الحمد لله والصلاة و السلام علي رسول الله . أما بعد :
أولا: تعريفات :
1- الإسبال :
هو ( إرسال الشئ من علو إلي سفل
كإسبال الستر و الإزار : أي إرخاؤه . و الإسدال بمعناه . و لا يخرج إستعمال
الفقهاء عن هذا المعني ) من الموسوعة الفقهية
2-3-الخيلاء هو ( الكبر والعجب )
و المخيلة ( من الإختيال وهو الكبر
واستحقار الناس ) انظر : الترغيب للمنذري ( 2/98)
4- الكعبين :
قال في لسان العرب :
وكَعْبُ الإِنسان: ما أَشْرَفَ فوقَ رُسْغِه عند قَدَمِه؛ وقيل: هو العظمُ
الناشزُ فوق قدمِه؛ وقيل: هو العظم الناشز عند مُلْتَقَى الساقِ” والقَدَمِ.
وأَنكر الأَصمعي قولَ الناسِ إِنه في ظَهْر القَدَم.
وذهب قومٌ إِلى أَنهما العظمانِ اللذانِ في ظَهْرِ القَدم، وهو مَذْهَبُ
الشِّيعة؛ ومنه قولُ يحيى بن الحرث: رأَيت القَتْلى يومَ زيدِ بنِ عليٍّ،
فرأَيتُ الكِعابَ في وَسْطِ القَدَم.
وقيل: الكَعْبانِ من الإِنسان العظمانِ الناشزان من جانبي القدم.
وفي حديث الإِزارِ: ((ما كان أَسْفَلَ من الكَعْبين، ففي النار)).
قال ابن الأَثير: الكَعْبانِ العظمانِ الناتئانِ، عند مَفْصِلِ الساقِ
والقَدم، عن الجنبين، وهو من الفَرس ما بين الوَظِيفين والساقَيْنِ، وقيل: ما
بين عظم الوَظِيف وعظمِ الساقِ، وهو الناتِئُ من خَلْفِه، والجمع أَكْعُبٌ
وكُعُوبٌ وكِعابٌ."اهـ
5-6-7-الإزار و القميص و السراويل :
بصراحة لم أجد لهم تعريف سوي قولهم "
اللباس المعروف ! "
والذي أسمعه أن :
الإزار : هو الذي يلبسه الحجاج
و القميص : يشبه ما يسمي الآن ( الجلابية )
و السراويل : يشبه ما يسمي الآن ( البنطلون )
والله أعلم
ثانيا : " من جر ثوبه خيلاء "
قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
" من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة "البخاري
وقال صلي الله عليه وسلم :
"لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا " البخاري
ثالثا : " ما تحت الكعبين من الإزار فهو
في النار "
الأحاديث :
1-
قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
" ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار "رواه البخاري و غيره . راجع
الصحيحة : 2037
2-
قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
"إزرة المؤمن إلي عضلة ساقيه . ثم إلي الكعبين .فما كان أسفل من ذلك ففي
النار " انظر صحيح الجامع
( الإزرة : الحالة و هيئة الإئتزار )
3-
قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
"إزرة المؤمن إلي نصف الساق . ولا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين . ما
كان أسفل من الكعبين فهو في النار . من جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه "
انظر صحيح الجامع
4-
قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
"الإزار إلي نصف الساق "
فلما رأي شدة ذلك علي المسلمين . قال:
" إلي الكعبين . لا خير فيما أسفل من ذلك "
انظر الصحيحة : 1765
5-
قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
"إن الله لا ينظر إلي مسبل الإزار "انظر الصحيحة: 1656
6-
عن ابن عمر، قال:
مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي إزاري استرخاء. فقال (يا عبدالله!
ارفع إزارك) فرفعته. ثم قال (زد) فزدت. فما زلت أتحراها بعد. فقال بعض القوم:
إلى أين؟ فقال: أنصاف الساقين" رواه مسلم
7-
عن ابن عمر قال:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلي إزار يتقعقع فقال: "من هذا؟" فقلت:
عبد الله قال: "إن كنت عبد الله فارفع إزارك" فرفعت إزاري إلى نصف
الساقين،فلم تزل إزرته حتى مات.انظر : الصحيحة 1568
8-
عن حذيفة ( رضي الله عنه ) قال :
أخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم بعضلة ساقي فقال :
" هذا موضع الإزار . فإن أبيت فأسفل . فإن أبيت فلا حق للإزار فيما دون
الكعبين " انظر الصحيحة : 1765
9-
قال الرسول صلي الله عليه و سلم :
" موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت فمن وراء
الساق، ولا حق للكعبين في الإزار " انظر الصحيحة : 2682
10-
عن أم سلمة ( رضي الله عنها ) :
أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما قال في جر الذيل ما قال . قالت : قلت :
يا رسول الله فكيف بنا ؟
فقال : جريه شبرا
فقالت :إذا تنكشف القدمان
قال " فجريه ذراعا " انظر الصحيحة :460
< فلو كان التحريم مختص بالخيلاء لما كان في استفسار أم سلمة معني !! انظر :
الفتح : 5791 >
11-
مهم !
