت وتبهرجت !!
والصدق أوفى من أن تطمسَ وجهه رياح الزيف ، مهما تلونت وتعددت !!
فالحق يبقى ببقاء الله الذي لا يفنى ولا يزول ؛ حتى لو اشتدت عليه حملات
الباطل في كل وقتٍ وحينٍ !!
والباطل يُطمس ويندثر عبر الدهور ، حتى لو استمرت عهوده إلى حين !!
فلنكن للحق جنداً ، وإن رغمت بذلك أنوف الظالمين ..
ولنكن على الحق عوناً ؛ وإن اشتاطت غيظاً قلوب الكافرين . .
فالحق أحقّ أن يتبع . . والباطل أحقر من أن يستمع إليه أو يتبع . .
فبالباطل سلبوا حقوقنا . . وروّضونا على التذلل لطلب القليل منها !!
وبالباطل هدموا قيمنا . . وجندوا من أبناء جلدتنا من يهدم البقية منها !!
وبالباطل فرقوا جموعنا . . وأقنعونا بأن نرفع بشعارات التفرقة رأساً ونزينها
!!
فسحقاً لكل باطلٍ . . مهما علت به صولة المبطلين ..
وتباً لكل بهتانٍ . . وإن رفعت رايته جموع العالمين . .
فالحق أقوى . . والحق أوفى . . والحق أبقى على مر السنين ..
فيا أهل الحق في كل مكانٍ من أمة محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) . .
ارفعوا اليوم بالحق رأساً . . فلقد انكشف الغطاء عن الأوهام . .
ويا جند الحق في كل قطرٍ من أبناء محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) . .
جردوا اليوم للحق سيفاً . . فسيفكم اليوم يغني عن البيان . .
حققوا به للحق نصراً . . فنصرتكم اليوم بالعودة إلى الإسلام . .
عودةً . . نمحو
بها ما استحدثوه من مظاهر الشرك من مجتمعاتنا . . وننشر نور التوحيد في
ربوعنا .
عودةً . . نستأصل بها أصول الفرقة من نفوسنا . . ونعيد الوحدة إلى صفوفنا . .
عودةً . . ننهل بها من هدي نبينا . . ونسقط شعارات الزيف من عقولنا . .
فبهذه الشعارات هُزمنا . . وبهذه الشعارات خُدعنا . . وبهذه الشعارات صرنا
أذل العالمين . .
بها فتحنا صدورنا لأبناء قوميتنا . . وأغلقناها في وجه أخوةٍ لنا في الدين !!
بها تفرقنا شيعاً وأحزاباً تحت دعوى الوطنية . . ولم نرع حق ولاء الدين !!
بها مزقنا جسد خلافتنا الضائعة أشلاءً ، وأضرمنا نيران الحروب على حدودٍ
وهميةٍ ضد أخوةٍ لنا مسلمين !!
تحت مطية هذه الشعارات . . توالت علينا الهزمات !!
وفي أجواء زيفها . . تولدت العمالة ؛ واستُفحلت الخيانات !!
وفي خضم الافتتان بها . . تفلت زمام القيم ، وساءت المعاملات ، وانحطت
الأخلاقيات !!
بنتاج هذه الشعارات . . افتقدت مضمونها الشعارات !!
وبزيف هذه الشعارات . . افتقدت مصداقيتها الدعايات !!
فما آن لنا أن
نواري جثثها المنتنة في التراب ؛ لنمحوا العار عن جبيننا ؟!
أما آن لإمامتنا أن تعود إلى المحراب ، لنعيد أسباب عزتنا ومجدنا ؟
إن كل يدٍ طاهرةٍ تُسهم اليوم في دفن هذه النفايات . . لتحي المجد لدينها . .
وإن كل كلمةٍ صادقة تزيل روث هذه الشعارات من عقول أبنائنا . . لتضيء الدرب
لأجيالنا . .
وإن كل فكرٍ ناضجٍ يستنفر الهمم اليوم لسحق هذه الدعايات . . ليحي روح
الإيمان في قلوبنا . .
ادفنوها فإنها
من دينكم بائنة . . اسحقوها فإنها منتنة . .
ادفنوها . . لا يحجبنكم عن ذلك عمائم انتفخت بطونها من موائد الظالمين !!
ادفنوها . . لايصدنكم عن ذلك أقلام العمالة والخيانة ونبذ الدين . .
ادفنوا منها الرؤوس . . وادفنوا معها رؤوس الفتنة في كل وقتٍ وحين !!
