حقوق المرأة

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلاماً على نبيه الذي اصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن بسنته اقتدى ، وبهديه اهتدى . . وبعد :
محور مهم من محاورنا التي تناولها في هذه العجالة ، وهو حقوق المرأة المسلمة والاستماتة في هذا الميدان من قبل الليبراليين والعلمانيين ، يدعمهم العدو الثلاثي : الصهيوني والصليبي والشيعي الرافضي ، قتال طاحن عبر الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية ، للإطاحة بالمرأة المسلمة وإخراجها من بيتها ، وتعرية جسدها ، وتسفيه رأيها ، وإظهار زينتها وعورتها ، وقتل دينها وغيرتها ، ووأد عفتها وحيائها ، وخلع جلبابها ، ونبذ حجابها ، هذا ما يدعو إليه الغرب والشرق بالنسبة للمرأة السعودية المسلمة الأبية النقية التقية العفيفة الغالية الجوهرة المصونة ، والدرة المكنونة ، يريدون الفتك بها ، وإلا فلماذا اقتصرت مطالبهم على الخروج من البيت والاختلاط بالرجال الأجانب ، وقيادتها للسيارة لهتك عرضها ، وإيهامها بأن الحجاب تخلف ورجعية ، والله الذي أمر به في كتابه ، وأمر به نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته ، وشدد عليه العلماء الربانيون المخلصون .
لماذا يطالب قداس الصحف ، وعباد الفضائيات ، وكتاب مواقع النت ، المرأة بكشف وجهها ، وإظهار زينتها ، هل ضرهم تمسكها بدينها ، والتزامها شرع ربها ؟
لماذا مطالبهم كلها شهوات وملذات ؟ لماذا لا يطالبون بالحقوق المهضومة للمرأة المسلمة في كثير من القضايا :
المهر : فالمهر يؤكل من قبل بعض الآباء والأولياء ظلماً وهضماً للحقوق ظاهر بين ، أين دعاة حقوق المرأة عن هذا الحق المهضوم ، الذي لم نرى أو نسمع أو نقرأ عنه أبداً ، مع أن الشرع المطهر ، قد أقر للمرأة بكامل المهر ، إلا ما تنازلت عن جزء منه لأبيها خاصة ، قال الله تعالى : { وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } [ النساء4 ] .
يقول الله عز وجل : " وأعطوا النساء مهورهن, عطية واجبة وفريضة لازمة عن طيب نفس منكم. فإن طابت أنفسهن لكم عن شيء من المهر فوهَبْنه لكم فخذوه, وتصرَّفوا فيه, فهو حلال طيب " .
فالمهر ملك للمرأة بما استحله الزوج من فرجها ، فكيف يأخذه وليها ؟ أين عُبَّاد الفروج ، وأهل الشهوات عن ذلك ؟
تحجير البنت : وهذه نقطة أخرى غفل عنها أو تغافل عنها دعاة حقوق المرأة ، إذ كيف تحجر البنت في العاشرة من عمرها لابن عمها أو قريبها ، الذي ربما كان من أفسق وأفجر وأسوأ الناس ، ولو فرضنا جدلاً أنه من أفضل الناس ، فلا تزوج البنت إلا بإذنها ، المرأة لها كيانها وشخصيتها ، فكيف تعيش وترتبط برجل لا تريده ، أين هم دعاة السوء والفاحشة عن هذه الحقوق المهضومة للمرأة المظلومة ؟
الإرث : وهو من أدهى الدواهي التي نام عنها دعاة الرذيلة ، وقتلة الفضيلة ، إذ هناك من الناس من لا يعبأ بالمرأة ، ويعدونها من سقط المتاع ، كما فعل بها أهل الجاهلية الجهلاء ، وكأنهم يعيدون الجاهلية الأولى عياذاً بالله ، للمرأة حق في الميراث كما هو الحق للرجل ، هذا أمر الله عز وجل من فوق سبع سموات ، قال الله جل شأنه : { يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً } [ النساء11 ] .
الأولاد ذكوراً كانوا أم إناثاً ، لهم حق في الميراث من وليهم ، لكن للأنثى نصف ما للرجل ، هذا هو أمر الله وقضاؤه ، ثم يأتي جهلة من الناس ويعارضون أمره ونهيه ، هذا هو الكفر الصراح لمن عاند وكابر وخالف أمره عز وجل ، فهذه وصية الله تعالى للأولياء تجاه أولادهم ذكوراً وإناثاً أن يقتسموا التركة كما هي في كتاب الله تعالى .
العضل : عضل البنات والأخوات عن تزويجهن بالخاطب الكفء ، بحجج واهية ، وردود فاضية ، لأجل أكل رواتبهن إن كن موظفات ، أو إلحاق الضرر بأمهاتهن إن كن مطلقات ، أو غير من الأسباب والمسببات .
فأين دعاة الفساد والتبرج والسفور ، وأهل الفجور عن هذه الحقوق المهضومة للمرأة المسكينة .
أم أنه تباكي على تمسك المرأة بدينها ، والتزامها بعفافها وحيائها ، يكيدون لها المكائد ، وينصبون لها المصائد ، ليوهموها بأنها مظلومة ، وحقوقها مهضومة ، وأنها معطلة مهمشة ، مع أن الإسلام أعطاها كامل حقوقها ، وصانها بسياج الشريعة ، حتى تبقى أماً وبنتاً وأختاً وزوجة وعمة وخالة مصونة محروسة بحراسة الدين الإسلامي لها ، فهنيئاً للمسلمات في كل مكان ، وفي السعودية خاصة ، هذا التمسك بشرع الله ، والتزام هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالقرار في البيوت ، وعدم الاستعطاف أو الانجراف مع أولئك الدعاة النشاز ، المنافقون الفجار ، الذين بان عوارهم ، وانكشفت مخططاتهم ، وظهرت ألاعيبهم ، فصرحت نساء العفة والغيرة بأنهن لسن قاصرات حتى يرعى حقوقهن أو يطالب بها أمثال أولئك الكُتَّاب وغيرهم من المرتزقة على أبواب سفارات أمريكا وإسرائيل وإيران وفرنسا وغيرها .
لدينا أمهات ونساء وبنات عفيفات ، يخافون الله ويتقينه ، أما غيرهن فنسأل الله لهن الهداية والتوفيق للصواب ، ونسأل الله تعالى أن يريهن الحق حقاً ويرزقهن اتباعه ، ويريهن الباطل باطلاً ويرزقهن اجتنابه ، فالحق أبلج ، والباطل لجج ، الحق كالشمس في رابعة النهار ، لا يزيغ عنه إلا هالك ، والباطل من تبعه كان من أصحاب نار خازنها مالك .
فاتقوا الله يا عُبَّاد الشهوات ، فالنار هي الموعد والمآل لمن حاد عن جادة الصواب ، يقول الله تعالى : { وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } [ النساء27 ] .
 

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك