المقدمــــــــة
إن الحمد لله
نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من
يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا اله إلا الله
وحده لا شريك له ، وأن محمدا ً عبده ورسوله ، وبعد :
فقد عمد الإنسان منذ هبوطه من الجنة إلى استعمار الأرض بالأسباب التي ورثها
بفطرته أو التي اكتسبها بخبرته ، وحاول جاهدا إيجاد تفسير معقول ومقبول لكثير
من الظواهر الكونية ، فاختلفت منه الآراء تبعا لاختلاف عقائد الناس وأهوائهم
، ولم يكن العرب في هذا المجال أقل حظا من غيرهم ، بل فسروا هذه الظواهر
وجعلوا منها
علامة لولادة عظيم أو موته
وامتدت هذه التفسيرات الموروثة إلى ما
بعد البعثة النبوية حتى قطع النبي صلى الله عليه وسلم الربط بينها، بل ربط كل
ظاهرة بسببها الكوني ، وحث الناس على فعل ما يجب فعله ، وقول ما يجب قوله ،
عند مشاهدة أي ظاهرة من هذه الظواهر .
لقد كان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول من
عام الفيل ، وفي هذه الذكرى يقود بعض أهل العلم الناس للاحتفاء بها .
لست الآن بصدد إن كان فعلهم مشروعا أو غير مشروع ؛ إذ يكفي فيه القول : إنه (
بدعة ) وهو على غير مثال سابق من عهد الصحابة ومن تبعهم بإحسان ، بل إن ما
أهمني وأشغل فكري ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الذكرى من
قصص وعجائب وغرائب يتلوها بعض من نُسب إلى العلم ، تجاوزوا بها الإنسان
الكامل في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم حيث رأوا أن من لوازم نبوته
واصطفائه أن تكون ثمة مقدمات وبشائر
يوم الحمل به ، بل يوم مولده
حتى إن في بعضها ما يخرج النبي صلى
الله عليه وسلم عن النطاق الطبيعي للبشر ولسائر الأنبياء ، عليهم السلام ،
فقالوا : - إن النبي صلى الله عليه وسلم كان نورا ظاهرا تراه الأعين في جبين
عبد الله قبل أن تحمل به آمنة ، فلما حملت به انتقل ذلك النور إليها ، وقالوا
: لمولده تصدع إيوان كسرى ،وانطفأت نار المجوس ، وغارت بحيرة ساوة ، ودنت
النجوم حتى أوشكت أن تقع على الأرض ، وقالوا …..
وقفت حائرا بهذه الظواهر الكونية فتحسست صحتها فلم أجد ما يؤيد ذلك عند
المحققين من أهل الحديث ، وعرضت رجال هذه الآثار على أهل الجرح والتعديل
فوجدتهم بين ضعيف وكذاب .
جاء هذا البحث ليعالج أربع ظواهر كونية تناقلتها كتب السيرة والمؤرخون حتى
أصبح من المستهجن القول بخلافها عند كثير من أنصاف المتعلمين وعوام الناس
الأمر الذي استدعى عرض إسناد هذه الظواهر على رجال الجرح والتعديل واستنطاق
أهل الحديث ، ثم عرضها على معقول العلم ، ذلك أن الدين لا يأتي بما يخالف
المعقول وإن يأت أحيانا بما تحار فيه العقول ، وقد توصلت إلى تقرير القول
بضعف هذه الروايات وأنها ليست فيما يصح من الدين في شيء .
وقد جعلت بحثي هذا في أربعة أقسام :
كان الأول
للتعريف بالظواهر الكونية
، والثاني :
لبيان علاقة الظواهر لكونية بمبعث
الأنبياء
واستعرضت في الثالث
قاعدة نبوية عظيمة أيدتها بالقرآن
الكريم
، وفي المبحث الرابع
ناقشت ظاهرة النور في جبين عبد الله ،
وظاهرة انهدام إيوان كسرى وغور بحيرة ساوة ، وظاهرة دنو النجوم وظاهرة نجم
أحمد
؛ بل إن ما يجب مناقشته ورده من حيث
المعقول والمنقول كثير جداً ، وشأننا في ذلك كله أن لا نثبت إلا ما ثبت
بالدليل الصحيح عند علماء الحديث .
والله أسأل أن يجعل عملي خالصاً صواباً ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين .
التعريف بالظواهر الكونية
التعريف
بالظواهر لغة
الظاهر: خلاف الباطن . والظواهر
:أشراف الأرض .يقال :هاجت ظهور الأرض وذلك ما ارتفع منها .ومعنى هاجت :يبس
بقلها .وظاهر الجبل :أعلاه. وظاهر كل شيء :أعلاه ،استوى أو لم يستو ظاهره
.والظاهرة : العين الجاحظة وهي خلاف الغائرة .ويقال :إن قريشا صنفان : قريش
الظواهر ،وهم الذين نزلوا بظهور جبال مكة ،وقريش البطاح ،وهم الذين نزلوا
بطاح مكة .
وهم أشرف وأكرم من قريش الظواهر. والكون :واحد الأكوان وهو لفظ جامع لكل شيء
محدث(1).
أنواع الظواهر الكونية
الظواهر الكونية إما أن تكون من
الأعيان وإما أن تكون من الأعراض وكلاهما محدث .فالشمس والقمر والنجوم والأرض
والدواب… أعيان ظاهرة. والخسوف والكسوف والزلازل والشهب … كلها أعراض تقوم
بغيرها .هذه الظواهر بنوعيها لها وظائف تؤديها وفق نواميس محكمة الإبداع لا
تحيد عنها إلا بإذن رباني ، كما أنها مضطرة فيما بينها إلى الأسباب ،وان
تفاوتت وجوهها في قلتها
وكثرتها وزيادتها ونقصانها .
العلاقات السببية بين الظواهر
اكتشف علماء الطبيعة كثيرا من
العلاقات السببية الكائنة بين كثير من الظواهر الكونية ، ووضعوا لها تفسيرات
علمية مؤيدة بالبراهين الثابتة. ولم يؤثر عن تصادم وقع بين الحقائق العلمية
المكتشفة والقواعد الأصولية ، بل العلم مؤيد ومعاضد لنصوص الكتاب والسنة .
ثم إن الأسباب عاملة بإذن الله ، فالنار مظهر كوني تحرق بإذنه سبحانه وتعالى
، فإذا أمرت أن تمتنع من الإحراق امتنعت كنار إبراهيم عليه السلام .
قال تعالى ((قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ))(2).
والماء مغرق بالطبع فإذا أمر أن يتمتع من الإغراق امتنع وإذا أمر أن يغرق
أغرق كإغراقه فرعون وقومه ، ومنعه من إغراق موسى وقومه.