عن الشريد قال: أبعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يجر إزاره . فأسرع
إليه أو هرول
فقال: " ارفع إزارك واتق الله"
قال: إني أحنف تصطك ركبتاي ،
فقال: "ارفع إزارك فإن كل خلق الله- عز و جل - حسن"
فما رؤي ذلك الرجل بعد إلا إزاره يصيب أنصاف ساقيه.
انظر : الصحيحة 1441
الحَنَف: إقْبال القدَم بأصابعها على القَدم الأخْرَى. اهـ من النهاية
و في المعجم الوجيز: ( اصطك ) الشيئان : صك أحدهما الآخر . و يقال : اصطكت
ركبتاه و قدماه : اضطربتا .اهـ
12-
مهم جدا !!
عن عمرو بن فلان الأنصاري قال:
بينا هو يمشي وقد أسبل إزاره،إذ لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذ
بناصية نفسه
وهو يقول: "اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك"
قال عمرو: فقلت: يا رسول الله إني رجل حمش (دقيق) الساقين،
فقال: "يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه،يا عمرو…"
وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو
فقال: " هذا موضع الإزار".
ثم رفعها ،
ثم ضرب بأربع أصابع تحت الأربع الأولي
ثم قال: "يا عمرو هذا موضع الإزار".
ثم رفعها ،
ثم وضعها تحت الثانية
فقال: "يا عمرو هذا موضع الإزار".انظر الصحيحة : 2682 وحسن إسناده – أي
الألباني رحمه الله – و ذكر له شاهدا من حديث أبي أمامة قال :
13-
بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري
في حلة - إزار ورداء - قد أسبل،
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله
ويقول: "اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك"
حتى سمعها عمرو بن زرارة ... الحديث : نحوه .
و زاد : "يا عمرو بن زرارة إن الله لا يحب المسبل". انظر الصحيحة
الآثار عن الصحابة : و منها :
14-
في قصة إستشهاد عمر رضي الله عنه : (
عند البخاري )
…وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك، من صحبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة.
قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال:
ردوا علي الغلام، قال: ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك.!
15-
قال ابن عمر رضي الله عنهما لشاب كان عليه حلة صنعانية يجرها سبلا فقال له
ابن عمر :
يا فتي هلم !
قال : ما حاجتك يا أبا عبد الرحمن ؟
قال : ويحك ! أتحب أن ينظر الله إليك يوم القيامة ؟!
قال : سبحان الله ! و ما يمنعني أن لا أحب ذلك ؟!
قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول :
" لا ينظر الله …"
فلم ير ذلك الشاب إلا مشمرا حتي مات
انظر الصحيحة
16-
رأي أبو هريرة رجلا يجر إزاره . فجعل
يضرب الأرض برجله – و هو أمير علي البحرين –
وهو يقول : جاء الأمير ! جاء الأمير !
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" إن الله لا ينظر إلي من جر إزاره بطرا "
مسلم . انظر الصحيحة 1656
رابعا : فقه الأحاديث و حكم الإسبال :
قال العلامة الألباني ( الصحيحة :
2682 ) :
" و أما بالنسبة للإزار . فالأحاديث
صريحة في تحريم جره خيلاء . وأما بدونها فقد اختلفوا : فمنهم من حرمه أيضا .و
هو الذي يدل عليه تدرجه صلي الله عليه و سلم مع عمرو في بيان موضع الإزار
استحبابا و جوازا . ثم انتهاؤه به إلي ما فوق الكعبين . وقوله له " هذا موضع
الإزار " فإنه ظاهر أنه لا جواز بعد ذلك . و إلا لم يفد التدرج مع القول
المذكور شيئا كما لا يخفي .
ويؤيده قوله صلي الله عليه وسلم : " ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار
" رواه البخاري عن ابن عمر
و يزيده قوة قوله صلي الله عليه و سلم في حديث حذيفة المتقدم : ".. و لا حق
للكعبين في الإزار "
قال أبو الحسن السندي في تعليقه عليه
:
" و الظاهر أن هذا التحديد . و إن لم
يكن هناك خيلاء . نعم إذا انضم إلي الخيلاء اشتد الأمر . و بدونه الأمر أخف "
قلت : نعم و لكن مع التحريم أيضا لما سبق .
و يقويه أن النبي صلي الله عليه وسلم لما أذن للنساء أن يرخين ذيولهن ثم أذن
لهن أن يزدن شبرا لكي لا تنكشف أقدامهن بريح أو عيرها . لم يأذن لهن أن يزدن
علي ذلك . إذ لا فائدة من وراء ذلك . فالرجال أولي بالمنع من الزيادة .
استفدت هذا من الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح .
