اطبع هذه الصفحة


(( الكَتَبَةُ ))
30/9/2007 - 18/9/1428

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


الكتابةُ شرفٌ و فخرٌ ، و صنعةٌ منيفة ، و منقبة شريفة ، تقلَّدها صِناعةً الكثير ، و استعملها هواية الأكثرون ، و رامَ الكلُّ تأسيسَ القواعد ، و نثروا في التضاعيفِ الذوقَ الخالد ، حتى غَدَتْ متألقةً في جبين الصنائع ، و طبيعةً سامقةً في الطبائع ، فلا يشتغلُ بها إلا شريفٌ بَزَّ أقرانَه ، و عظيمٌ زَرَّ خِلاَّنَه .

بالكتابةِ يَعمدُ الكاتبُ لكشفِ مكنونِ نفسِه ، و يُظهرُ مخزونَ حدسه ، فينثرُ بأبلغِ التعابيرِ ما يُوصِلُ المراد ، و ينشرُ بأجزلِ العبارات دون أقصاد (1) ، و لكنَّهم في حال الرغبةِ في كَتْبِ ما يرومون في تبايُنٍ و اختلافٍ ، و تناءٍ في اعتساف ، فكانوا على نوعين :

الأول : مَن إذا رغِبوا في الكتابةِ جاءتهم مع الرغبةِ الأفكارُ متتالية ، حتى ليحار أحدهم في أيٍ يكتبُ ، و حتى إنَّ القلم ليواتينَّهم بما يُريدون رَقْمَه من معانٍ و خواطرٍ ، و هذا النوعُ كثيرٌ من الناسِ يتَّصِفُ بِهِ ، فلا تجدُ لديهم من العائقِ ما يعيقُ عن كتبِ ما يريدون .

الثاني : مَن إذا ما رغبوا في كتابةٍ ، فإنَّهم يُعايشون متاعبَ و عوائق ، فيصعبُ عليهم وجودُ فكرةٍ مَّا يكتبونها ، فإذا ما وجدوا الفكرةَ قد لا يُواتيهم القلمُ فيلزم اليدَ لتخُطَّ بِهِ ما تشاء .
و هذا النوعُ يمتازُ بأنَّه إذا بدأ بالكتابةِ فإنه يكون مُسترْسِلاً بالكتابةِ ، لأن الحاكم فيه ، و المتصرِّفَ في قلمه هي الفكرةُ ، فإن لم يستوعبْها في حالِ إقبالها ذهبتْ و ولَّتْ ، و طالَ الزمنُ حتى تعودَ ، و هؤلاءِ يلجأون إلى الخلوةِ و الوحدة حتى لا يطرأ عليهم من يقطع عليهم حبلَ الفِكرِ إذا وَصَل القلمَ بالكاغدِ ، و يُلامون بقِلَّةِ الكتابةِ _ غالباً _ ، و لكن مَن يَعذُرُ ذا القلم .
و هذا النوعُ غالباً ما يكون مُبْدعاً في كتاباته ، تجدُ فيها جِدَّةً ، و تجدُ فيها نوعاً من التميُّزِ .

إضاءةٌ : ما كل ما أحمله أقدر على كتابته ... فبعض المعلومات تصلح للمشافهةِ ... و بعضها للكتابةِ ... و بعضها لهما ... و بعضها لا ذا و لا ذا ... 28/7/2007


___
الهوامش :
(1) أقصاد : متكسر .

 

عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية