الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه أجمعين .. وبعد :
فإن من أوجب الواجبات ، الاجتماع على الحق والهدى قال تعالى : { وأطيعوا الله
ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين }
{ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا .... } الآية .
إنّ أعداء الإسلام والمسلمين يحيطون بالإسلام وأهله إحاطة السوار بالمعصم ..
ويحاربونهم بكافة السبل والوسائل المتاحة لهم .. عسكرياً واقتصادياً وفكريّاً
.. وإنهم لن يكفوا عن حربهم لهم ولا لحظة واحدة .. ولن يفرطوا في أي فرصة
تسنح لهم ليصيبوا بعض مرادهم ويحققوا بعض مخططاتهم .. ولهم أتباع من أبناء
جلدتنا يسيرون على ضلالهم ، ويتبنون شبهاتهم وشهواتهم ، وينفذون مطالبهم ،
ويروجون لباطلهم ومنكراتهم .
وإنّ غايتهم هي إبعاد المسلمين عن دينهم ، وتعبيدهم لغير رب العالمين ،
وتصييرهم أدواتٍ مطيعة لشياطين الجن والإنس ، وجعلهم يتنافسون على الدنيا
وملذاتها ومتعها ، ويحرصون على الحياة والتعب من أجلها ، والكدّ والنّصب في
سبيل تحصيلها .
وإنّ من أهم الأمور التي يحرص عليها أعداء الإسلام والمسلمين ، بثّ الفرقة
والخلاف بين المسلمين ، وبذر الشقاق والعداء بينهم ، ومحاولة إشغالهم عن
قضاياهم الكبرى والمصيرية بخلافات ونزاعات تورث الضغينة والحقد والكراهية
بينهم ، حتى ينسوا عدوهم وينصرفوا عنه ، ويكون شغلهم الشاغل النزاع والغلبة ،
وينتصر هذا لجماعته وشيخه ، وذاك لجماعته وشيخه ، ويكون العدو خلالها قد مرر
ما يريد ويشاء من مخططاته وضلالاته .
وإنّ أعداء الإسلام والمسلمين وأتباعهم ، لن يقصروا في اتّباع كل وسيلة تؤدي
إلى تأجيج هذه النزاعات والخلافات ، عن طريق عملائهم ووسائل إعلامهم ، من أجل
إطالة أمد الخلاف والنزاع ، وتشويه صورة أهل الخير والصلاح عند المجتمعات
الإسلامية ، وإيغار صدور بعضهم على بعض ، ومن أجل خلخلة الثقة ونزعها منهم
وجعل عامّة الناس يتجرئون على علماء الإسلام ودعاته ، وعلى المجاهدين في سبيل
الله ، وعلى أهل الالتزام .
إننا ندعو العلماء والدعاة وطلبة العلم وأهل الالتزام ونقول لهم : تعالوا إلى
كلمة سواء ، تعالوا لنجتمع على الحق والهدى ، تعالوا لنعالج واقعنا الذي
نعيشه ، تعالوا لنعالج أخطائنا وتقصيرنا ..
إننا نقول لهم : إن وقوع الخطأ والزلل أمر لازم للبشر ، ولا بد لهم من أن
يقعوا فيه ولكن : ( خير الخطائين التوابون ) والرجوع إلى الحق فضيلة ، وإعلان
ذلك وبيانه منقبة ..
إننا نقول لهم : لا مانع لدينا من التنبيه على الأخطاء ومناقشتها ، والأخذ
والرد فيها ، ومن بيان الحق ، ومن إيضاح الأمور وتجليتها ووضعها في إطارها
الصحيح .. بل إن هذا الأمر واجب ومتعيّن ، ولكن يختار له الكلمات المناسبة
والوقت المناسب والطريقة المناسبة .. وأيضاً : أن لا تُستهلك الأوقات وتستعر
القلوب بسببها كراهية وحقداً ، وأن لا تشتمل على اتهامات ودعاوى لا أصل صحيح
لها ، ولا مستند أصيل يدل عليها .
إننا لا ندعو لإحياء أمور مضت وذهبت ، ولا لتفتيش إرشيف الماضي والأيّام
الخالية ، ولا لإلقاء اللوم على فلانٍ أو فلان .. لكننا ندعو لتجاوز المرحلة
مع الاستفادة من دروسها ، والاعتبار والاتعاظ والادّكار .
إننا ندعو لمرحلة البناء ، مرحلة الوحدة والاجتماع على الحق والهدى ، مرحلة
الالتفات إلى الخطر المحدق الذي يحيط بنا ، وإلى البلاء الذي يوشك أن يفتك
بنا ..
إننا نوجهها صريحة واضحة جليّة :
1-
العقوبات الإلهية الشاملة العامّة توشك أن تحلّ بنا ، وقد حلّ بعضها ونزل ..
2-
العلمانيون يحققون كثيراً مما كانوا يصبون إليه .. ويواصلون جهودهم ..
3-
انصداع الصف والتفرق والتمزق والشقاق أمر ازداد واتسع وفرح به أعدائنا ..
4-
الانشغال بقيل وقال عن أوضاعنا ومنكراتنا وأعدائنا ..
5-
خذلان المجاهدين والمأسورين والمستضعفين نتيجة التلاوم والنزاع ..
6-
قسوة القلوب وقلّة الورع والشدة على المسلمين نتيجة خطأ متوهم أو فهم لا
يسنده دليل صحيح ..
7-
تتبع الخلافات والنزاعات أكثر من تتبع أحوال إخواننا المسلمين المضطهدين ،
ومن تتبع مخططات أعداء الدين ..
إننا نوجهها كلمة ناصحة ودعوة صادقة
في الإنترنت وفي خارجه :
كفى نزاعاً وشقاقاً وخلافاً .. دعو
العلماء والدعاة وطلبة العلم يختلفون .. وخذوا الحق بالدليل .. وارجعوا إلى
من تثقون بدينه وعلمه عند الخلاف ، وعند حلول الفتن والمحن والمصائب ..
واقبلوا الحق بالدليل .. وإيّاكم والهوى أو الانتصار للنفس ، وإيّاكم واتهام
الغير بما ليس فيه .. وإيّاكم والانشغال عن إخوانكم المجاهدين ، عن إخوانكم
المستضعفين ، عن إخوانكم المضطهدين ، عن أخواتكم اللواتي يستغثن ويطلبن
النصرة وما من مجيب ..
يا قومِ أفيقوا فوالله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن لما نشاهد ونرى ..
أما تحرك قلوبكم جراحات المسلمين .؟
أما تشغل بالكم صرخات الثكالى وصيحات المسلمات اللواتي تنتهك أعراضهن .؟
أما يصيح بكم صائح { تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم
وأنفسكم .... } الآية .؟
أما يدفعكم حال مجتمعاتكم وما فيها من منكرات كثيرة شركيّة وكفريّة ودون ذلك
إلى صرف الجهود لمكافحتها ومحاربتها والوقوف ضدها .؟
يا قومنا هذه دعوة وكلمة علّها أن تجد آذاناً واعية { إن في ذلك لذكرى لمن
كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ..
كتبه / الواضح
12/5/1423هـ