إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 13

خالد بن سعود البليهد

 
بسم الله الرحمن الرحيم

ثانياً:  نائب الفاعل

(وَهُوَ اَلِاسْمُ اَلْمَرْفُوعُ اَلَّذِي لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُ فَاعِلُهُ فَإِنْ كَانَ اَلْفِعْلُ مَاضِيًا: ضُمَّ أَوَّلُهُ وَكُسِرَ مَا قَبْلَ آخِرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُضَارِعًا: ضُمَّ أَوَّلُهُ وَفُتِحَ مَا قَبْلَ آخِرِهِ. وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: ظَاهِرٍ، وَمُضْمَرٍ، فَالظَّاهِرُ: نَحْوَ قَوْلِكَ "ضُرِبَ زَيْدٌ" وَ"يُضْرَبُ زَيْدٌ" وَ"أُكْرِمَ عَمْرٌو" وَ"يُكْرَمُ عَمْرٌو". وَالْمُضْمَرُ اِثْنَا عَشَرَ، نَحْوَ قَوْلِكَ "ضُرِبْتُ وَضُرِبْنَا، وَضُرِبْتَ، وَضُرِبْتِ، وَضُرِبْتُمَا، وَضُرِبْتُمْ، وَضُرِبْتُنَّ، وَضُرِبَ، وَضُرِبَتْ، وَضُرِبَا، وَضُرِبُوا، وضُربن")

بين المصنف هنا الاسم الثاني من المرفوعات وهو الذي لم يذكر فاعله. وبين التغير الذي يحدث في فعله وبين أقسامه. وقد اشتهر باسم آخر عند النحاة وهو نائب الفاعل.

تعريف نائب الفاعل:

اسم مرفوع يحل محل الفاعل عند بناء الفعل للمجهول.  وسمي نائب الفاعل لأن هذا الاسم الذي في الأصل كان مفعول به فلما حذف فاعله صار ينوب عنه وأقيم مقامه وأخذ حكمه في الرفع وصار عمدة في الكلام مثاله:  (ألقَى الشيخُ الدرسَ). فالشيخُ: فاعل والدرسَ: مفعول به، فإذا حذفنا الفاعل من هذه الجملة احتاج الفعل إلى مرفوع  فلذلك انقلب المفعول به إلى نائب فاعل فهو يقوم مقام الفاعل في الرفع  فتقول: (أُلقِيَ الدرسُ).

الغرض من حذف الفاعل و إقامة المفعول مقامه:

قال علماء البلاغة أن هناك عدة أغراض لحذف الفاعل من أشهرها:

1- الاختصار:  كما قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِه).

2- العلم به:  أن يكون الفاعل معلوما كما في قوله تعالى: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا).

3- الجهل به: كقولك: (ضُرِبَ أحمدُ). لأنك لا تعرف من الضارب.

4- الستر على الفاعل: كقولك: (ضُرِبَ زيدٌ) حذفت الفاعل خوفًا عليه أو خوفا منه.

هذه أهم الأغراض التي من أجلها يُحذف الفاعل و يُقامُ المفعول مقامه.

أحكام نائب الفاعل:

أحكام نائب الفاعل هي نفسها أحكام الفاعل التي سبق ذكرها من حيث: لزوم الرفع وعدم حذفه وتأخيره عن رافعه وتوحيد الفعل وحذفه وتأنيثه.

هل يجوز أن نصوغ المبني للمجهول من كل الأفعال؟

الجواب: لا يجوز أن يصاغ من كل فعلٍ المبني للمجهول، وإنما يشترط في الفعل المبني للمجهول أن يكون متصرفا تاما. أما الفعل الجامد والناقص فلا يُبنى للمجهول نحو: (ليس). (زال).

فائدة:

الأفعال ثلاثة أقسام من حيث التصريف:

الأول: لا يتصرف أبدا: مثل (ليس) من الأفعال الجامدة التي تلزم حالة الماضي فقط ولا يأتي منه المضارع والأمر.

الثاني: ما يتصرف تصرفا ناقصا: مثل (برح ، زال). فيأتي منه الماضي و المضارع و لا يأتي منه الأمر.

الثالث: ما يتصرف تصرفا تاما: يأتي منه الماضي والمضارع و الأمر كسائر الأفعال.

التغيير الذي يحدث على الفعل إذا صغناه للمجهول:

1- إذا كان الفعل ماضيا: يُضم أول الفعل و يُكسر ما قبل آخره، مثاله: ضُرِبَ.

وإذا كان ماضيا مبدوءا بتاء زائدة ضم أوله وثانيه مثاله: تُعُلم.

وإذا كان ماضيا مبدوءا بهمزة وصل ضم أوله وثالثه. مثاله: اُستُخرج.

