اطبع هذه الصفحة


أهمية العمل الدعوي

ناصر بن سعيد السيف
dr_nasseralsaif@


    إن التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية على فهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى أساس النجاة     في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﮋ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَﮊ [آل عمران: ١٠٣]، وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الكريمة الآية: (الاعتصام بحبل الله، قيل: الاعتصام بعهد الله، وقيل: الجماعة، وقيل: القرآن، وقيل: عدم الفرقة). ([1])

      وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى مبيناً معنى الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ: (هو تحكيمه دون آراء الرجال ومقاييسهم، ومعقولاتهم، وأذواقهم، وكشوفاتهم، ومواجيدهم، فمن لم يكن كذلك فهو مُنسَّلٌ من هذا الاعتصام، فالدين كله في الاعتصام به وبحبله، علماً وعملاً، وإخلاصاً، واستعانة، ومتابعة، واستمراراً على ذلك إلى يوم القيامة). ([2])

       ومن أهم أساسيات العمل الدعوي السعي في تحقيق أهداف منهج الدعوة إلى الله تعالى الذي سار عليه الأنبياء والرسل في دعوتهم كما في القرآن الكريم والسنة النبوية هو إقامة الحجة على الناس وذلك بإيصال الداعية عقيدة الإسلام وبتعريفها للمدعوين، فإن الحجة تقوم عليهم بذلك وهذا واجب الدعاة وبها يعذرون، ومن هنا يتضح أن من أسس المنهج الدعوي الصحيح هو إقامة الحجة وإبراء الذمة في بيان رسالة النبي ﷺ لأمته وإبراء الذمة بدعوتهم إلى الحق المبين.

  وينبغي على الداعية عند قيامه بالدعوة إلى الله تعالى أن يراعي الأمور التالية:


1. 
  أن يجاهد نفسه على الإخلاص في الدعوة إلى الله تعالى لقول الله تعالى: ﮋ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًاﮊ [الكهف: ١١٠].

2. 
  أن يستخدم الوسائل والأساليب الدعوية لقول الله تعالى: ﮋادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَﮊ [النحل: ١٢٥].

3.
   أن المهمة هي البلاغ والتذكير، وليست الصيطرة على الخلق، لقول الله تعالى: ﮋفَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌﯣ  لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمصَيْطِرٍﮊ [الغاشية: ٢١-٢٢].

4. 
  أن يكون بصيراً فيما يدعو وبصيراً بكيفية الدعوة وبصيراً بحال المدعو، لقول الله تعالى: ﮋادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَﮊ [يوسف: ١٠٨].

5.
   مراعات الأولويات في الدعوة إلى الله تعالى، كما في حديث عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله ﷺ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتَهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتُرَدُّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائمَ أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب).([3])

      ويمكن توضيح أهمية العمل الدعوي في الدعوة إلى الله تعالى من خلال النقاط الآتية:


1. أن الدعوة إلى الله تعالى من أحسن الأقوال كما قال تعالى: ﮋ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَﮊ [فصلت: ٣٣].

2. 
وقاية الدعاة والمجتمعات من اللعنة عندما تحل بسبب ترك الأمـر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى: ﮋ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَﮊ ]المائدة: 78 [

3.
 ينجي الله تعالى الدعاة من السوء إذا حل العذاب بالذين ظلموا في المجتمعات: ﮋ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَﮊ ]الأعراف: 164[

4.
 يكفي الداعية تحفيزاً بأن له من الأجر مثل أجر فاعله، فعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأ‌نصاري البدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (من دلَّ على خيرٍ، فله مثل أجر          فاعله). ([4])

5.
  الداعية يراد به الخير، فكيف بمن تفقه في الدين وفقَّه الناس، وكيف بمن يتعلم ويُعلِّم الناس العلم والخير، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين). ([5])([6])


@  @  @
أسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد والقبول
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
ناصر بن سعيد السيف
1 ذو القعدة 1441 هـ


-----------------------------------------------------
([1]) انظر: تفسير القرآن العظيم، الحافظ ابن كثير، 2/743.
([2]) انظر: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ابن قيم الجوزية، 3/323.
([3]) رواه البخاري في صحيحه برقم الحديث (1425).
([4]) رواه مسلم في صحيحه برقم الحديث (3509).
([5]) رواه البخاري في صحيحه برقم الحديث (71).
([6]) انظر: الأسس العلمية لمنهج الدعوة الاسلامية، عبدالرحيم المغذوي، ص 55-60.

 

ناصر  السيف
  • كتب
  • مقالات
  • تغريدات
  • فيديوهات
  • الصفحة الرئيسية