فأثناء مطالعتي رسالة ( تسمية المولود ) للعلامة المحقق / بكر بن عبدالله
أبوزيد ، وقفت على فوائد عزيزة ، ونكت جليلة ، لا تصير إليك إلا بقراءة هذا
الكتيب الصغير في حجمه ، العظيم في محتواه .
وهذه بعضها لعلها تكون دافعا لك
لاقتنائها والارتواء منها :
1-
قال : ( أما تلك الأسماء الأعجمية المولدة لأمم الكفر ، المرفوضة لغة
وشرعا..... ومنها : آنديرا ، جاكلين ، جولي ، ديانا ، ( سوزان ) ومعناها :
الإبرة أو المحرقة ....) .
2-
وقال : ( وتلك الأسماء الغرامية الرخوة المتخاذلة : أحلام ، أريج ، تغريد ،
غادة ، فاتن ، ناهد ، ( هيام ) - وهو بضم الهاء : ما يشبه الجنون من العشق أو
داء يصيب الإبل ، وبفتحها : الرمل المنهار الذي لا يتماسك ) .
3-
وقال : ( وأقول : إنني تأملت عامة الذنوب والمعاصي ، فوجدت الذنوب والمعاصي
إذا تاب العبد منها ، فإن التوبة تجذمها وتقطع سيء أثرها لتوها ، فكما أن
الإسلام يجب ما قبله - وأكبره الشرك - ، فإن التوبة تجب ما قبلها متى اكتملت
شروطها المعتبرة شرعا - وهي معلومة أو بحكم المعلومة - . لكن هناك معصية
تتسلسل في الأصلاب ، وعارها يلحق الأحفاد من الأجداد ، ويتندر بها الرجال على
الرجال ، والولدان على الولدان ، والنسوة على النسوان ، فالتوبة منها تحتاج
إلى مشوار طويل العثار ، لأنها مسجلة في وثائق المعاش من حين استهلال المولود
صارخا في هذه الحياة الدنيا إلى ما شاء الله من حياته ، في شهادة الميلاد ،
وحفيظة النفوس ، وبطاقة الأحوال ، والشهادات الدراسية ، ورخصة القيادة ،
والوثائق الشرعية ... إنها تسمية المولود التي تعثر فيها الأب ، فلم يهتد
لاسم يقره الشرع المطهر ، ويستوعبه لسان العرب ، وتستلهمه الفطرة السليمة ) .
4-
وقال : ( وهنا أذكر دقيقة تاريخية مهمة ، هي : أن التزام لفظة ( ابن ) بين
اسم الابن وأبيه مثلا كانت لا يعرف سواها على اختلاف الأمم ، ثم لظاهرة تبني
غير الرشدة في أوروبا صار المتبني يفرق بين ابنه لصلبه فيقول : ( فلان ابن
فلان ) ، وبين ابنه لغير صلبه فيقول : ( فلان فلان ) ، باسقاط لفظ ابن ، ثم
اسقطت في الجميع ، ثم سرى هذا الإسقاط إلى المسلمين في القرن الرابع عشر
الهجري ، فصاروا يقولون مثلا : محمد عبدالله ! وهذا أسلوب مولد ، دخيل ، لا
تعرفه العرب ، ولا يقره لسانها ، فلا محل له من الإعراب عندها . وهل سمعت
الدنيا فيمن يذكر نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول : محمد عبدالله ! ،
ولو قالها قائل لهجن وأدب ، فلماذا نعدل عن الاقتداء وهو أهدى طريقا وأعدل
سبيلا وأقوم قيلا ؟! وانظر إلى هذا الإسقاط كيف كان داعية الاشتباه عند
اشتراك الاسم بين الذكور والإناث ، مثل : أسماء ، وخارجة ، فلا يتبين على
الورق إلا بذكر وصلة النسب : ( ابن ) فلان ، أو ( بنت ) فلان ) .
5-
وقال : ( ولهذا اتفق العلماء على وجوب التسمية للرجال والنساء - من مراتب
الإجماع لابن حزم ص154 ) .
6-
وقال في الحاشية تعليقا على قوله - إن الإسم عنوان المسمى - ، قال ( وفي -
المؤتلف والمختلف - ( 2 / 977 ) للدارقطني أثر عن صحابي فيه أنه كتب على باب
داره اسمه ، فهذا أصل لما يفعله الناس اليوم ) .
7-
وقال : ( ولهذا نرى - كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى :- أكثر السفلة
أسماؤهم تناسبهم ، وأكثر الشرفاء والعلية أسماؤهم تناسبهم ) .
8-
وقال : ( في وقت التسمية : جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
على ثلاثة وجوه : 1- تسمية المولود يوم ولادته . 2- تسميته إلى ثلاثة أيام من
ولادته . 3- تسميته يوم سابعه . وهذا اختلاف تنوع يدل على أن في الأمر سعة ،
والحمد لله رب العالمين ) .
