حكم تعليق التميمة على الطفل

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :
السلام عليكم شيخي العزيز
انا من ... ولكن اعيش في السعودية، متزوج ولكن بعد ان حملة زوجتي واصبحت تقارب الولادة ارسلتها الى بيت اهلها لترعاها امهاو الحمدلله ولدت زوجتي طفل وبعد ايام من الولادة اهدوها ابواها كف ازرق وكلمة الله مكتوبة بكف ازرق فعندما علمت بالموضوع طلبت من زوجتي على الفور ان تزيل كل ما هو ازرق معلق على الطفل لان هذا يعد شرك بالله ولكن زوجتي رفضت رفضا قاطعا لانها هدية من والداهاوقالت لي عندما اعود اليك سوف ازيل هذه الاشياء ولكن الان انا موجودة في بيت اهلي ولا اريد ان احزن اهلي فاردت ان اكلم اهلها لكي اشرح لهم الموضوع فرفضت ان تسمح لي بالكلام مع اهلها وهي مصرة الان ان لا تزيل هذه التمائم عن ولدي
ارجو منكم بارشادي وماعلي ان اقوم به
وشكرا لكم وجزاكم الله عني خير الجزاء.

الجواب :
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. فقد ورد النهي في الشرع عن تعليق التمائم على الانسان بجميع أشكالها والتميمة شيء يتخذ من أي مادة سواء كانت طبيعية أو مصنوعة يعلق في العنق أو اليد أو الرجل لغرض الوقاية من نزول شر أو دفعه بعد نزوله ولها أسماء وأنواع متعددة منتشرة في البلاد وهي من موروثات اعتقاد الجاهلية قد اندثرت في صدر الإسلام وقوته ثم أحياها دعاة الشرك بعد ذلك وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (من علق تميمة فقد أشرك). رواه أحمد. وعن قيس بن السكن الأسدي قال : دخل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه على امرأة فرأى عليها خرزا من الحمرة فقطعه قطعا عنيفا ثم قال إن آل عبدالله عن الشرك أغنياء وقال كان مما حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الرُّقى والتمائم والتِّولة شرك). رواه الحاكم.

وإنما نهي الشارع عنها لأنها منافية لكمال التوحيد الواجب ولأنها من التعلق بغير الله ووسبلة للوقوع في الشرك الأكبر وتعليق التميمة يعد من الشرك الأصغر كما جاء في الحديث وقرره أهل العلم لأن المعلق يعتقد أن هذه التميمة وسيلة وسببا لجلب النفع ودفع الضر والشارع أبطل هذه الوسيلة وعدها من الأوهام أما إذا اعتقد أنها تنفع وتضر بنفسها مستقلة عن الله فهذا من الشرك الأكبر في الربوبية لأنه جعل مع الله شريكا آخر.

وينتشر عند العامة الجهال في كثير من بلاد المسلمين صور وأنواع للتمائم الشركية من صورة كف أو عين أو نعل فرس أو خرز أزرق أوصدفه أو ناب أو أحجار أو عظم أو غير ذلك وتارة يعلقونها على البدن وتارة على السيارة وتارة على البيت وغير ذلك وقد تلقوها عن آبائهم وأشياخهم وشاعت بسبب الدجالين ودعاة التصوف الداعين إلى التعلق بالطلاسم والخرافات والقبور والآثار وتعلق المسلم بالتمائم يدل على جهله بالتوحيد وقلة تعلقه بالله وضعف توكله على الله واستيلاء الوهم والخرافة على عقله وتمكن الشيطان منه.

أما تعليق ما به ذكر لله عز وجل على الصبي فهذا اختلف أهل العلم في حكمه فمنهم من رخص فيه ومنهم من منعه وهو الأقرب لأن النهي عام يشمل جميع الأنواع ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها ولم يرخص فيها ولأنه ذريعة لتعليق جميع التمائم الصحيح منها والفاسد والجهال لا يميزون في هذا الباب والدجالون يلبسون عليهم فكان الأصلح والأسلم إغلاق هذا الباب كله.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي الحسن والحسين بالدعاء النافع ويدعو وينفث عليهما كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة .(وكان يرقي بالمعوذتين كما جاء في السنن. وهذه هي الوسيلة الشرعية الوحيدة في حفظ الطفل من الشرور والآفات وفيها كفاية وغنية عن غيرها من الوسائل البدعيه فينبغي للوالدين المحافظة عليها.

وإذا نشأ الصغير على تعظيم التمائم الشركية ومحبتها واعتقاد النفع بها صار توحيده لله هشا وإيمانه بالله مهزوزا فيه خلل عظيم وصار عقله مهيأ لقبول مظاهر الشرك وسلوكه متعودا على الأساليب البدعية والشركية.

ويجب عليك شرعا أن تنكر على زوجتك وأهلها في التمائم الشركية وألا تحابيهم ولا يسعك السكوت عن بيان الحكم الشرعي لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بولدك ولك ولاية عليه وأنت مخاطب شرعا في تربيته وتأديبه على آداب الشرع ولا تلتفت إلى رغبة زوجتك في مداهنة أهلها لأجل استمالة حبهم وودهم لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولا يسعك تأخير الإنكار وبيان الحكم الشرعي لأجل رضا الناس وعليك بأسلوب الرفق والحكمة وكم ترتب على التفريط في ترك هذا الواجب ضياع الأبناء وبعدهم عن العمل بالتوحيد والآداب الشرعية والفضائل.

وينبغي على الوالدين تربية الطفل على محبة الله وتعظيمه وإجلاله وربط النعم والأرزاق والفضائل بالله فإذا حصل الطفل على محبوبه لقنوه وسألوه من رزقك هذا ومن أعطاك هذا ومن حفظك من الشر وتلقينه كلمة التوحيد لا إله إلا الله وتلقينه كلمة الرسالة محمد رسول الله وغرس محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلبه وبيان شمائل الرسول وفضائله بأسلوب قصصي مشوق وهكذا إلى أن تستقر عقيدة الإيمان في روحه وعقله ويترعرع عليها فيكون حصنا من حصون الإسلام محصنا من الشرك والبدع داعيا إلى توحيد الله وشرعه.

والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
12/6/1435