بعض الناس يفضل أن يكون حذاء في قدم ظالم على أن يكون راية في يد مصلح ! متوهما
ً أن حذاء الظالم يعلو كل الرؤوس ، ورايات المصلحين تمسح بها أحذية الطغاة !!
فتلك هي النفوس جبلت على طرائق قدداً :
فما النفس إلا حيث يجعلها الفتى *** فإن
هي تاقت وإلا تسلب
ولطالما سطر لنا التاريخ إبداعٌ لصُنَّاع الحياة ، وإسفاف لصُنَّاع الأوهام
والمذلة..
فليس بمستغرب أن نرى فئام من الناس ، فُتنوا بأعيان من خريجي المدرسة الفرعونية
، فتتلمذوا على أيديهم ، وعاشوا في أكنافهم ، ورضعوا من ثدي ولائهم .. حتى قال
قائلهم عن فرعونه :
أتاني [ هواه ] قبل أن لاأعرف الهوى
**** فصادف قلباً خالياً فتمكنا
فبدأ يسبح بحمده صباح مساء ، يوالي من والاه .. ويبغض من عاداه ، أوثق عرى
إيمانه أن يحب في الطاغوت ... ويبغض فيه !!
فكان أن كرَّمه فرعونه ، وكافأة بجمع شمله مع بقية من الصحاب في ( زريبة ) الذل
والهوان الصغار .
فانتعالهم انتعالاً ، وشرى ذممهم ، وأخزى مبادئهم .. وفرض عليهم سياسة (( ما
أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد )) ..
فبادروه بالصياح : سمعنا وأطعنا ، واسمع وانظرنا ..
[ نهز الرؤوس ...
نهز الرؤوس ...
رضينا .. رضينا بكل الطقوس ..
ولو أن ( ضربنا )
ولو أن ( شتمنا )
ولو أن جمعنا بـ( حوش ) التيوس ...
و نهتف دوما لوالي الجميع
وإن ساقنا نحو ذاك القطيع
فمنه ( العطاء )
ومنا ( الولاء ) ...
ومنا مباركة ٌ وثناء ...
ومنا ( التلصصْ ) على الشرفاء !! ]
فبهروا بالجبروت ، وهزأوا بالرحمة !
الصلابة في رأيهم حماقة ، والاستسلام حكمة !
الثبات على الحق والدعوة إليه فتنة ، والتخاذل والهوان أمانة !
صفقوا للظلم ،وطبلوا للطغيان ، وهللوا لمن يدوسون بأقدامهم رقاب الأبرياء ..
فباعوا دينهم بعرض من أعراض الدنيا ..فسحقاً لهم ، وفي الآخرة سيقولون ( ربنا
إننا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا .. ربنا آتهم ضعفين من العذاب
والعنهم لعنا كبيرا ,,) لكن هيهات هيهات فقد ( تبرأ الذين اتُبعوا من الذين
اتَبعوا ..ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب )..
تجهم الثغر عن (( أخباركم )) فغدا ****
من ( طول خزيكم ذلاً فأخزانا )
لذلك :
إذا لم تستطع أن تقول للظالم (( لا ))
فاقفل فمك .. ولا تقل له (( ما أعدلك )) !