9-
وقال : ( لا خلاف في أن الأب أحق بتسمية المولود ، وليس للأم حق منازعته ،
فإذا تنازعا ، فهي للأب ) .
10 -
وقال في الحاشية تعليقا على قوله - ولا يقال : يا ابن فلانة - ، قال (
وللفائدة : صنف الفيروز آبادي رسالة سماها - تحفة الأبيه فيمن ينسب إلى غير
أبيه - طبعت ضمن - نوادر المخطوطات ( 1 / 101 - 110 ) بتحقيق الأستاذ
عبدالسلام هارون ) .
11-
وقال : ( وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن الهروي رحمه الله
تعالى قد سمى أهل بلده بعامة أسماء الله الحسنى ، قال : وكذلك أهل بيتنا ) .
12-
وقال : ( التسمية بأسماء أنبياء الله ورسله .... وقد أجمع العلماء على جواز
التسمية بها ، إلا ما يؤثر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من
أنه كتب : ( لا تسموا أحدا باسم نبي ) رواه الطبري . وهذا النهي منه رضي الله
عنه لئلا يبتذل الاسم وينتهك ، لكن ورد ما يدل على رجوعه عن ذلك ، كما قرره
الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ) .
13 -
وقال : ( وهنا لطيفة عجيبة ، وهي أن أول من سمي أحمد بعد النبي صلى الله عليه
وسلم هو : أحمد الفراهيدي البصري والد الخليل بن أحمد صاحب العروض ، والخليل
مولود سنة 100 هـ ) .
14 -
وقال في الحاشية : ( فائدة : أسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا أربعة : أدم ،
وصالح ، وشعيب ، ومحمد ، فهذه الأربعة عربية ، أما ما سواها من أسماء
الأنبياء ، فهي معربة ، لكونها منقولة إلى العربية في عصر الاستشهاد ، ولهذا
نرى قول علماء اللغة بعد اللفظ المعرب : ( وقد تكلمت به العرب ) ، والله أعلم
) .
15-
وقال : ( وفي تفسير قول الله تعالى عن عبده يحيى : ( لم نجعل له من قبل سميا
) - مريم 7 - ، قال القرطبي رحمه الله تعالى : ( وفي هذه الآية دليل وشاهد
على أن الأسامي السنع - أي : الجميلة - جديرة بالأثرة ، وإياها كانت العرب
تنتحي في التسمية ، لكونها أنبه وأنزه ، حتى قال القائل : سـنـع الأسـامـي
مـسـبـلـي أزر .............. حـمـر تـمـس الأرض بـالـهـدب وقال رؤبة للنسابة
البكري وقد سأله عن نسبه : أنا ابن العجّاج . فقال قصّرت وعرّفت ) انتهى ) .
16 -
وقال : ( التسمي بالأسماء الأعجمية ، تركية أو فارسية أو بربرية .... ومنها :
.... ، شادي - بمعنى القرد عندهم... ) .
17-
وقال : ( ومن الأسماء الفارسية ما ختم بلفظ ( ويه ) ، مثل : سيبويه ، وقد
أحصى بعضهم اثنين وتسعين اسما مختومة بلفظ ( ويه ) . وعلق في الحاشية بقوله :
ومن اللطائف هتا إيراد ما ذكره العلماء في ترجمة نفطويه الإمام اللغوي من أنه
قيل فيه : أحـرقـه اللـه بـنـصـف اسـمـه ................... وصـار الـبـاقـي
نـواحـا عـلـيـه وفي ( الوافي بالوفيات ) ( 6 / 131 ) فوائد لطيفة متعلقة بـ
( ويه ) في الأسماء الفارسية وطريقة نطقها ) .
18 -
وقال : ( ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، ومنها
التسمية بما يلي : حنش ، حمار ، قنفذ ، قنيفذ ، قردان ، كلب ، كليب . والعرب
حين سمت أولادها بهذا ، فإنما لما لحظته من معنى حسن مراد : فالكلب لما فيه
من اليقظة والكسب ، والحمار لما فيه من الصبر والجلد ، وهكذا ... وبهذا بطل
غمز الشعوبية للعرب كما أوضحه ابن دريد وابن فارس وغيرهما ) .
19 -
وقال : ( وكان النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وشيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بتقي الدين ، ويقول ( لكن
أهلي لقبوني بذلك فاشتهر ) ) .
20 -
وقال : ( والرافضة يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى : سيد العابدين ، وهذا لا أصل له ، كما في :
منهاج السنة ( 4 / 50 ) ، و الموضوعات - لابن الجوزي - ( 2 / 44 - 45 ) ،
وعلي بن الحسين من التابعين ، فكيف يسميه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ؟
! فقاتل الله الرافضة ما أكذبهم وأسخف عقولهم ! ) .
بدر الكـندري
الساحات