قال تعالى : (( وإذا فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون ))
(3).
فكما أن البدن لا تعمل جارحة من جوارحه من حركة أو سكون إلا بالروح ، فكذلك
لا يعمل سبب من الأسباب من نفع أو ضر إلا بالقدر والإذن من الله سبحانه
وتعالى (4).
قال ابن تيميه رحمه الله: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ،ومحو الأسباب
أن تكون أسبابا نقص في العقل ، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع
،ومجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب ، فإن المطر إذا نزل وبذر الحب لم يكن
ذلك كافيا لحصول النبات ، بل لا بد من ريح مربية بإذن الله ،ولابد من صرف
الانتفاء عنه ، ولا بد من تمام الشروط ، وزوال الموانع ، وكل ذلك بقضاء الله
وقدرته (5).
ولما كان الإنسان من الأعيان فإن الحمل والولادة والوفاة كلها ظواهر كونية
عارضة تقوم به لأسباب تختلف كل الاختلاف عن الأسباب الموجبة لكسوف الشمس أو
خسوف القمر ،أو غور منطقة ما ، أو ظهور نور على جرم ما . وقد تختلف بعض هذه
الأسباب كولادة عيسى عليه السلام حيث كانت من غير سبب ظاهر موجب للحمل ، وهي
حالة لا تكون بالمقياس السببي ، ولكنها أمام القدرة والإرادة الربانية كائنة
لا محالة.
ولكن قد يتزامن وضع الشمس أو القمر أو الأبراج أو غيرها من الظواهر الكونية
مع وقوع حادثة ولادة أو حمل أو وفاة ، فهل هذا التزامن يوجب شيئا؟
من المتفق عليه حتى عند المنجمين أن ليس ثمة ظاهرة فلكية معينة تتسبب في
ولادة أحد أو موته ، فضلا عن تحديد هويته لزوال الموجب لذلك
(6).فإذا لم يكن ثمة تأثير للخسوف والكسوف وما شاكلها من الأعراض الكونية
على الحمل والولادة والوفاة لانتفاء الأسباب المشتركة بينها ، فكيف يصح عقلا
أن
نقول : أنها كانت سببا في حمل مولود ما ، أو ولادته أو وفاته ؟ بل كيف يجرؤ
العقل على القول بحدوث الأعراض الكونية لأجل الحمل بمولود ما ، أو ولادته أو
وفاته ؟
ولو فرضنا جدلا أن بعض الأعيان من الظواهر الكونية كالقمر له تأثير في الحمل
والولادة (7) فإنه لا يختص بامرأة دون أخرى ولا بمولود
دون آخر . كما أن الموقف يتهافت أكثر فأكثر عندما نعكس الصورة فنقول : إن حمل
المرأة وولادتها لهما تأثير في تحديد منازل الشمس والنجوم والأبراج.
ولكن هل ثمة تأثير للأحداث الكونية على الأرض ؟ هذا مما لا شك فيه ،ذلك أن
الإنكار نقص في العقل والدين .إلا أن التأثير كائن من حيث النظام الذي وضعه
الله لحياة الإنسان على الأرض ، وصلاحيتها لقيام الإنسان بواجب الخلافة ،
وليس بالصورة التي يذكرها المنجمون (8).
وهل تعاقب الليل والنهار واختلاف الفصول الأربعة والمد والجزر إلا صور حية من
صور هذا التأثير ؟
ولقد حث القرآن الكريم الإنسان على التفكر في خلق الله للاهتداء إلى السنن
الكونية ذلك أن معرفة القوانين التي تحكم المادة مرئية كانت ، أو غير مرئية ،
والوصول إلى النتائج من خلال المقدمات العلمية العملية لا يختص بها مؤمن دون
كافر، ولا كافر دون مؤمن ، بل قال تعالى : ((كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء
ربك ، وما كان عطاء ربك محظورا )) (9).
الظواهر الكونية ومبعث الأنبياء
تأثير الإنسان
في الظواهر الكونية
عمد الإنسان منذ هبوطه إلى استعمار
الأرض بالأسباب التي ورثها بفطرته أو التي اكتسبها بتجاربه، وحاول تجاوز حدود
الأرض للتأثير في الكون عن طريق السحر والشعوذة وغيرهما،ولكن أثر أفعاله لم
يتعد حدود التخييل لبني جنسه، ولم يعهد عن أحد من البشر أنه أثر في الأجرام
السماوية وامتلك القدرة على احداث الكسوف أو الخسوف أو شق للقمر أو تكوين
للشمس ، أو نثر للشهب في صفحات السماء لأن الإنسان خلق ليعيش في الأرض.
لهذا كان تأثير الإنسان واقعا على الأرض ، حتى أصبح من اليسير إحداث زلزلة أو
خسف محدد في بقعة ما ، بل وإحداث برق ورعد و إنزال مطر في نطاق محدود، مع
العجز الواضح في التحكم في توزيع الأمطار في الأرض لخروج ذلك عن نطاق قدرة
الإنسان العقلية والعلمية فضلا عن إحداث زلزلة للأرض بالكلية.
ركب الإنسان الريح واستغل الطاقة ، وكان له ذلك لأمرين اثنين :-
الأول :
تذليل الله لما في الأرض للإنسان حتى يقيم خلافته فيها .
قال تعالى: { هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها…}
(10).
والثانية :
استغلال الإنسان لطاقاته العقلية في فهم أسرار الماديات وتسخيرها تسخيرا يخدم
أهدافه ويحقق آماله . بغير الأولى لا يمكن إحداث أمر من الأمور ؛ قال تعالى :
{ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء … }(11)
وبغير الثانية لا يمكن أن تنهض حضارة على سطح هذا الكوكب .
علاقة الأنبياء بالظواهر الكونية
جعل الله
سبحانه وتعالى للأنبياء خصائص أخرجتهم عن النطاق البشري في تسخير ما في الكون
من ظواهر تأييدا لهم و إعجازا لغيرهم فنجد بعض الأنبياء قد سخر الله له الريح
تأتمر بأمره .
قال تعالى : {ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره}(12) .
وهذا داود عليه السلام قد سخرت له الجبال والطير .
قال تعالى : { وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين }(13).
وقال تعالى :{ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوّبي معه والطير }(14).
وهذا موسى عليه السلام قد سخر الله له العصاة فشق بها البحر وقلبت حقيقتها
فأصبحت أفعى عظيمة.
وتجاوز بعضهم الأرض فحبست له الشمس ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : غزا نبي من الأنبياء …فدنا بين صلاة العصر أو
قريب من ذلك .