و جملة القول :
إن إطالة الثوب إلي ما تحت الكعبين لا يجوز للرجال . فإذا اقترن مع ذلك قصد
الخيلاء اشتد الإثم . " اهـ كلام الألباني .رحمه الله تعالي
خامسا :
1-
قد يحاول بعض الناس أن يستدل علي جواز
الإطالة المذكورة بقول أبي بكر لما
سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه
يوم القيامة). قال أبو بكر: يا رسول الله، إن أحد شقَّي إزاري يسترخي، إلا أن
أتعاهد ذلك منه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لست ممن يصنعه خيلاء).
أخرجه البخاري و غيره كأحمد و زاد في رواية : " يسترخي أحيانا "
قال الألباني رحمه الله :
" قلت : فالحديث صريح في أن أبا بكر
رضي الله عنه لم يكن يطيل ثوبه .
بل فيه أنه كان يسترخي بغير قصد منه . و أنه كان مع ذلك يتعاهده فيسترخي علي
الرغم من ذلك أحيانا .
قال الحافظ عقب رواية أحمد :
" فكأن شده كان ينحل إذا تحرك بمشي أو
غيره بغير إختياره . فإذا كان محافظا عليه لا يسترخي . لأنه كلما كاد يسترخي
شده "
ثم ذكر بعض الروايات أنه كان نحيفا .
قلت : فهل يجوز الإستدلال بهذا و الفرق ظاهر كالشمس بين ما كان يقع من أبي
بكر بغير قصد . و بين من يجعل ثوبه مسبلا دائما قصدا ! نسأل الله العصمة من
الهوي . "اهـ
راجع الأحاديث6/7/8/11/12/13
2-
ومما قد يستدلون به :
ما رواه أبي بكرة رضي الله عنه عند البخاري 5785 قال :
خسفت الشمس و نحن عند النبي صلي الله عليه وسلم . فقام يجر ثوبه مستعجلا حتي
أتي المسجد . و ثاب الناس ( أي رجعوا إلي المسجد بعد أن كانوا خرجوا منه -
الفتح ) فصلي ركعتين . فجلي عنها . ثم أقبل علينا و قال :
" إن الشمس و القمر آيتين من آيات الله . فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا و ادعوا
الله حتي يكشفها "
قال الحافظ :
" فإن فيه-أي الحديث- أن الجر كان إذا كان بسبب الإسراع لا يدخل في النهي . "
ثم قال :
" ولكن لا حجة فيه لمن قصر النهى علي ما كان للخيلاء حتي أجاز لبس القميص
الذي ينجر علي الأرض لطوله "
ومما يوضح أن الجر إنما كان للإسراع : قوله صلي الله عليه وسلم :
" موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعضلة، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت فمن وراء
الساق، ولا حق للكعبين في الإزار " وقد تقدم
والله أعلم
سادسا : فيما يكون الإسبال :
1-
الإزار .
وهو مذكور في الأحاديث السابقة
2-
القميص :
قال البخاري5791
حدثنا مطر بن الفضل: حدثنا شبابة:
حدثنا شُعبة قال: لقيت محارب بن دثار على فرس، وهو يأتي مكانه الذي يقضي فيه،
فسألته عن هذا الحديث، فحدثني فقال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه مخيلة لم ينظر الله إليه يوم
القيامة). فقلت لمحارب: أذكر إزاره؟ قال: ما خص إزاره ولا قميصاً.
في الحديث :
" الإسبال في الإزار و القميص و
العمامة من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "
انظر صحيح الجامع 2770
قال الحافظ :
" و قال الطبري : إنما ورد الخبر بلفظ
الإزار لأن أكثر الناس في عهده كانوا يلبسون الإزار و الأردية . فلما لبس
الناس القميص و الدراريع كان حكمها حكم الإزار في النهي . قال ابن بطال : هذا
قياس صحيح لو لم يأت النص بالثوب . فإنه يشمل جميع ذلك "
3-
السراويل :
قال الشيخ الألباني :
" فمن مصائب الشاب المسلم اليوم
إطالته سرواله ( البنطلون ) إلي ما تحت الكعبين ..."
وقال الشيخ ابن باز :
"الإسبال حرام ومنكر سواء كان ذلك في
القميص أو الإزار أو السراويل أو البشت وهو ما تجاوز الكعبين لقول النبي صلى
الله عليه وسلم وما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري . "
" قال الشيخ ابن العثيمين :
إذا كان الثوب نازلاً عن الكعبين فإنه
محرّم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أسفل الكعبين من الإزار ففي
النار ) . وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الإزار فإنه يكون في غيره
وعلى هذا يجب على الإنسان أن يرفع ثوبه وغيره من لباسه عما تحت كعبيه "
خاتمة :
وعلي كل حال فرفع الثياب فوق الكعبين من التواضع لله تعالي
فقد سبق قول أبو أمامة :
بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة - إزار ورداء - قد أسبل،
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله
ويقول: "اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك"
و قول عمر رضي الله عنه :
ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك،
وأتقى لربك.
والله أعلم
أخوكم عبدالرحمن
شبكة الفجر