شيخنا الفاضل
قرأت هذه العبارة عن التوبة (وهي واجبة بالاجماع وعلى الفور وتأخيرها يستلزم
توبة أخرى , والتوبة كما هي من فعل السيئات فهي أيضا" من ترك الحسنات )
هل ترك التوبة يستلزم عند التوبة توبة عن الخطأ وتوبة عن تأخير التوبة ؟؟
وجزاكم الله خيرا .
الجواب :
وإياك أختي الفاضلة
التوبة واجبة على الفور وعلى جميع المؤمنين
قال سبحانه وتعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
وسمّى من لم يَتُب ظالما فقال : ( وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ )
قال ابن القيم – رحمه الله – في قوله تعالى : (لَقَد تَّابَ الله عَلَى
النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي
سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ
ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
قال : هذا من أعظم ما يُعرِّفُ العبدُ قدرَ التوبةِ وفضلَها عند الله ،
وأنـها غايةُ كمالِ المؤمن ، فإنه سبحانه أعطاهم هذا الكمال بعد آخر الغزوات
، بعد أن قضوا نَحْبَهم ، وبذلوا نفوسَهم وأموالَهم وديارَهم لله ، وكان
غايةُ أمرِهم أن تاب عليهم ، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم يومَ توبةِ
كعب – بن مالك – خيرَ يومٍ مَرَّ عليه منذ ولدتْه أمُّه إلى ذلك اليوم ، ولا
يعرف هذا حقَّ معرفته إلا من عَرَفَ اللهَ وعرف حقوقه عليه ، وعرف ما ينبغي
له من عبوديته ، وعرف نفسه وصفاتِها وأفعالَها ، وأن الذي قام به من العبودية
بالنسبة إلى حق ربه عليه كقطرةٍ في بحـر . انتهى كلامه – رحمه الله – .
فالتوبة واجبة على الفور وهي واجبة من جميع الذنوب .
وأما أن تأخير التوبة يحتاج إلى توبة أخرى ، فهو من باب قولهم : استغفارنا
يحتاج إلى استغفار .
جزاك الله خيرا شيخنا
الفاضل على التوضيح ، ولكن قد يستغفر المسلم ، ولكن مازال يصر على المعصية
بقلبه ،
وهو هنا قولكم : (قال القرطبي : قال علماؤنا : الاستغفار المطلوب هو الذي يحل
عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان لا التلفظ باللسان ، فأما من قال بلسانه :
استغفر الله ، وقلبه مُصِرٌّ على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار ،
وصغيرته لاحقةٌ بالكبائر . وروي عن الحسن البصري أنه قال : استغفارنا يحتاج
إلى استغفار . )
فهل هذه الحال تتفق مع من لم يستغفر أبدا ومازال يصر على المعصية ، ولكن
عندما عاد عاد عودة حقيقية وتاب توبة نصوحة .... ألا يوجد فرق بين
الحالتين ؟؟؟
الجواب :
وجُزيتِ الجنة أُخيّتي الفاضلة
بلى هناك فرق لكنه ليس فرقا جوهريا
فمن أصر على المعاصي ولم يستغفر منها فهو أشد ممن استغفر وشعر بالتقصير
والذنب
ولكن المحصّلة واحدة ، وهي أنهما لم يستغفرا استغفارا حقيقياً تُغفر معه
الذنوب
ولا شك أن من أذنب ثم استغفر وتاب توبة نصوحا أن توبته تهدم ما قبلها
فتهدم الذنب ولو كان شركا ولا شك أنها تهدم أيضا تأخير التوبة
والله يحفظك ويرعاك