ادفنوا منها القلوب . . بعدما أشعلت بنيران حقدها الملايين !!
ادفنوا منها الصدور . . فقد آن لخرابها أن يُرد لنحر الكافرين !!
ادفنوا اليوم بأيديكم ظلمةً . . كي تنعم الأرض بنور الإسلام . .
ادفنوا اليوم بجهادكم ذلاً . . كي يسود في الأرض عزّ الإسلام . .
ادفنوا اليوم بتوحيدكم شركاً . . كي ينعم الخلق بنعمة الإيمان . .
ها قد جاءكم موكب جنازتها محمولاً اليوم على أكتاف الصادقين . .
جاء محملاً بأوزار الهزيمة والعار عبر عشرات السنين . .
جاء ليشهد دفنه جموع المؤمنين المخلصين . .
دفناً . . يشفي
الله به صدور قومٍ مؤمنين ، ويلهب غيظ قلوب القوم المجرمين . .
دفناً . . يمسح دموع الأسى من عيون المستضعفين والمظلومين . .
دفناً . . يميز الله به اليوم بين الصادقين والمنافقين . .
دفناً . . ترفع به راية الولاء لله رب العالمين . .
دفناً . . نحي به اليوم شعارنا على مر السنين . .
ولاؤنا لله رب العالمين
فلن نوالي بعد
اليوم أحداً إلا أساسٍ من العقيدة والدين . .
ولن نعادي بعد اليوم أحداً إلا جموع الكافرين والمنافقين . .
فبالإسلام تكون عزتنا . . وبالإسلام تسود دولتنا . . وبالإسلام نهدي العالمين
. .
رحم الله أياماً خلت . . تعانقت فيها قلوب المؤمنين . .
ورحم الله عهوداً انقضت . . رفرفت فيها راية الموحدين . .
ورحم الله قروناً مضت . . سُحقت فيها رايات المشركين . .
وذلك حينما ذابت الأجناس و الأحساب من نفوس المسلمين . .
فكان سلمان الفارسي ولي المسلمين . .
وكان صهيب الرومي صفي المؤمنين . .
وكان أبو بكر القرشي تقي الصديقين . .
ثم ارتفع فيهم بلال الحبشي بأذان الموحدين . .
أن حي على الفلاح . . فأجابوه . . كلنا للكفاح . .
فشقت في أيديهم راية التوحيد عنانها في كبد السماء . .
وانهزمت قوى الأرض كلها أمام هذا الكبرياء . .
فساد الأمان بعز الإسلام . . وانتشر العدل بنور الإيمان . .
فهلموا اليوم جموع الموحدين . . لتعيدوا الكرة على عسكر المشركين والمنافقين
. .
أعيدوها . . بعدما قبرتم بأيديكم الطاهرة شعارات الذل أبد الآبدين . .
أعيدوها . . لتحيوا للإسلام أمجاد النصر المبين . .
أعيدوها . . لتعلنوا تصديكم لكل مخططات أعداء الدين . .
أعيدوها . . لتعلنوا أنكم لا تخشون أحداً سوى رب العالمين . .
فقلوبكم تملك من أسلحة المواجهة ما لا تملكه قوى العالمين . .
فهي قلوبٌ حرصت على الموت . . فوُهبت لها الحياة كريمةً من رب العالمين . .
قلوبٌ طاقت لنيل الشهادة . . فنالت العز في الدنيا وفي الدين . .
إن حجر طفلٍ من أبناء أمتكم . . قد ملأ بالرعب قلوب الغاصبين !!
وإن كلمة التوحيد في ألسنتكم . . قد أرقت بشموخها مضاجع الظالمين !!
وإن عقيدة الإسلام في قلوبكم . . قد نسفت برسوخها كيد الكائدين !!
فثباتاً على الحق يا أمة محمد . . حتى تلقوا الله سالمين غانمين . .
ودعوةً إلى الله يا جند محمد . . ما دامت أفئدتكم تهفو إلى جنان رب العالمين
. .
وجهاداً في سبيل الله يا أنصار محمد . . حتى تلقوا الله أطهاراً صادقين . .
وحينها سيعود للإسلام مجده . . وسيرجع لهذا الدين عزه . .
إذا ما كانت قبرتكم للباطل . . قبرةً لا يقوم منها إلى يوم الدين . .
فهلموا للمشاركة في هذا الدفن الجماعي لشعارات الزيف والباطل والشر المبين .
.
أبو مهند القمري
نبض القلم .. أبو مهند
القمري