فقال للشمس : أنت مأمورة وأنا مأمور. اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى
فتح الله عليه (15)
وهكذا فإن العلاقة بين الأنبياء بعد بعثهم والظواهر الكونية ليست علاقة سببية
وإنما علاقة تسخيرية من الخالق سبحانه وتعالى جعلها لهم دلائل على نبواتهم
ورسالتهم .
ومن الظواهر الكونية التي حدثت يوم مبعثه صلى الله عليه وسلم كثرة الشهب في
السماء ، وهي كائنة لا لذات البعثة وإنما لما أصاب السماء من حركة غير عادية
في استقبال الأوامر الربانية ، وفي معرض ذلك يقول تعالى على لسان الجن: {وإناكنا
نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا}(16).
قال القرطبي : إن مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليستمعوا من الملائكة أخبار
السماء حتى يلقوها إلى الكهنة … فحرسها الله سبحانه وتعالى حين بعث رسوله
بالشهب المحرقة(17).
وقال الألوسي : وفي الآية رد على من زعم أن الرجم حدث بعد مبعث النبي صلى
الله عليه وسلم وهو إحدى آياته عليه الصلاة والسلام …ويدل على وجود الشهب –
قبل البعثة- ذكرها في شعر الجاهلية .
قال بشر بن أبي حازم :
والعير يرهقها الغبار وجحشها ينقض خلفها انقضاض الكوكب (18)
كما سخر الله تعالى لنبينا القمر فانشق على عهده فرقتين .
قال تعالى : {اقتربت الساعة وانشق القمر . وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر
مستمر}(19).
فقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : انشق القمر على عهد النبي صلى الله
عليه وسلم فرقتين : فرقة فوق الجبل وفرقة دونه .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشهدوا (20) .
إن قول النبي صلى الله عليه وسلم ((اشهدوا)) فيه دلالة واضحة على الحكمة التي
من أجلها كان تسخير الظاهرة الكونية ، وهي إقامة الحجة على الناس ليشهدوا أن
طالب الشق الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الفاعل للشق هو الله سبحانه وتعالى
تلبية لرغبة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهكذا يقال في كل معجزة كونية
ظهرت على يد نبي أو رسول.
فالإنسان ليست له سلطة فوقية على هذه الأجرام ، وحدوث شيء من هذا القبيل لا
يكون إلا بإذن رباني لحكمة يريدها ولمن يريد ممن اختار من أصفيائه .
وإلا لما كان في المعجزة فائدة تذكر إذا كان من عادة البشر إحداث مثل هذا
التأثير في هذا الكون .
الشمس والقمر آيتان من آيات الله
موقف العرب من
الظواهر الكونية
اهتم العرب قبل الإسلام بالظواهر
الكونية من خسوف وكسوف ورجم الشهب وما شاكلها من مشاهدات حسية .
فدفعهم هذا الإهتمام إلى إيجاد تفسير لهذه الظواهر بما يتفق عقائدهم، ويشبع
فطرتهم ، حيث جعلوا هذه المشاهدات من المقدمات لولادة العظماء أو موتهم.
موقف النبي صلى الله عليه وسلم من الظواهر
الكونية
امتدت هذه
الرواسب من التأويلات إلى ما بعد البعثة النبوية حيث صاحب وفاة ابن النبي صلى
الله عليه وسلم (إبراهيم) كسوف الشمس فربط بعض الصحابة هذه الظاهرة بحالة
الوفاة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قطع هذا الربط الجاهلي فقال : ((
الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله
فإذا رأيتموهما فصلوا ))(21).
وبينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم فقال :
ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية ؟ فقالوا : كنا نقول يموت عظيم ، أو
يولد عظيم .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته ، لكن
ربنا سبحانه وتعالى إذا قضى أمرا في السماء سبح حملة العرش ، ثم سبح أهل كل
سماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه السماء ويستخبر أهل السماء حملة العرش : ماذا
قال ربكم ؟ فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه فتتخطف الجن
فيرمون . فما جاءوا به فهو حق ، ولكنهم يزيدون فيه (22).
موقف القرآن الكريم من الظواهر الكونية
ذكر الله
سبحانه وتعالى كثيرا من الظواهر الكونية والغاية من وجودها ، ذكر النجوم فقال
سبحانه وتعالى : (( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين
))(23).
وقال جل شأنه : (( إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ))(24).
وقال تعالى (( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )) (25).
وبهذا يكون القرآن موافقا لما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيره
لهذه الظواهر كما جاء في حديث رمي النجم السابق .
ذلك أن الشهب لا ترمى لولادة عظيم أو وفاته ، بل لمنع الجن من سماع خبر
السماء ، وهذا أمر غيبي لا يستطيع العلم الوقوف عليه إلا عن طريق السماع .
وذكر القرآن الكريم الشمس والقمر فقال: (( هو الذي جعل الشمس ضياءا والقمر
نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ، وما خلق الله ذلك إلا بالحق
ُيفصّل الآيات لقوم يعلمون ))(26).
و قال: ((وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى))(27).
فالمنازل التي تمر بها الشمس ويمر بها القمر إنما هي من وضع الله جعلها
لغايات منها معرفة التوقيت الزمني .
فإذا صادف الشمس والقمر في منازلهما ولادة أحد أو وفاته فإن ذلك لا يوجب شيئا
لانتفاء الموجب ، ولأن حركة الشمس والقمر وانتقال كل في منازله كائنة منذ أن
خلقهما الله وحتى يرث الله الأرض والشمس والقمر .
كما أن ما يتبع هذه الحركة من الظواهر الكونية كالخسوف والكسوف وما شاكلهما
من أعراض هي أيضا كائنة في الماضي والحاضر والمستقبل وحتى يرث الله الدنيا
وما فيها .
فتخصيص هذه الظواهر لولادة أحد أو وفاته تخصيص بلا مخصص ، فضلا عن انتفاء
الحكمة من وراء ذلك .
وذكر الله سبحانه وتعالى الأرض وما عليها ما إعراض فقال : ((إن في خلق
السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع
الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من
كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون))(28).
وحثنا على السير في الأرض لننظر كيف كانت عاقبة المجرمين فقال: ((قل سيروا في
الأرض ثم انظروا كيف كانت عاقبة المكذبين ))(29).
إن عاقبة المكذبين الموت ، ولكنه بأشكال مختلفة قال تعالى : (( فكلا أخذنا
بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به
الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ))(30).
