شاب من شباب الأمة الإسلامية.....
خرج من بلاده من سوريا ......
يسكن قرية حدوديه مع العراق وتغلب عليه لهجة العراقيين....
من عائلة متدينة محافظه .....
ومن قبيلة عربية أصيلة تمتد جذورها في كل الخليج تقريبا.....
انهى الدراسة الثانوية وله قريب يدرس في ايطاليا .....
استطاع قريبه ان يجد له منحة دراسية للقدوم إلى ايطاليا....
وفعلا رتب نفسه واستأذن أهله في السفر فأذنوا لولدهم ....
كانوا فرحين جدا بذهاب ابنهم مثل حزنهم على فراقه ...
نعم ذهب ليدرس الطب ويعود إليهم طبيبا خبيرا له مكانته ووجاهته.....
وصل في عام 1992م إلى ايطاليا ....
وبحكم محافظته الدينية كان يتردد على جامع مدينة ميلانو....
هناك التقى بفضيلة الشيخ أنور شعبان رحمه الله وتقبله....
وكان يستمع باهتمام إلى خطب الشيخ عن الجهاد ومآسي البوسنة والهرسك....
عندها قرر الذهاب إلى البوسنة لنصرة إخوانه هناك....
وفعلا طار الى هناك ويسر الله له الدخول إلى البوسنة عام 1992م....
واستمر مرابطا مجاهدا مصابرا ....
حتى تزوج من امرأة بوسنويه ورزق منها بابناء ....
وكله شوق الى قريته وبلده ووالدته وابوه ...
ولكن سبقت اخباريه الى المخابرات السوريه انه من المجاهدين فطلب بالاسم.....
والدته كانت تتصل به وكلها شوق لرؤية ابنها وزوجة ابنها وابناء ابنها ....
انتهت أحداث البوسنة واخينا صابرا محتسبا أمره إلى الله ...
ذهبت في زيارة الى البوسنة عام 1997م وقدر الله لي ان رأيته في مطار
سراييفو....
المطار عباره عن صالة صغيره وواجهتها زجاج بحيث تستطيع رؤية القادم من
الطائره .....
رأيته متشبثا بيديه ورجليه وقلبه وبصره على احدى هذه الزجاجات ...
يرقب وكله أمل ان تستطيع والدته الكبيرة من الوصول إليه ...
حيث اتصلت به وأخبرته انها في الطريق إليه ....
رأيته وسلمت عليه وعانقته ودموعه تهطل بغزاره ....
وصدره ينفث الزفرات املا بلقاء والدته الحبيبة....
وما هي الا لحظات حتى حطت طائرة الخطوط الجوية التركية.....
اخذ قلبه يرجف وانا معه وانا اعلم شوق الأم لابنها والابن لامه بعد غيبة
وانقطاع......
نزل الركاب من الطائرة الواحد بعد الآخر.....
حتى نزل جميع الركاب ......
نزل طاقم الطائره وصاحبي دمعت عيناه ....
أين أمي؟؟؟؟؟ لم تأتي؟؟؟؟ لعل مكروه حصل لها ؟؟؟....
وبينما هو يسترجع ويذكر الله اذ فتح باب خلفي للطائره وصعد رجل عسكري ....
ومعه عربة واخرج عجوزا طاعنة في السن ووضعها في العربة وانزلها .....
ونحن نشاهد من خلف زجاج المطار .....
صاح صاحبي ..أمي...أمي....الله اكبر ....
انهمرت الدموع الحارة واخذ يركض الى مدخل المطار ....
وصلت أمه الكبيرة في السن ودموعها تنهمر بغزاره .....
سقط الابن الكبير بحضن والدته كطفل ذو عام واحد....
وهو يبكي وهي تبكي وكلنا نبكي وهي تمسح رأسه وتتمتم....
تقول بلهجتها وفطرتها الطيبه....
حرموني منك الله يحرمهم عيشتهم....
والله يا عيني الزاد ماله طعم من دونك.....
والله ياغاتي ماتريقت من يومين وما اكلت ولاحاجه مشتاقه إلك....
غمر المطار حزن عارم ودموع هاطله ....
وحين هم بالتحرك بوالدته الكل فسح له المجال وكأنه رئيس دوله.....
شيعناه الى سيارته واركب والدته وذهبا ......
تذكرت هذا الموقف حين رأيت رابطا في منتدى انا المسلم .....
وفيه قصيده لابنها المأسور بعد رجوعه من الجهاد.....
الله اكبر....
كم من ام تنتظر ابنها على أحر من الجمر .....
كم من ام مكلومة في بلادنا تبكي ابنها ليلا نهارا....
كم من ابن يبكي والدته وهو في كوبا ....
كم من امة مظلومة ترزح تحت وطأة السجون الظالمة .....
آه لو علموا عن الحساب والعقاب لما تجرأوا بسجن هؤلاء الصالحين....
اللهم فك قيد اخواننا المأسورين في كل مكان ....
اللهم فك قيد أسرهم ....
اللهم ردهم سالمين إلى أوطانهم وأهلهم...
اللهم اجمع شملهم بأمهاتهم ...
اللهم اقر عيون الأمهات المكلومات برؤية أبنائهم....
يا ارحم الراحمين....
حمد القطري