لا يلزم الولي الحج بموليته

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :
السلام عليكم
أنا امرأة ولم يتيسر لي الحج من قبل لعدم موافقة المحرم على الحج بي فهل يجب على الأب أو الأخ الحج بقريته وكذلك هل يجب على الزوج ذلك أفتونا مأجورين.

الجواب :
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. يجب على المرأة أداء فريضة الحج عند استطاعتها بمالها وبدنها لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَن اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا). والاستطاعة يتم تحديدها عرفا بحسب كل زمان ومكان. ويدخل على الصحيح من قولي العلماء وجود المحرم للمرأة في شرط الاستطاعة وهذا مذهب الحنفية والحنابلة قال أبو داود: (قلت لأحمد امرأة موسرة لم يكن لها محرم هل يجب عليها الحج قال: لا). لأن قصد المشاعر لأداء الحج لا يكون إلا بسفر لمن كان خارج المواقيت والمرأة يحرم عليها السفر إلا بمحرم ويباح لها مع وجود المحرم لكثرة الأحاديث الصحيحة الصريحة الواردة في هذا الباب فلا يرخص لها على الصحيح أداء الحج بلا محرم والقول بالرخصة مع رفقة أو أمن قول ضعيف مخالف للأدلة فإذا كانت لا تجد المحرم فهي غير مستطيعة لأداء الحج لعدم تمكنها من السفر شرعا ولا يلزمها الحج في هذه الحالة لأنها معذورة ولا حرج عليها ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وهذا من تيسير الله وتوسعته على النساء لما يطرأ عليهن غالبا من الأحوال والموانع فلا ينبغي لها أن تتحسر وتلوم نفسها والحكمة والرضا في قضاء الله وتصريفه لها.
ولا يجب على الأب والأخ وغيرهم من الأقارب الحج بموليتهم وكذلك لا يجب على الزوج الحج بزوجته لأن الله لم يخاطبهم بذلك ولم يكلفهم شرعا بالحج بموليتهم والأصل في باب الأوامر براءة الذمة إلا بدليل يشغل الذمة ولم يرد دليل يدل على ذلك ولأن في إيجابها عليهم مشقة ظاهرة فلا تجب للغير بلا دليل فلا نضيق عليهم في أمر وسع الله عليهم قال ابن قدامة: (والصحيح أنه لا يلزمه الحج معها لأن في الحج مشقة شديدة وكلفة عظيمة فلا تلزم أحدا لأجل غيره كما لم يلزمه أن يحج عنها إذا كانت مريضة). وإنما يستحب لهم الحج بموليتهم من باب الإحسان والعشرة الحسنة وكمال المروءة والشهامة وتحصيل الثواب العظيم. ونفقة الحج للمرأة تكون عليها ولا يجب على الولي بذلها وإنما يستحب له التبرع بها ويلزم المرأة نفقة المرافق لها إن طلبها وكانت قادرة عليها.
فينبغي على المرأة إن كانت مستطيعة للحج أن تطلب من وليها الحج بها برفق ولين فإن وافقها فالحمد لله وإن امتنع لشغل أو عجز أوغير ذلك فلا يحل لها مطالبته والتشديد عليه وملامته واعتقاد أن ذلك حقا من حقوقها لأن الشارع لم يجعل لها ذلك ولا عبرة بالعرف الذي يلزم الولي بالحج بها لأنه مخالف للشرع. ولا يحق للزوج منع المرأة من أداء فريضة الحج إذا وجدت محرما يحج بها لأن فرض العين مقدم على حق الزوج وطاعته.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد
27/11/1433