فالظواهر الكونية التي تحدث في الأرض كالخسوف والمسخ والصواعق والاغراق وما
شاكلها إنما يرسلها الله لمعاقبة المجرمين أو لغايات أخرى كما جاء في قوله
تعالى: ((هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد
بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في
الله وهو شديد المحال))(31).
فمن الخطأ دينا وعقلا القول بحدوث هذه
الظواهر لأجل ولادة أحد أو وفاته.
ولكن قد يقول قائل : إن ما تقوله حق ولكن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس كأحد
من الناس ، فلماذا لا يكون ظهور هذه التي تنكر حدوثها لشخص ما عبارة عن
ارهاصات وبشارات لمولد النبي صلى الله عليه وسلم ؟
نعم تكون هذه الظواهر ارهاصاً لمقدمه
إذا تحققت الأمور التالية :
1-
أن يثبت له ذلك بالقرآن أو بالسنة الصحيحة، حيث أصبح هذا الأمر في هذه الأيام
وعند كثير من الناس من جملة الإعتقادات ، ولو صح تصنيف هذه الإرهاصات في
الإعتقاد - وهذا بعيد – لوجب رده لأن الإعتقاد لا يقوم على الأحاديث الضعيفة
بإتفاق .
2-
أن يتميز بها عن غيره بحيث لا يشاركه في حدوث مثل هذه الظواهر أحد من الناس ؛
إذ لو شاركه أحد لم تكن له خاصة .
والعقل لا يستبعد ولا دة مواليد ساعة ولادته صلى الله عليه وسلم.
فمثلا : حادثة شق الصدر ثابتة له صلى الله عليه وسلم ولم يشاركه فيها غيره من
انس ولا جان (32) وهي من ارهاصات النبوة قبل البعثة
وليست قبل الحمل به أو عند ولادته ، وولادة عيسى عليه السلام من غير أب لم
يشاركه فيها غيره فكانت صفة تميزه عن باقي جنسه(33).
فلو حدثت تلك الظواهر التي ذكرها أهل السير للنبي صلى الله عليه وسلم لاقتصرت
عليه دون غيره حتى تكون خاصة من خصائصه صلى الله عليه وسلم .
3-
ومما يؤكد ذلك أن هذه الظواهر لو حدثت يوم مولده صلى الله عليه وسلم لكان
ينبغي أن لا تحدث مستقبلا حتى لا تتزامن مع ولادة مولود ما لأنها خاصة .
فولادة عيسى من غير أب لم تتكرر .
علما أن الظواهر الكونية التي حدثت يوم مولده صلى الله عليه وسلم - على ما
سيأتي بيانه – تحدث في كل عام مرة أو مرتين ، فكيف ندعي الإختصاص في أمر هكذا
؟
4-
معجزة النبي صلى الله عليه وسلم ليست في ولادته وإلاًّ لَـزم الإيمان به منذ
طفولته كرسول.
وهذا ما لم يعتقده أو يقول به عاقل بل معجزته صلى الله عليه وسلم كائنة في
قرآنه الذي هو بين أظهرنا، واشغال الناس بتلك الظواهر صرف للنبوة عن مسارها
الطبيعي.
مناقشة ظاهرة مشهورة
ظاهرة النور في جبين عبد الله
تمهيد
لا يكاد يخلو
كتاب من كتب السيرة من حديث النور وفيه : أن نور النبي صلى الله عليه وسلم قد
ظهر قبل الحمل به في جبين عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولما كان النور ظاهرة كونية فقد جعلها الناس من خصائصه الدالة على التبشير
به قبل الحمل به وولادته .
قال العامري : قال أهل السير ... وكان نور النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه
(عبد الله ) فلما خرج منه ذلك النور وانتقل إلى وجه آمنة....(34).
وقال دحلان : وكان نور النبي صلى الله عليه وسلم بيّـنا في وجهه (عبد الله )
وفي رواية : يرى في وجهه كالكوكب الدري .
وفي شرح المواهب : كان يتلألأ نورا في قريش فشغفت به نساء قريش
(35) .
اختلفت الروايات في تحديد اسم المرأة التي رأت النور؛ فمنهم من زعم أنها
فاطمة بنت مر الخثعمية ، ومنهم من قال أنها أم قتال أخت ورقة بنت نوفل ،
ومنهم من قال أنها ليلى العدوية ،ومنهم من قال أنها زوجة أخرى كانت مع آمنة
تحت عصمة عبد الله ، ومنهم من قال أنها امرأة من قريش رأت النور فدعت النساء
إلى المسارعة لأخذ النور من جبين عبد الله .
هذه الروايات بأسانيدها نضعها أمام أهل الجرح والتعديل ليقولوا قولتهم
الصادقة في رجالها.
روايا ت هذه الظاهرة
رواية الخثعمية
قال البهيقي : أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع ،قال : حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم
العسكري قال : حدثنا مسند ،قال : حدثنا مسلمة بن علقمة ، عن داود بن أبي هند
عن عكرمة ، عن أبي عباس قال :كانت امرأة من خثعم تعرض نفسها في مواسم الحج ،
وكانت ذات جمال ، وكان معها أدم تطوف بها كأنها تبيعها ، فأتت على عبد الله
بن عبد المطلب ، فأظن أنه أعجبها ، فقالت : إني والله ما أطوف بهذا الأدم وما
لي إلى ثمنها حاجة ، وإنما أتوسم الرجل هل أجد كفؤا ، فإن كانت لك إلي حاجة
فقم ، فقال لها : مكانك حتى أرجع إليك ، فانطلق إلى رحله فبدأ فواقع أهله ،
فحملت بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فما رجع إليها قال : ألا أراك ههنا ؟ قالت
: ومن كنت ؟ قال :الذي واعدتك . قالت : لا، ما أنت هو. ولئن كنت أنت فقد رأيت
بين عينيك نورا ما أراه الآن.(36)
وفيه عبد الوارث بن إبراهيم لم أعثر له على ترجمة(فيما توفر عندي من مراجع).
وفيه عبد الباقي بن قانع ، اتفق المترجمون لحياته على تغيير حفظه في آخر عمره
، قال الدارقطني : كان يحفظ ولكنه يخطئ ويصيب .
وضعفه البرقاني. وقال ا بن حزم : منكر الحديث تركه أصحاب الحديث جملة ...
وأيضا ابن سفيان في المالكيين نظير ابن قانع في الحنفيين وجد في حديثهما
الكذب البحت والبلاء المبين والوضع اللائح ، فإما تغييرا ، وإما حملا لا خير
فيه من كذاب ومغفل يقبل التلقين.(37)
وفيه أيضا مسلمة بنت علقمة وثقه ابن معين . وقال أبو حاتم : صالح الحديث ،
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال النسائي : ليس بالقوي وضعفه أحمد وقال : روي
عن داود مناكير ووافقه الساجي وزاد ، وكان قدريا ، وذكره العقيلي في الضعفاء.
