في بداية
الحديث عن هذا المجاهد الشهيد ان شاء الله نسوق حديث الرسول صلى الله عليه
وسلم ( ان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى لا يبقى بينه
وبينها الا ذراع فيعمل بعمل اهل الجنه فيسبق عليه الكتاب فيموت ثم يدخل الجنه)
او كما قال صلوات ربي وسلامه عليه
اخونا ابو دجانه رحمه الله
كان سائق شاحنه في المنطقة الشرقية وكانت جاهليته كبيرة وسمعته بهذا الأمر
مشهورة وفي يوم من الأيام بينما كان ذاهبا للبحرين ليوصل حمولة وكان في وضع
شبه فاقد العقل من المؤثرات التي كان يتعاطاها انحرفت به الشاحنة وانزلقت من
على جسر البحرين ولكن الله سلم بأن تعلقت بالسياج ولم تسقط على البحر وأغمي
عليه في هذه الأثناء ومن اقدار الله وكان هذا عام 1993م في نهايته او بداية
عام94 كان اثنين من الاخوه يريدون الذهاب للبوسنه عن طريق البحرين وبينما هم
على الجسر رأوا شاحنه ليست بغريبة عليهم فوقفوا ونزلوا ووجدوه صاحبهم حيث كان
جارا لأحد الاخوه فنزلوا واخرجوه من الشاحنة وذهبوا به للشرقية ولما آفاق
امروه بالاغتسال والوضوء وبعد ذلك صلى ثم بدأ الإخوة يناصحونه ويقولون له لو
انك مت لكانت ميتتك على معصيه بل كبيره فاحمد الذي نجاك منها ولم يختم
لك عليها ووقعت كلماتهم في قلبه ثم ذهبوا وسافروا فأخذ ابو دجانه يحاسب نفسه
واعتزل أصحابه الفاسدين وكلما راوه في موقف للشاحنات ذهبوا اليه ووجدوه
منفردا بالمصحف ويتلوه فلم يصدق رفاقه ذلك المنظر وظنوه يتخفى بذلك من جهة
حكومية، ومرت عدة اشهر ورجع الاخوه الذين أنقذوه من السفر للمنطقة الشرقيه
فذهب الى احدهم وطرق عليه الباب وسلم عليه بحراره ولم يعرفه الأخ ؟ حيث
اللحيه قد خرجت والثوب قصر والنور يشع من وجهه فعرفه بنفسه ففرح الأخ أيما
فرح بذلك المنظر الجميل وادخله المنزل وبدأت الأسئلة عن الجهاد والبوسنه وفضل
الشهداء والمجاهدين والرباط و..و..و..
فقال اذا اقرب طريق للجنه هو
الجهاد في سبيل الله وانا قد بلغت السادسة والثلاثين وكلي ذنوب ومعاصي سألتك
بالله ان ارافقك للجهاد؟؟
فقال الأخ الآن يوجد حصار على
البوسنه وليس من السهل الدخول والاخوه ينتظرون ان يفتح الطريق اما في كرواتيا
او سلوفينيا وكلا هاتين الدولتين ملآ بالمعاصي والخمور والنساء والفتن مالا
يطيق الصبر عليه بشر فقال سأذهب ولو انتظرت سنة كاملة واخذ الاخ بمحاولة
اقناعه ولاكن دون جدوى ، وفعلا ذهب ابو دجانه لكرواتيا وفي مدينة ساحلية من
اكثر المناطق في اوروبا فتنة وجمالا وابو دجانه حديث الالتزام بعد فمع إصراره
وصل لتلك المدينة الساحلية الحدودية مع البوسنه والهرسك ومكث في بيت صغير هو
واخ تركي قرابة الستة اشهر يترقب الطريق .
