كيف أقرأ؟

وضاح بن هادي
@wadahhade

 
بسم الله الرحمن الرحيم

مما يدعوا للأسف أنك ترى عددا ليس بالقليل ممن لديهم حب وممارسة حسنة للقراءة؛ إلا أنه في الوقت نفسه لم تُحدث لديهم تلك القراءة أيّ تقدّم عقلي مأمول!!
وما ذاك إلا لأحد سببين :
1- إما لعدم الاختيار الأمثل للكتاب الذي بين يديه.
2- وإما للإخفاق في الممارسة الصحيحة لقراءة ذلك الكتاب.

وإليك إشارات سريعة إجابة على مثل هذا السؤال الملح :
•• تتعدّد طرق القراءة بتعدّد الدوافع الباعثة على القراءة؛ فمن يقرأ للاستمتاع والتسلية، ومن يقرأ للتثقيف، ومن يقرأ للتنمية، ومن يقرأ للبحث أو النقد.

•• والإشكالية أن الكثير من القرّاء ربما لا يُبالون في مساءلة أنفسهم حول الدافع من وراء ما يقرؤون، وأهمية ذلك تكمن في اختيار الكتاب المناسب، ومن ثَمّ اختيار الطريقة المناسبة للتعامل مع ذلك الكتاب.

•• بعدها يأتي اختيار الطريقة الملائمة للقراءة حسب مجال الكتاب، والغاية من قراءته؛ فمن قراءة تأملية، أو قراءة سريعة، أو قراءة تحليلية انتقائية، أو قراءة نقدية تقويمية ..

•• تمرّ القراءة الواعية عبر ثلاثة مراحل مهمة :
- قراءة مقدّمة الكتاب وخاتمته وفهرسه.. وهذه مرحلة استكشافية مهمة تتعرّف من خلالها على مقولة الكتاب الأساسية.
- تسجيل أبرز الفوائد، وربما النتائج التي توصّلت إليها من خلال قراءتك التأملية.
- ثم المحاولة بعدها في ترجمة تلك النتائج في قوالب عملية واقعية ملموسة.

•• أحد أسرار قراءتك الواعية أيضا؛ أن تُشرك أصبعك وقلمك أثناء القراءة، وقبل ذلك تتحرّر من ربقة أن ما بين يديك كتاب مقدّس، فكل كتاب حتى يعود عليك بالثمرة أن تتهيّأ قبليًا في إجراء حوار خاص مع مؤلفه، من خلال طرح الأسئلة والإجابة عليها، ووضع الاستشكالات والاستفهامات وعدم التسليم بكل المسلمّات التي يُظهرها الكاتب في كتابه.

•• يقول أحد العارفين : ‘قراءة كتاب جيد ثلاث مرات، أنفع من قراءة ثلاثة كتب مرةً واحدة‘، وهذا بلا شك يتحقّق في بعض الكتب التي تتطلب منك تكرارا حتى تُعطيك مكنوزها وأسرارها.

•• تذكّر أنّه ليس المهم دائمًا (كم قرأت؟)، وإنّما (ماذا قرأت؟) و(كيف قرأت؟)، و(ماذا حصّلت ممّا قرأت؟)، ولذا لمّا سُئل فولتير الفيلسوف الفرنسي : عمّن سيقود الجنس البشري؟ أجاب : الذين يعرفون كيف يقرؤون.

•• اسأل نفسك دومًا قبل قراءتك للكتاب على نحو :
- ماذا أعرف عن الموضوع قبل قراءتي للكتاب؟
- وماذا أريد أن أعرف بعد قراءتي لهذا الكتاب؟

•• اسأل نفسك دومًا بعد قراءتك للكتاب على نحو :
- ما الحدث أو الأحداث التي عالجها المؤلف؟
- هل الفكرة التي يطرحها المؤلف صحيحة على نحو قاطع، أو هي اجتهادية؟
- هل ما يقوله المؤلف يؤكد رؤيتي للقضية، أو أنني أختلف معها؟
- ما الجديد في الكتاب الذي قرأته؟
- هل فتح المؤلف أمامي بابا لكتابة مقال، أو بحث قصير يمكن أن أنجزه في المستقبل؟ أو منجز معرفي أخدم به الإنسانية؟
- هل هناك استفهامات أو استشكالات أحتاج أن أسأل عنها أو أبحث عن إجابة لها؟

•• لو أردنا أن نضع مقارنة سريعة بين قارئ جيّد وقارئ غير جيّد :

كتبه
وضاح بن هادي
خبير فن صناعة القراءة