(38)
هذا الحديث الذي أورده البيهقي في دلائله ذكره أبو نعيم في دلائله فقال :
حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة قال : حدثنا علي بن حرب
قال: حدثنا محمد بن عمارة القرشي قال : حدثنا مسلم بن خالد الزنجي،عن ابن
جُريح عن عطاء عن ابن عباس.(39)
وفيه مسلم بن خالد الزنجي . ذكره ابن حبان في الثقات وقال :كان يخطئ أحيانا ،
ووافقه الساجي في قوله هذا . وقال ابن عدي : أرجو أنه لابأس فيه .
وقال ابن سعد : كان كثير الغلط في حديثه ، وقال المدني : ليس بشيء. قال
البخاري : منكر الحديث ، وضعفه النسائي ، وذكره ابن البرقي في باب من نسب إلى
الضعف ممن يكتب حديثه .
وقد ذكر أهل الجرح والتعديل من روايته بعض الأحاديث الضعيفة ثم قال الذهبي
معلقا : فهذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوة الرجل ويضعف.
(40)
وفيه أيضا محمد بن عمارة لم أعثر له على ترجمة فيما توفر لدي من مراجع .وأورد
أبو نعيم هذا الحديث من طريق آخر فقال : حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال:
حدثنا إبراهيم بن السندي، حدثنا النضر بن مسلمة ، قال : حدثنا أحمد بن محمد
بن عبد العزيز عن أبيه قال : حدثني ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم
سلمة وعامر بن سعد عن أبيه سعد قال....(41)
وفيه محمد بن عبد العزيز عن أبيه الزهري ، قال العقيلي : قال البخاري : منكر
الحديث لا يتابع . وجاء في المغني : ضعفوه ، وقال ابن حبان: كان ممن يروي عن
الثقات المعضلات ، وإذا انفرد أتى بالطامات عن أقوام أثبات حتى سقط الإحتجاج
به . قال أبو نعيم : منكر الحديث . (42)
قال أبو نعيم : رواه عبد الله بن بشير عن أحمد بن محمد ابن عبد العزيز ولم
يذكر عامر وسعيد .
وذكر الحديث أيضا ابن سعد في طبقاته من طريق هشام بن محمد السائب الكلبي عن
أبي الفياض الخثعمي(43).وفيه هشام الكلبي قال ابن حبان :
يروي عن أبيه ومعروف بن سليمان والعراقيين العجائب والأخبار التي لا أصول لها
...
أخباره في الأغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وضعها .
وقال الذهبي: تركوه وهو اخباري .وقال الدار قطني: متروك، وقال بن عساكر :
رافضي ، وقال أحمد والبخاري صاحب سير ونسب ما ظننت أن أحدا يحدث عنه .
(44)
قال السيوطي : أخرجه ابن سعد من طريق ابن هشام ...معضلا.
(45)
وذكر الحديث أيضا ابن سعد من طريق وهب بن جرير بن حازم ، حدثنا أبي ،سمعت أبى
يزيد المدني ، قال: نبئت أن عبد الله أتى امرأة من خثعم.(46)
وفيه أبو يزيد المدني : قال ابن أبي حاتم عن أبيه : سئل مالك فقال : لا أعرفه
، وقال أبو زرعة : لا أعلم به ، وقال ابن أبي حاتم : يروي عن ابن عباس وتارة
يدخل بينه وبين ابن عباس عن عكرمة قال : وسألت أبي عنه قال: يكتب حديثه قلت :
ما اسمه. قال : لا يسمى .(47)
قال محقق كتاب البداية والنهاية : هذا
(الحديث) ظاهر الاختلاق وعليه ركاكة الصنع ، وتفاهة الوضع
...(48)
رواية أم قتال أخت ورقة بن نوفل
قال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال :حدثنا أحمد بن عبد
الجبار ، قال: حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق قال : ثم انصرف عبد
المطلب آخذا بيد عبد الله ، فمر به- فيما يزعمون- على امرأة من بني أسد بن
عبد العزة بن قصي ، وهي عند الكعبة ، فقالت له حين نظرت إلى وجهه : أين تذهب
يا عبد الله ؟ فقال : مع أبي . قالت : لك عندي من الإبل مثل التي نحرت عنك
وقع علي الآن . فقال لها : إن معي أبي الآن لا أستطيع خلافه ولا فراقه ، ولا
أريد أن أعصيه شيئا.
فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة- ووهب يومئذ سيد بني
زهرة نسبا وشرفا – فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة وهي يومئذ أفضل
امرأة في قريش نسبا وموضعا ... قال : وذكروا أنه دخل عليها ملكها فوقع عليها
عبد الله فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ثم خرج من عندها حتى
أتى المرأة التي قالت له ما قالت ، وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى
، وهي في مجلسها ، فجلس إليها وقال لها : مالك لا تعرضين عليّ اليوم مثل الذي
عرضت عليّ الأمس ؟ فقالت : قد فارقك النور الذي كان منك ، فليس لي بك اليوم
حاجة .
وكانت فيما زعموا تسمع من أخيها ورقة بن نوفل ، وكان قد تنصر واتبع الكتب ،
يقول : إنه لكائن في هذه الأمة نبي من بني اسماعيل .فقالت : في ذلك شعرا
واسمها أم قتال بنت نوفل بن أسد.(49)
قال السهيلي: اسم هذه المرأة رقية بنت نوفل ، تكنى أم قتال.(50)
هذا الحديث منقطع الإسناد ، وهو موقوف على محمد بن اسحاق، صدوق يدلس، ورمي
بالتشيع والقدر من صغار الخامسة.(51)
قال محقق سير ابن كثير : الواضح من الرواية أنها طلبت من عبد الله الفاحشة
فأبى ، وفي اليوم التالي عرض هو عليها فأبت وعللت (ذلك) بأن النور الذي كان
في وجهه قد زال – وفي هذا اتهام لعبد الله ، وفلسفة للفاحشة بأنها كانت رغبة
في النور ... وليس نور النبوة افراز عضو ولا اشراقة وجه. والرواية ظاهرة
الإختلاق وهي ذم في صورة مدح.(52)
وقال محقق دلائل النبوة للبيهقي : خبر غريب موضوع لا سند له ولا منطق يؤيده ،
ويناقض الأحاديث الصحيحة.