وكان كل وقته صلاة وعبادة وتعلم امور الدين من الاخوة الدعاة هناك حتى اتته
البشرى بفتح الطريق فذهب ودخل الى البوسنه التى طالما حلم بدخولها المجاهدون
وتوجه الى كتيبة المجاهدين في زينيتسا
وتدرب هناك وأعد واستعد وكانت
هناك معركة قرب قرية شيريشا فدخلها وكانت اول معركة له في جهاده وفتح الله
على المجاهدين في هذه العمليه
وتخندق المجاهدون في تلكم الجبهه ونال شرف الرباط في سبيل الله وبعدها بشهرين
اتت عملية أقوى واكبر وهي عملية فيسيكو قلافا ايضا في نفس المنطقه وشارك بها
وكانت سعادته لا توصف وكذلك شجاعته فقد كان يمتاز رحمه الله بقلب لا يعرف
الخوف وبه نخوة قلما تجدها وإيثار ومحبة عجيبين يعرفها كل من رافقه رحمه الله
وبعد تلك العمليات في عام 94 ذهب مع جمعية احياء التراث الإسلامي الكويتيه
وعمل معهم في مدينة ترافنيك ومكث فترة هناك وتزوج ببوسنوية من اصل داغستاني
وكان رحمه الله شديدا
في انكار المنكر في تلك المدينة حتى هابه جميع الفساق
بها بل وصل صيته الى الكروات في منطقة فيتز المجاوره فلم يكن احد منهم يجرؤ
بالمرور في مكان به ابو دجانه ، ومقابل ذلك واصل الليل بالنهار لخدمة
البوسنويين وخصوصا الكبار والأطفال حتى احبته المدينه بتواضعه الجم وروحه
المرحه واجادته للغة البوسنيه واصبح حديث الالسن هناك بالخير ومع ذلك يذهب
للمجاهدين في ترافنيك ويقضي حوائجهم ويرابط معهم واخبروه بوجود عمليات قريبه
فاستعد وكان في كل عمليه(معركه) يرجع في منتصف الطريق حيث لا يستطيع المواصله
لأنه مصاب بمرض الربو وزاد عليه في الفترة الأخيرة
حتى أتت عملية فلاشيج الثانيه
في ليلة عرفه من عام 1415هـ وواصل مع الاخوة المشي نحو العدو وكان على غير
عادته ؟؟ هادئا وكثير
التلفت وكأنه ينظر لشئ وكان وقت العمليه الساعة الثانية عشر ليلا وبدأت
المعركه وتقدم الليث ابودجانه ومعه سلاح الزوليا (قذيفه محموله) وتقدم نحو
الصرب ومعه الأخ / مصطفى البوسنوي
حتى اصبح مقابل للخندق بأقل
من عشرة امتار وهو يستعد لضرب الصرب فأتته طلقات في نحره فسقط شهيدا وخرج من
فمه مثل النور وتأكد الاخ مصطفى من مقتله
وذهب وتركه حيث شدة القصف وانسحب المجاهدون وهو لايكاد يمشي من البكاء على
خله ابو دجانه فلما امن المجاهدين امر الأمير بالتأكد من مقتل ابودجانه
وإحضار جثته فذهب اثنين من اسود الله ليتأكدوا وفعلا قتل ولكن جثته قد سحبها
الصرب عندهم ومكثت جثته عند الصرب اكثر من شهرين ثم اتصل الصليب الأحمر
بالجيش البوسني يخبره بطلب الصرب تبادلا للجثث ومن ضمن الجثث جثة عربي فأخبر
الجيش المجاهدين ذهب الأمير ومعه عدد من المجاهدين ،يقول الأمير ذهبنا
للمشرحه فوجدنا الجثث حديثة القتل (يوم او اقل ) وروائحها كريهه ومنبعثه بشده
فدخلت غاصبا نفسي بين الجثث حتى وجدت نعشا مكتوب عليه -عرب - فحملته انا
والاخوه واخرجناه فإذا الجثه مغطاة بكيس نايلون به سحاب واخبرنا الجيش ان هذه
الجثث ومن ضمنها جثة العربي لم تكن في ثلاجة للأموات بل مرمية في العراء
فقربنا اخونا من القبر وفتحت بنفسي السحاب من جهة الرأس وكانت الخواطر تدور
برأسي ورأس الإخوه كيف تكون حالته بعد شهرين ونصف هل اكله الدود؟؟ ام تغيرت
ملامحه؟؟ ام؟؟؟؟؟؟ام.؟؟ بدأت بفتح السحاب ويدي وجسمي يرتجفان من المفاجأه
فإذا وجهه كأنه القمر ولحيته المهيبة التي يكسوها البياض وجسمه هو هو لم
يتغير ورائحة كرائحة الحناء والله يشهد على ذالك ثم الاخوه الحاضرين … شهرين
ونصف لم يتغير منه شيئ حتى رائحته .
فرحم الله ذلك الأسد ورزق ابنته ( نوره ) الصلاح والهداية وهي الآن في
السادسة من عمرها مع والدتها في البوسنه في مدينة توزلا ووداعا يا ابا دجانه
وأكثر الله من أمثالك.
من قصص الشهداء العرب
في البوسنه والهرسك
ابوعمر الحربي (عبدالعزيز الحربي) 3