أنا والشيخ عبد الله عزام
قبل ( 18 ) عاماً قصة فيها عبرة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فمنذ أكثر من ( 18 ) عاماً مضت جاءني أحد إخواني وأنا في " عمَّان " – الأردن –
وأخبرني أنه جاء للتوِّ من صلاة التراويح ، وكان إمامهم الشيخ عبد الله عزام
رحمه الله .
ومما أخبرني الأخ الفاضل أنه في تلك الصلاة كان يصلي خلف الشيخ أناس كثر .
ومما أخبرني أنه حدث شيء جميل محرج في
آن واحد :
جميل للشيخ
محرج لكل من كان موجوداً باستثناء أولاد الشيخ
وهذا الشيء هو أن الذي كان يردُّ الشيخ عبد الله عزام إذا أخطأ في القراءة :
أولاده الصغار !!!
بينما نحن الكبار – والكلام لمحدِّثي – لا نستطيع الرد لأننا لا نحفظ ما يقرؤه
الشيخ !!
فكان هذا الأمر جميلاً للشيخ محرجاً لغيره !!
وأُعجبت أيما إعجاب بمثل هذا الموقف المشرف في تربية الأولاد على كتاب الله
تعالى حفظاً وفهماً وعملاً به إن شاء الله - .
وتمنيتُ أشد الأمنية أن أكون أنا الإمام وأنَّ أولادي الصغار هم الذين يردونني
إذا أخطأت في القراءة .
وكل هذا من باب قوله تعالى { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }
ومن باب قوله صلى الله عليه وسلم : " لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله
الكتاب وقام به آناء الليل ، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل
والنهار " . – متفق عليه - .
وأخبرتُ بعض المحبين بهذه الأمنية ، وأن المدارس لا تعلم ولا تربي كما يريد منا
شرعنا الحنيف .
فعزمتُ على أن أحاول قدر جهدي – وأنا ذلك الشاب الأعزب – أن أحفِّظ أولادي كتاب
الله تعالى ، وأن يكون ذلك هو همي الأكبر .
وتزوجتُ وكان أن رزقني الله أولاداً ، فبدأتُ معهم بما كنتُ نويته أيام شبابي ،
بعد سماعي قصة الشيخ عبد الله عزام وأولاده .
وسلكت معهم طريقة سلفنا الصالح في التأديب والتعليم ، وكان الأمر شاقّاً وصعباً
لصغر سنهم وقلة ذات اليد ، وبعد المسافات بينهم وبين شيخهم .
وكان يستلزم ذلك أن يبيتوا عند الشيخ في
بيته الذي يبعد عنا أكثر من ( 50 ) كيلو ، وكانوا يغيبون عنا ( 5 ) أيام ! ولا
يعلم أحدٌ ما يحدث في قلبي وأنا أركبهم الباص وأودعهم إلا الله تعالى .
فتعلموا الذهاب وحدهم إلى أماكن بعيدة – على صغر سنهم – وتعلموا مجالسة الرجال
والشباب ، وتعرفوا على مجموعة أكثر مما أعرفهم !
ولهم في تلك الفترة حكايات مع الناس جميلة لعلي أنشط لذكرها ففيها عبرة وعظة
وطرفة .
وشيخهم من حفظة كتاب الله ومن طلبة العلم .
وبعد ثلاث سنوات كان الأول – وهو طارق –
والثاني – وهو داود – من حفظة كتاب الله تعالى كاملاً !!
وهذا من فضل الله تعالى ، ومع أن الثاني
قد دخل بعد الأول بفترة بعيدة ، وهو أصغر منه بأكثر من سنة وثلاثة أشهر ، لا
أنهما أتماه سويّاً .
وعند الحفظ كان قد مضى من عمر
الأول : ( 8 ) سنوات ونصف تقريباً ، والثاني : حوالي ( 7 ) سنوات – وقال لي
شيخهم : لعله أصغر حافظ للقرآن في هذا البلد - .
ثم بدأوا بحفظ " عمدة الأحكام " فحفظوها كاملة عن ظهر قلب ، فـ " البيقونية " و
" الطحاوية " و " الآجرومية " .
والآن يحفظون في " رياض الصالحين " وقد انتهوا من حوالي ( 250 ) حديثاً ، ولله
الحمد .
وأمس صليتُ بالناس التراويح ! وقد أخطأتُ في موضعين ، وكان الذي يرد عليَّ خطئي
هم أولادي !!!!
فرجعت بي الذاكرة إلى الوراء أكثر من ( 18 ) عاماً ، فحمدتُ الله أن وفقني لهذا
، وأسأله سبحانه المزيد من فضله .
وأخيراً :
فمن كان مع الله فلا يبالي ، ومن صدق مع
الله صدّقه ، ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة ، واستعن بالله ولا تعجز .
فأحببتُ ذكر هذه الخاطرة لإخواني ، عسى :
أن تشجع " العزابية " للزواج .
والمتزوجين للإنجاب
والمنجبين لتحفيظ أولادهم كتاب الله منذ الصغر
والله الهادي لسواء السبيل