تناقلته كتب السيرة بما دسه أعداء الإسلام من يهود وسبئية وشانئين ومنافقين ؛
فرغم ما عرف عن تمسك المؤرخين بالسند ، وإن كل الأخبار الصحيحة وردت بالسند
القوي المتواتر فهذا الخبر ليس له سند ، فلا هو بمتصل ولا بمرفوع ، لا بل
نقله الطبري بقوله : فيما يزعمون.(53)
رواية ليلى العدوية
قال أبو نعيم : حدثنا سليمان بن أحمد
قال :حدثنا أحمد بن عمر الجلال المكي قال : حدثنا محمد بن منصور الجواز قال :
حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال : حدثنا عبد العزيز بن عمران قال : حدثني
محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه عن جده ، قال:
سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : نحن أعظم خلق الله بركة وأكثر خلق الله ولدا ،
خرج عبد الله بن عبد المطلب ذات يوم متحضرا مترجلا حتى جلس في البطحاء ،
فنظرت إليه ليلى العدوية فدعته إلى نفسها وقال عبد الله بن عبد المطلب : ارجع
إليك ، ودخل عبد الله على آمنة بنت وهب فقال لها : اخرجي ، فواقعها وخرج،
فلما رأته ليلى قالت : ما فعلت : فقال عبد الله : قد رجعت إليك. قالت ليلى:
لقد دخلت بنور ما خرجت به، ولئن كنت الممت بآمنة بنت وهب لتلدن ملكا(54)،
وفيه عبد العزيز بن عمران متروك الحديث(55) .
قال السهيلي : وفي غريب ابن قتيبة أن التي عرضت نفسها عليه هي ليلى العدوية
(56).
وقال أبو نعيم : حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال : حدثنا ابراهيم السندي ،
حدثنا النضر بن مسلمة قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز ، عن أبيه قال
: حدثني ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة وعامر بن سعد عن أبيه
سعد قال ...(57) وفيه محمد بن عبد العزيز وهو منكر
الحديث.
رواية الزوجة
الثانية
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال : حدثنا أبو العباس : أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا يونس بن
بكير ، عن محمد بن اسحاق قال : حدثني والدي اسحاق بن يسار قال : حدثت أنه كان
لعبد الله بن عبد المطلب امرأة مع آمنة بنت وهب بن عبد مناف فمر بامرأته تلك
وقد أصابه أثر من طين عمل به فدعاها إلى نفسه فأبت عليه لما رأت من أثر الطين
، فدخل فغسل منه أثر الطين ثم دخل عامدا إلى آمنة ، ثم دعته صاحبته التي كان
أراد إلى نفسها فأبى للذي صنع به أول مرة ، فدخل على آمنة فأصابها ثم خرج ،
فدعاها إلى نفسه فقالت : لا حاجة لي بك ، مررت بي وبين عينيك غرة فرجوت أن
أصيبها منك ، فلما دخلت على آمنة ذهبت بها منك .
قال ابن اسحاق : فحدث أن امرأته تلك كانت تقول :مر بي وأن بين عينيه نورا مثل
الغرة ، ودعوته رجاء أن يكون لي فدخل على آمنة فأصابها فحملت برسول الله صلى
الله عليه وسلم(58).
هذا الحديث منقطع الإسناد ومن متنه يظهر وضعه وكذبه ، وقد علق أحد الباحثين
على هذه القصة قائلا : وأغرب روايات المتعرضات رواية تذهب إلى أن عبد الله بن
عبد المطلب كانت له زوجة مع آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه
الزوجة هي التي عرضت عليه نفسها...وهذه الرواية تبدو عليها آثار الصنعة
.....فكأن واضعي هذه الرواية أرادوا المبالغة في تطهير والد رسول الله صلى
الله عليه وسلم (59) .
رواية تقول :
أنها امرأة من نساء قريش
قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن أحمد بن
سليمان قال : ثنا يونس بن عبد الأعلى قال : ثنا بن وهب قال : أخبرني أحمد بن
يونس ، عن يزيد عن أبي شهاب الزهري قال : كان عبد الله بن عبد المطلب أحسن
رجل رؤي قط ، خرج يوما على نساء قريش مجتمعات فقالت امرأة منهن : أيتكن تتزوج
بهذا الفتى فتصطحب النور الذي بين عينيه ، فإني أرى بين عينيه نورا ، فتزوجته
آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فحملت بمحمد صلى الله عليه وسلم(60).
الحديث من مرسلات الزهري.
الخــلاصــة
تبين من دراسة
أسانيد الروايات السابقة أن بعضها منقطع وبعضها بلا اسناد ، وبعضها ظاهر
الوضع والضعف . وهي روايات لا يقوي بعضها بعضا . لذلك أجزم بعدم ثبوت هذه
الإرهاصات على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنها لو كانت بالفعل لأثبتها
نبينا صلى الله عليه وسلم لنفسه كما أثبت غيرها ، كحادثة شق الصدر وهي من
الإرهاصات التي أثبتها لنفسه صلى الله عليه وسلم مما حصل له قبل مبعثه وليس
قبل الحمل به أو يوم ولادته ، ولكن الناس أنفسهم في هذه النواحي صنوف لا
تجمعهم قاعدة عامة ؛ فهذه بنت الشاطئ تعرض عن دراسة أسانيد هذه الروايات
فتلجأ إلى زاوية تلبي هواها الأدبي ، ورغبتها العارمة في تصوير هذه الواقعة
المفتراة ، كأنها على شاشة تلفاز أو وراء مذياع فها هي تقول : ((لو كنا هنا
نعرض حياة آمنة عرضا تاريخيا لكان فرضا علينا الوقوف لتوثيق هذه المرويات
ومقابلة أسانيدها والتماس موضع رجالها عند أئمة النقاد ... أما ونحن نعرض
المادة التاريخية عرضا أدبيا فنيا فحسبنا أن نطمئن إليها ونرى فيها حقيقة
الصورة التي تمثلها القوم للأم التي ولدت بطلنا الأعظم))(61).
ثم بدأت تسوق قصص النساء اللواتي عرضن أنفسهن على عبد الله سفاحا ، ثم ختمت
ذلك بتعليق فقالت : (( وأغلب الظن أن كلام (بنت نوفل) عن النور الذي فارق عبد
الله إلى (آمنة) قد شغل أويقات السمر في تلك الأمسيات المعدودات التي قضاها
العروسان معا قبل أن يفترقا ، وأن الأحلام قد حلقت في آفاق عليا ، خايلتهما
فيها أمنية عزيزة غالية ، قل من شارفها أو طمح إليها ...))(62).
