دعوكم منهم فإنّهم علماء حيض ونفاس !!

خبَّاب بن مروان الحمد
@khabbabalhamad

هذه عبارة يرطن بها بعض الصالحين(!) في حقّ بعض المنتسبين للعلم ممّن لا تعجبهم مواقفهم.

وبعض من يقولها كذلك ليسوا صالحين ولا هُم يحزنون بل هم طالحون كما قيل في أحدهم:

هو طالح لا صالح لكنّهم غلطوا * فلم يضعوا العصا في رأسه!

ولي مع هذه الكلمة عدّة وقفات:

1) أنّ هذه الكلمة أول من قالها المعتزلة وهي فرقة ضالة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة في التلقي والاستدلال؛ وقد قالوها في حق أئمة الإسلام ، فقد ذكر الإمام العقيلي أنّ عمرو بن عبيد المعتزلي قال: اسمعوا فما كلام الحسن وابن سيرين والنخعي والشعبي عندما تسمعون إلا خرق حيض مطروحة!!
وذكر الإمام الشاطبي في كتابه " الاعتصام " أنّ أحد أئمة البدع احتقر فقه العلماء؛ فكان يقول : إن علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج من سراويل امرأة!!

فأنت تلحظُ أنّ الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي، وعامر بن شراحيل الشعي، والشافعي، وأبو حنيفة كلّهم مشايخ حيض ونفاس عند أولئك المبتدعة الأوائل!!

"كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً!"

وصار بعض المثقفين والمفكرين والمتفلسفين الجدد يقولون ذلك في حقّ بعض أهل العلم والمشكلة أنّ بعضهم من أهل العلم الصادق؛ لا كما يظنّون أنّهم علماء سوء... وهذه سقطة أخرى !!

2) يُراد بهذه الكلمة تحقير العلماء؛ وهذا أمر باطل وبمثله لا يحقّر من علم العالم؛ فمسائل الحيض والنفاس؛ بل مسائل قضاء الحاجة كذلك، إنّما هي من المسائل الشرعية التي أتت في النصوص قرآنا وسنّة؛ فذكر أهل العلم لها لا يُقلّلُ من شأنهم؛ بل إني أعلم أنّ أهل العلم الربّانيين لا يذكرون هذه المسائل إلاّ وهم كارهون لها

3) من يزعم أنّ العلماء ما لهم شغل إلاّ في مسائل الحيض والنفاس؟!
فهذا كذب بيّن؛ لأنّه لا يُعقل أن نرى أهل العلم ما لهم شغل شاغل إلا هذه القضايا؛ ولولا كثرة سؤال النسوان عن هذه المسائل لم يُلقوا لها بالاً كثيؤاً إلا في مجال التعليم فحسب.

4) لنفترض أن بعض أهل العلم داهن الطغاة والظالمين؛ أو نصر الظلم على الحق؛ وتأكّدنا من ذلك فيُقال في حقّهم أنّهم علماء جبناء، أو علماء سوء، على حسب ما يقتضيه المقام من كلام يوافق حقيقه الحق والعدل؛ ولا يُقال في حقّهم مثل هذه التعييرات والسخريات؛لأنّها من أحكام الدين؛ التي ذكرها الله في القرآن.
فوصف أهل العلم مّمّن داهن أو خذل المسلمين ليس له علاقة بموضوع الحيض والنفاس؛ بل علاقته بضعفهم و هوانهم أو أنّهم من علماء السوء؛ وليس لأجل كونهم قد انشغلوا بالحيض والنفاس!!

فكم من مثقف خذل المسلمين ولم يتحدث عن الحيض والنفاس يوماً !!

وكم من عالم كذلك لم ينشغل بمسائل الحيض والنفاس بل انشغل في علم العقائد والفكر وقد خذل المسلمين وقت احتياجهم لنصرته !!

5) أنا شخصياً أعرف شخصاً عالماً قد كتب في فقه الحيض والنفاس ثلاثة مجلدات؛ وقد سًجن ظُلماً أكثر من ستة سنوات بسبب قولته كلمة الحق؛ فهل كان علمه بأحكام الحيض والنفاس قد منعه من كلمة الحق؛ أو الكتابة في قضايا أخرى؟!! ... كلا.... ولا....

أخيرا:
ما كُنت أحب الكتابة في هذا الموضوع؛ لولا أني رأيت كثيراً من الشباب الصالح؛ بدأ يلغو بهذه الكلمات السيئة؛ فأحببت التنبيه على ذلك.