وإذا كان ماضيا ثلاثيا معتلا العين بالياء نحو باع ففيه ثلاث لغات أشهرها كسر أوله وتصير عينه فاء فتقول في باع: بِيع.

2- إذا كان الفعل مضارعا: يُضم أوله و يُفتح ما قبل آخره مثاله: يُضرَب.

وإذا كان مضارعا ما قبل الآخر مفتوحا في الأصل أبقي عليه. مثاله: يُسمَع.

وإذا كان مضارعا ما قبل الآخر ياء أو واو قلبت ألفا. نحو: (يصوم ، يصام). و (يبيع ، يباع).

ينقسم النائب عن الفاعل إلى قسمين:

القسم الأول: الظاهر نحو قوله تعالى: (و قُضِيَ الأَمرُ). وإعرابه: الواو حسب ما قبلها. قضي فعل ماض مبني للمجهول وهو مبني على الفتح. والأمر نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

القسم الثاني: المضمر: سواء منفصل نحو: (ما ضُرِبَ إلا أنا). أو متصل نحو: (ضُرِبتُ ، ضُربنا). وهو اثنا عشر ضميرا كما سبق بيانه في الفاعل.

ويأتي نائب الفاعل مصدر مؤول. نحو: (يفَضَّلُ أن تستمعوا). يعني يفضل استماعكم.

ينوب عن الفاعل واحد من أربعة أمور:

1-المفعول به: مثاله: قال تعالى: (ضُرِبَ مثلٌ). فـمثل في الأصل كان مفعولا به ثم ناب عن الفاعل. وإعرابه: ضرب فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. مثل نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعة الضمة الظاهرة في آخره.

2-ظرف الزمان أو المكان: بشرط أن يكون كل منهما متصرفا يستعمل ظرفا تارة وغير ظرف تارة أخرى.مثاله: (جُلِسَ أمامُكَ). وإعرابه: جلس فعل ماض مبني على المجهول مبني على الفتح. أمام ظرف مكان نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.. و(صِيمَ رمضانُ). وإعرابه: صيم فعل مبني على المجهول مبني على الفتح. رمضان ظرف زمان نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضم آخره.

3-المجرور بحرف جر: بشرط أن لا يكون الحرف الجار للتعليل. مثاله: قال تعالى: (ولمَّا سُقِطَ في أيديهِمْ). وإعرابه: الواو حرف عطف. لما ظرفية شرطية. في أيدي في حرف جر وأيدي اسم مجرور بفي وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها الثقل وهو مضاف. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل.

4-المفعول المطلق (المصدر) : بشرط أن يكون متصرفا غير ملازم للنصب كسبحان الله. مثاله: قوله تعالى (فإذا نُفِخَ في الصُورِ نَفْخَةٌ واحدةٌ). وإعرابه: الفاء حرف عطف. إذا ظرف لما يستقبل من الزمان.نفخ فعل ماض مبني للمجهول وهو مبني على الفتح. في الصُورِ جار ومجرور متعلقان بـنفخ. نفخة نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة في آخره. واحدة نعت لنفخة مرفوع مثله بالضمة في آخره.

إذا كان الفعل يتعدى إلى مفعولين ثم بنينا الفعل على المجهول صار المفعول الأول نائب فاعل والثاني بقي مفعولا ثانيا. مثاله: تقول في : (منحت الطالبَ مكافأة). (مُنح الطالبُ مكافأة). وإعرابه: منح فعل ماض مبني على المجهول مبني على الفتح. الطالب نائب فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة في آخره. ومكافأة مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.

إذا كان الفعل يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ثم بنينا الفعل على المجهول صار المفعول الأول نائب فاعل وبقي المفعول الثاني والثالث على حالهما. مثاله: تقول في: (أعلمت الطالبَ الصدق منجيا). (أُعلم الطالبُ الصدق منجيا). وإعرابه: أعلم فعل ماض مبني على المجهول مبني على الفتح. الطالب نائب فاعل مرفوع بالضمة في آخره. الصدق مفعول به ثان منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره. منجيا مفعول به ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.

تنبيه:

لا يجوز أن ينوب عن الفاعل اثنان أو أكثر وإنما يقتصر على نائب فاعل واحد لأنه في حكم الفاعل والفاعل لا يتعدد في نفس الوقت.

فائدة:

الأفعال على أربعة أقسام من حيث التعدي:

1-فعل لازم لا يتعدى إلى مفعول ويكتفي بالفاعل: مثاله: (قام محمد).

2- فعل يتعدى إلى مفعول واحد: مثاله: (غرس الفلاح الشتلة).

3- فعل يتعدى إلى مفعولين: مثاله: (ظننتك نائما).

4- فعل يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل: مثاله: (أريتك الطير محلقا).