فلو كلفت بنت الشاطئ نفسها أن تغوص في بحر أسانيد هذه القصة المفتراة ، ما
كان لها أن تخوض فيما خاضت ، وتتوهم ما توهمته من أحوال وأقوال غير صحيحة ،
ولكنها أبت إلا البقاء على الشاطئ.
والأستاذ العقاد في مطلع النور يطأطئ رأسه أمام التاريخ ويرد القصة بالقرآن
والمنطق . وعذره عدم علمه بالحديث ومصطلحاته وهو بهذا يكون أدق من بنت الشاطئ
وأقرب غلى الحق .
قال العقاد : ((وفي كل هذه الأخبار قسط من الصحة لا نهمله ولا نسوي بين رواية
السير له وبين خلوها منه ، فإن مجيئه في السير يثبت لنا معنى صادق
الدلالة،وأن يكن غير معناه المقصود ...وأما حكم الواقع على حدوث الخبر فحسبنا
فيه حكم القرآن الكريم الذي يبطل علم الكهانة بالغيب كما ينكره على أعوانه من
الجن ... فلا كاهن يعلم من أمر الدنيا سرا من أسرار الغيب فضلا عن أمر النبوة
.
والكاهنة التي تريد أن تحمل بنبي لا يخطرلها أن تحمل به سفاحا ...وأما أن
يكون زوجة لم تر من زوجها تلك الغرة (النور) قبل ذهابها ثم تأبى معاشرته بعد
ذهابها - فليس ما يجوز تصديقه من شؤون الزواج . فالقصة كلها – رغوة وزبد-
وزبدتها جمال عبد الله وأسى النفوس لما فات ذلك الجمال ))(63).
وموضوع تنافس نساء قريش على عبدالله لجماله وحسن طلعته الذي رجحه العقاد مال
إليه الشيخ أبو زهرة وقال : (( وكان موضوع اجتذاب النساء لوسامته وجاذبيته ))(64).
وتبعهما محمد عرجون في كتابه (محمد رسول الله)(65).
وهو اجتهاد جيد في تأويل النور لو صحت الروايات في المعترضات .
ومما يدل على تهافت هذه الروايات
وأنها من تلفيق القصاص ما يلي:
1-
تعارض مضمونها مع قوله عليه الصلاة والسلام :
(( الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله
فإذا رأيتموهما فصلوا)).
وقوله عليه الصلاة والسلام عن رمي النجوم : (( إنها لا ترمى لموت أحد ولا
لحياته )).
2-
إن الروايات تحمل طابع الكهانة أو ادعاء معرفة الغيب وهذا مرفوض بالكتاب
والسنة . قال صلى الله عليه وسلم : (( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول
فقد كفر بما أنزل على محمد ))(66).
3-
اضطراب الروايات في تحديد اسم المعترضة لأجل النور حيث بلغ عددهن خمس نساء ،
وقد حاول محمد عرجون تبرير ذلك فقال : (( إن قصة التعرض ربما تكررت مع أكثر
من امرأة واحدة ))(67) وهذا تبرير ليس له أساس وخاصة بعد
ما تبين ضعف الروايات وأنها ليست بمتصلة ولا مرفوعة بل أحاديثها معضلة وبعضها
بلا إسناد.
4-
إن ثلاثة نساء حاولن أخذ النور سفاحا ، ونور النبوة يؤخذ نكاحا .
5-
أن آمنة زوج عبد الله لم يرو عنها شيء من ذلك وهي أولى من غيرها في ادعاء ذلك
.
وأخيرا فان ما
يجب مناقشته ورده من حيث المعقول والمنقول كثير جدا منها :
-
ما ورد في انهدام ايوان كسرى وغور بحيرة ساوة 0
-
ودنو النجوم وتنوير كل ما في البيت
-
وظهور نجم أحمد
-
ورؤيا أم النبي صلى الله عليه وسلم وأن الأقرب الى المنقول والمعقول تقييد
الرؤيا بالمنام سواء تلك التي كانت يوم الحمل به أو يوم ولادته صلى الله عليه
وسلم.
د محمد أبو رحيّم
----------------
الهـوامـش
(1) انظر ، لسان العرب ، مادة ظهر وكون.
(2) سورة الأنبياء ، الآية 69.
(3) سورة البقرة ، الآية 50 .
(4) انظر ،كتاب الحجة في بيان المحجة ، بتحقيقي ، ص33-34 .
(5) انظر ،الفتاوى ،ج8 ،ص7 . ابن القيم ، الجواب الكافي ،
ص15 .
(6) انظر، حقائق وغرائب ،ص152 .
(7) اكتشف العالم التشيكي ((ايوجين جوناس )) علاقة واضحة
بين الطمث والقمر،إذ دلت دراسته على أن المرأة تنتج البويضة خلال دورة معينة
مرتبطة بالمنزل الذي كان فيه القمر عند مولدها ، وقد استخدم جوناس طريقته
المكتشفة في وضع جداول تستخدمها المرأة لتحديد الحمل بدون استخدام موانع ،
وأثبتت هذه الجداول كفاءتها بنسبة 98%.كما قام عالم ياباني في عام1938 بدراسة
على 33 ألف حالة ولادة ، فوجد أن معظم الولادات تحدث عندما يكون القمر كاملا
وأقلها أثناء المحاق. وأيده عالم أمريكي عام 1967 م. انظر ، حقائق وغرائب
،ص150 .
(8) يعتمد التنجيم على الاعتقاد بوجود علاقة بين الأجسام
السماوية والأجسام البشرية ، وأن هذه العلاقة يمكن فهمها وتفسيرها . فأواضع
النجوم في السماء ساعة ميلاد الطفل تحدد شخصيته ومصيره والنجوم تؤثر في وقع
الحياة الإنسانية وأن الأرض تتأثر بالظروف الكونية التي تدل عليها النجوم بما
في ذلك الحروب والمجاعات والكوارث والأحداث السعيدة على السواء .قلت وهذا
مردود بالكتاب والسنة والواقع يكذبه أنظر ،حقائق وغرائب ص125 .وكتاب السحر
بين الحقيقة والخيال ص 93.
(9) سورة الإسراء 20 .
(10) سورة الملك ، الآية 15.
(11) سورة البقرة ، الآية 255.
(12) سورة الأنبياء ، الآية 81.
(13) سورة الأنبياء ، الآية79. (14)
سورة سبأ ، آية 10.
(15) رواه البخاري ،ك جهاد ، ب 8 ، ومسلم ك جهاد ، ح 32 .
(16) سورة الجن ، الآية 9 .
(17) القرطبي ، ج 19 ، دار الكتاب العربي ، 1967.
(18) روح المعاني ج 29 ص 87 .
(19) سورة القمر ، الآيتان ، 1 ، 2 .
(20) رواه البخاري ، ك مناقب 27 ، مناقب الأنصار 36،
تفسير سورة 54 ومسلم ك منافقين 43،47،48، عن ابن مسعود وعن عباس وعن أنس وعبد
الله ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين .
(21) رواه البخاري ، ك الخسوف 1، 2 ، 4، 6 ،مسلم ، ك 1 ،
3 ،6 ،9 ، 10.
(22) روى نحوه مسلم ، ك سلام ، ح124.
(23) سورة الملك ،الآية 5.
(24) سورة الحجر، الآية 18.
(25) سورة الصافات، الآية 10. (26) سورة يونس
،الآية5.
(27) سورة الرعد ، الآية 2، سورة فاطر ،الآية 13 ، سورة
الزمر ، الآية 5.
(28) سورة البقرة ، الآية 164.
(29) سورة الأنعام ،الآية 11.
(30) سورة العنكبوت ، الآية 40.
(31) سورة الرعد، الآيتان 12، 13 .
(32) انظر، صحيح مسلم ، ك الإيمان ب الإسراء .
(33) قال تعالى : (( ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه
من تراب ثم قال له كن فيكون )) ، سورة آل عمران ، الآية 59.
(34) بهجة المحافل بغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير
والشمائل ، ج1 ، ص 35.
(35) السيرة النبوية والآثار المحمدية ، ج1،ص18 .
(36) انظر ، دلائل النبوة ، ج1، ص 107- 108.
(37) انظر ، لسان الميزان ،ج3 ، ص384.
(38) انظر ، لسان الميزان ،ج3 ، ص384 ، ميزان الإعتدال ،
ج4 ، ص109 ، تهذيب التهذيب ، ج10 ، ص145 ، الضعفاء للعقيلي ، ص1799.
(39) انظر ، دلائل النبوة لأبي نعيم ، ح74 ، والطبري ، م1
، ص 439 ، وابن كثير في البداية والنهاية ، ج1 ، ص 178.
(40) انظر ، تهذيب التهذيب ، ج10 ، ص 129- 130 ، ميزان
الإعتدال ، ج 4 ، ص 103 ، الضعفاء للبخاري رقم 342 ، الضعفاء للنسائي رقم
569.
(41) أبو نعيم ، دلائل النبوة ، رقم 72 ، قال محققه :
أخرج القصة ابن هشام في السيرة ، ج1 ، ص156 بدون اسناد .
(42) انظر ، التاريخ الصغير ، ج2 ، ص184 ، الضعفاء
للنسائي رقم 528 ، والعقيلي رقم 1661 ، والدار قطني رقم 456، وأبي نعيم رقم
235 ، والمجروحين ، ج2 ، ص 264 ، ميزان الإعتدال ، ج3 ،ص267 ، لسان الميزان ،
ج5، ص 259 ، الجرح والتعديل ، ج4 ، ص 7 ، التاريخ الكبير ، ج1 ، ص 163،
والمغني في الضعفاء رقم 5767.
(43) ابن سعد ، الطبقات ، ج1 ، ص69 ، الخصائص الكبرى ،
ج1، ص 41 ، تاريخ الخميس ، ج1 ، ص 184 ، الروض الأنف ، ج1 ، ص 180 ، السيرة
الحلبية ، ج2 ، ص 62-63 ، الكامل في التاريخ ، ج2 ، ص4 بدون اسناد .
(44) انظر ، المغني في الضعفاء رقم 6756 ، المجروحين ، ج3
، ص 19 ، ميزان الإعتدال ، ج4 ، ص 304 ، التاريخ الكبير رقم 2707.
(45) الخصائص ،ج1 ، ص 41 .
(46) انظر ، طبقات ابن سعد ، ج1 ، ص 69 ، الخصائص ، ج1 ،
ص 41 .
(47) انظر ، تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 380 .
(48) انظر ، البداية والنهاية ، ج1 ، ص 178.
(49) انظر، دلائل النبوة للبيهقي ، ج1، ص102-104، وابن
سعد في طبقاته، ج1 ، ص85 ،عيون الأثر،ج 1،ص31 ، نهاية الأرب ، ج16،ص58 ،
الطبري في تاريخه ، ج2 ، ص 174 ، الكامل ، ج2 ، ص4 ، الخصائص الكبرى ،ج1،
ص42،سيرة ابن كثير، ج1، ص176، تاريخ الخميس ج1،ص184.
(50) الروض الأنف ، ج1 ، ص180.
(51) التاريخ الكبير ، ج1 ، ص40 ، والعقيلي في الضعفاء
رقم 1578.
والجرح والتعديل ، ج7 ، ص191. وابن عدي في الكامل في الضعفاء ، ج6،ص 2116 ،
وميزان الإعتدال ، ج3 ،ص46 ، وتقريب التهذيب ،ج2 ، ص142 ، والضعفاء
والمتروكون للدار قطني رقم 513 .
(52) انظر، سيرة ابن كثير، ج1،ص176-177.
(53) انطر، هامش دلائل النبوة للبيهقي ج1 ، ص104.
(54) دلائل النبوة ، ح 73 ، وذكره السيوطي في خصائصه ،
ج1،ص40،ولم يعزه إلى غيره أبي نعيم ، وفي عيون الأثر ،ج1،ص23.
(55) انظر ، التاريخ الكبير ، ج3،ص29 ، الصغير ، ج2،
ص257، والعقيلي في الضعفاء رقم 969 ، والجرح ، ج2 ، ص390 ، وميزان الإعتدال،ج2،ص632،
والتهذيب،ج6،ص351،الدر قطني في الضعفاءرقم 349 ، والنسائي رقم 392.
(56) الروض الانف ،ج1 ،ص 179.
(57) أبو نعيم ، ص72.
(58) انظر ، دلائل النبوة للبيهقي ، ج1،ص 105-106، الطبري
في تاريخه ، م1 ، ص 439 ، والوض الأنف ،ج1، ص179.
(59) انظر ، محمد رسول الله ، ج1 ، ص 83-84.
(60) انظر ، دلائل النبوة لأبي نعيم ،ح75، ذكره السيوطي
في خصائصه ، ج1 ، ص41.
(61) بنت الشاطئ ، أم النبي ، ص90.
(62) المصدر نفسه ، ص98.
(63) انظر، مطلع النور ، ص220-221.
(64) انظر، خاتم النبيين ، ج1،ص98.
(65) انظر ، محمد رسول الله ، ج1،ص82.
(66) رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة ، أنظر ، صحيح
الجامع ، ص5815.
(67) محمد رسول الله ، ج1،ص84.