ليلة خميس ..
بعد صلاة العشاء
الساعة التاسعة مساءاً .. على وجه التحديد ..
البيت ما فيه أحد .. و بينما كنت أغير ملابسي للذهاب للربع ..
فإذا بجرس الباب يرن ..
غريبة .. من هذا الذي يدق علي الباب في هذا الوقت ..
أنا أصلاً .. نادراً ما ينطق بابي .. تخبرون الكرم و لوازمه ..
أوجست في نفسي خيفة .. و الفار بدأ يلعب مرة ثانية ( لا حنا و لا هالفار ) ..
تذكرت الشباب الذين يأخذون من بيوتهم .. ثم لا يرجعون ..
رفعت سماعة الأنتركوم .. على وجل ..
قلت بكل أدب .. نعم ..
فإذا بصوت خشن جهور .. يتكلم بلهجة آمرة .. لا تخلو من القسوة ..
واجهني عند الباب الله لا يهينك ..
بس .. رحت فيها يا ولد .. قلت له .. سم طال عمرك ..
تخيلت الجيب واقف عند الباب ..
شلون الحين ؟؟ .. أروح أفتح لهم .. و إلا أطل عليهم من السطح ؟؟ .
و إلا أروح أجرد الأشرطة اللي في البيت و الأوراق ..
و الله ما عندي شي يخرّع .. كله الدويش و المنجد و ابن عثيمين .. و (الطفل و
البحر) ..
و أنزل الدرج و أنا أحاول أتذكر الدعاء الطويل .. ما ذكرت منه إلا كلمة
.. إلا طارق يطرق بخير يا رحمن .. ما أدري وش قبلها وش بعدها ..
أنا كنت متوقعهم من زمان .. لكن ما استعديت .. ما قالوا لي ..
تذكرت الطراقات .. و الكفوف و الرفسات ..
قلت مو مشكلة كل هذا يهون .. لكن .. نزع الأظافر و الكهرباء ..
شلون أسولف على الماسينجر بدون أظافر ؟؟ .. هذا إذا طلعت من السجن .. يا
خسارة شبابك يا همّام ..
قعدت أفكر .. مين مين ؟؟ .. من اللي سواها فيني
معقولة يكون فدغون .. مو بعيدة ..
لا لا ..لا .. فدغون رجال طيب .. شامل أجل ؟؟ .. لكن شامل أطيب من فدغون
بواجد ..
محب الجهاد ؟؟ ..أكيد .. ما في غيره .. حاسدني .. و يبي يكوش على المنتدى ..
طيب يا محب الجهاد . إذا ما سحبتك معي ..
المهم . وصلت للباب .. بعد عناء .. بسبب ما يسمى بأم الركب ..
و أنا أعد في بالي أجوبة للأسئلة .. و أعد أيضا قائمة بالشباب اللي بأسحبهم
يونسوني بالسجن ..
إينعم .. على قولة حسينوه .. يا نروحش سوى .. يا ما نروحش سوى ..
فتحت الباب .. فإذا برجل طويل عريض ذو قسمات صارمة .. شكله ضابط كبير ..
وجه قاسي الملامح .. و نظرات واثقة خارقة حارقة .. يعرفون من يرسلون في مثل
هذي المهمات ..
مديت يدي أسلم عليه .. و أنا أتلفت يمين و يسار .. وين السيارات و السيفتي ؟؟
أكيد منتشرين في الطرقات و السكك علشان يسدون علي الطريق إذا انحشت ..
فإذا به يتكلم بصوت عالي .. رافع الرأس بلهجة الواثق من نفسه
و ينظر إلي بعينين كالصقر قتلننا ثم لم يحيين قتلانا ..
كان يتحدث بلهجة صفرسبعية ما فهمت منها شي .. و أنا ما غير أتلفت .. و أدوّر
الجيوب ..
و أثناء كلامه أدخل يده في جيبه ليخرج ورقة .. ( أمر بالاعتقال ؟؟ )
.. تذكرت عيالي .. و قلت أشوى إنهم عند خوالهم .. لا يشوفون أبوهم مكبل
بالحديد ..
لكن مو معقولة .. نروح السجن بليموزين .. الرجال ما معه سيارة ..
و صراحة . ما نيب رايح معه بسيارتي .. نكد على الحكومة بعد ؟؟ .. إلا كان
يعطوني فلوس البنزين ..
الرجال خلص كلامه و سكت .. حاولت أتذكر الكلام اللي قاله .. لأني ما كنت حوله
يوم يقوله ..
ما تذكرت إلا بعض الكلام مثل ( الوجيه الطيبة شرواكم ) .. و ( مقادير الله )
.. قعدت أتفرس في وجهه .. و هو ساكت .. و أنا أتفرس .. و هو ساكت ..
أنطره يتكلم .. يكفخني طراق .. يسحبني على وجهي .. ماش .. مو حافظ السيناريو
..
و هو ينطرني أتكلم .. ينتظر الجواب .. فكان الصمت أبلغ جواب ...
تخبرون المصاب بأم الركب .. يفقد القدرة على النطق مؤقتاً ..
أثناء ذلك ..حاولت أفك الشفرة اللي قالها .. بتحليل بعض الكلمات اللي فهمتها
..
و بربط الجمل ببعضها البعض .. و لعدم وجود الجيب ..
خمنت بفطنتي و ذكائي المعهود .. أنه سائل .. و الورقة اللي معه .. صك إعسار
..
بلعت ريقي .. بردت أطرافي .. بدأ قلبي يرجع لمكانه الطبيعي ..
عقب ما أخذ جولة مكوكية في أنحاء بطني .. و بغيت أطيح على وجهي ..
أحس كأني راكب أصنصير .. وش أسوي فيك الحين .. ؟؟
وش أســــــــــوي فـيـــــــــــك ؟؟؟ ....
تذكرت قول الله تعالى ( و أما السائل فلا تنهر ) ..
فاعتذرت له بصوت مبحوح لا يكاد يسمع .. هو أقرب إلى الشهيق منه إلى الكلام
الله يرزقنا و إياك ..
الله يعطينا و يعطيك ..
قلت له ذلك .. و أنا أقاوم رغبة ملحة في بكس أفرغ فيه كل هالخرعة ..
همام