اطبع هذه الصفحة


فقه الفقه

د. خالد بن عبد الله المزيني

 
حمداً لله تعالى، وصلاةً وسلاماً على خير خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فمما قيَّدتُه من فوائد شيخنا الفقيه الأصولي عبد الله بن غديان ـ حفظه الله ـ أن الفقه نوعان: الفقه، وفقه الفقه، والأخير هو الفقه الحقيقي.
وفقهُ الفقه هو أن تتكون ملكة عند الشخص، يتمكن بهذه الملكة من الربط بين فروع الشريعة ومداركها، أي مدارك الفروع، فأي فرع تسأله عنه يربطه بقاعدته، فيقول: هذا الفرع يرجع إلى قاعدة كذا، إن أردت أن يربطه بقاعدة أصولية ربطه، وإن أردت أن يربطه بقاعدة فقهية ربطة، وإن أردت أن يربطه بقاعدة من قواعد مقاصد الشريعة، بين لك الارتباط بينهما. وإن أردت أن يبين لك أن هذا الفرع يرجعه إلى إجماع، أو إلى قياس أصولي، أو إلى دليل خاص، أو يرجع إلى دليل عام.

لأن المشكلة التي تعترض صاحب العلم؛ الحوادث التي تحدث من الناس، فالفقيه يأخذ هذه الحادثة، وله خمس مراحل، لا بد منها لفقه الفقه:
1ـ أن يكون عنده تصور دقيق لهذه الحادثة، أي أن يفهمها تماماً.
2ـ أن يفهم مناط هذه الحادثة، أي العلة.
3ـ أن يبحث عن موضع هذه الحادثة من الشريعة.
فأولا يلحقها بالباب المناسب لها، ثم يبحث عن المكان الدقيق المماثل لهذه الحادثة.
ثم ينظر إلى هذا المكان، هل يشتمل على المناط الموجود لها. ثم يربط بين الحادثة وبين موقعها، ويعطيها الحكم، سواء أكان الحكم من جهة الإثبات، أو النفي.
إذا تكونت عنده هذه الملكة؛ يكون عنده فقه الفقه، لأن كثيراً من الناس يصدرون أحكاماً على مسائل فقهية بدون نظر إلى مناط الحكم، أو البحث عن مكان هذه الحادثة، لأنك لو قلت: كيِّف لي هذه الحادثة، هي من أي باب من أبواب الفقه، فيقول لك: قد تكون من باب الكفالة، وقد تكون من باب الإجارة، ثلاث احتمالات، أو أربعة، وهذا دليل على عدم استقرار فكره في هذه المسألة.
والله تعالى أعلم.

قلت: انظر: البحر المحيط؛ للزركشي (6/233).
 

خالد بن عبد الله المزيني
5 ربيع الثاني 1424

 

د. خالد المزيني
  • خواطر وتأملات في إصلاح البيوت
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية