لا تحزن على ذلك فإنك مأجور على صبرك ، سأل موسى ربه أن يكف ألسنة الناس عنه
فقال الله عز وجل : يا موسى ما اتخذت ذلك لنفسي ، وإني أخلقهم وأرزقهم وإنهم
يسبوني ويشتموني !!
إنك لن تستطيع أن تعتقل ألسنة البشر عن فرْي عرضك ، ولكنك تستطيع أن تفعل
الخير ، وتجتنب كلامهم ونقدهم . يقول أحد أدباء الغرب : أفعل ما هو صحيحاً ثم
أدر ظهرك لكل نقد سخيف . ومن الفوائد والتجارب : لا ترد على كلمة جارحة فيك ،
أو مقولة أو قصيدة فإن الاحتمال دفن المعايب ، والحلم عز ، والصمت يقهر
الأعداء ، والعفو مثوبة وشرف ونصف الذين يقرءون الشتم فيك نسوة والنصف الآخر
ما قرءوه وغيرهم لا يدرون ما السبب وما القضية فلا ترسخ ذلك أنت وتعمقه بالرد
على ما قيل .
قال الشاعر :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ***** فالناس أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ***** حسداً ومقتاً إنه لذميم
ويقول آخر :
وهم يحسدوني على موتي فوا أسفا **** حتى على الموت لا أخلو من الحسد
ويقول آخر :
وإذا الفتى بلغ السماء بمجده ***** كانت كأعداد النجوم عِداهُ
ورموه عن قوس بكل عظيمة ***** لا يبلغون بما جنوه مداهُ
كيف التصرف حيال أذى الناس
؟
الناس قد يؤذونك وخاصة بأقوالهم
السيئة , فلا بد لك أن تعلم أن هذا الأذى يضرهم ولا يضرك ,إلا إذا شغلت نفسك
بأقوالهم فعندها ستتضايق , وإن أهملتها فستكون مرتاحاً 0 قال صلى الله عليه
وسلم :
" أتدرون من المفلس ؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام
وزكاة ,ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا , وسفك دم هذا وضرب هذا
فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته , فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه
أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " رواه مسلم .
فإذن الذي يغتابني ويسبني ويتكلم علي هو في الحقيقة يعطيني من حسناته ويحسن
إلي فجزاه الله خيراً . فإذا قال لك شخص كلاماً يؤذيك , فاتركه واذهب وهو
الذي سيتضايق ويغتاظ ( قل موتوا بغيظكم ) وأما إذ أشغلت نفسك بهذا الكلام
فستتضايق حتماً , وقد مر عمر بن عبدالعزيز في سوق المدينة فعثر في رجل فقال
له الرجل : أعمى ؟ قال عمر : لا 0 وقد أراد به الحارس – حارس عمر – فقال عمر
: دعه سألني : أعمى قلت : لا .