الســــــــؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل
لقد ظهر في الآونة بعض المنشورات من ضمنها : سنتان متروكتان لله در من
أحياهما
الأولى : ركعتان بعد العصر
وقد ورد في ذلك بعض الأحاديث .. منها عن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان لا يدع ركعتين بعد العصر " .
وذكر بعض الأحاديث بجواز صلاة ركعتين بعد العصر قبل اصفرار الشمس
والثانية : الركعتان بعد الوتر جلوساً
أفيدونا جزاكم الله خيراً
--------------
الجـــــــــواب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك
أما الأولى
، وهي الصلاة بعد العصر ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن
الصلاة بعد العصر .
فقد قال – عليه الصلاة والسلام – لعمرو بن عبسة – رضي الله عنه – :
صَلّ صَلاَةَ الصّبْحِ ثُمّ أَقْصِرْ عَنِ الصّلاَةِ حَتّىَ تَطْلُعَ
الشّمْسُ حَتّىَ تَرْتَفِعِ ، فَإِنّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ
قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفّارُ ، ثُمّ صَلّ
فَإِنّ الصّلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتّىَ يَسْتَقِلّ الظّلّ
بِالرّمْحِ ثُمّ أَقْصِرْ عَنِ الصّلاَةِ ، فَإِنّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ
جَهَنّمُ ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلّ ، فَإِنّ الصّلاَةَ
مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حتّىَ تُصَلّيَ الْعَصْرَ ، ثُمّ أَقْصِرْ عَنِ
الصّلاَةِ ، حَتّى تَغْرُبَ الشّمْسُ فَإِنّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ
شَيْطَانٍ ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفّارُ ... الحديث . رواه مسلم .
وغيره من الأحاديث التي جاء فيها النهي عن الصلاة بعد العصر ، كحديث أبي
هريرة – رضي الله عنه – قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن
صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس . متفق
عليه .
كما ورد عنه – عليه الصلاة والسلام – أنه صلى بعد العصر
كحديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم
ركعتين بعد العصر عندي قط . متفق عليه .
وللعلماء مسالك في الجمع بين هذه
الأحاديث :
الأول : أنه تعارض حاظر ومُبيح
والقاعدة أنه إذا تعارض حاظر ومُبيح قُـدِّم الحاظر .
والثاني : أنه هذا الفعل خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم .
والثالث : أن هذا من قضاء النوافل ، ولا يكون هذا إلا لمن حافظ عليها .
وهذا هو الصحيح
ففي الصحيحين عن كريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر
والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا :
اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلْها عن الركعتين بعد العصر ، وقل : إنا
أُخبرنا أنك تصلينهما ، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما
. قال ابن عباس : وكنت أَضْرِب مع عمر بن الخطاب الناس عليها . قال كريب :
فدخلت عليها وبلغتها ما أرسلوني به فقالت : سَـلْ أم سلمة . فخرجت إليهم
فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة فقالت أم
سلمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما ثم رأيته يصليهما ؛ أما
حين صلاهما فإنه صلى العصر ، ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار
فصلاهما ، فأرسلت إليه الجارية فقلت : قومي بجنبه فقولي له : تقول أم سلمة يا
رسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما ، فإن أشار بيده
فاستأخري عنه . قال : ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه ، فلما انصرف
قال : يا بنت أبي أمية سألتِ عن الركعتين بعد العصر . إنه أتاني ناس من عبد
القيس بالإسلام من قومهم ، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر ، فهما
هاتان . متفق عليه .
وعند مسلم عن أبي سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يُصليهما بعد العصر . فقالت : كان يصليهما قبل العصر ، ثم إنه
شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما ، وكان إذا صلى صلاة
أثبتها . قال يحيى بن أيوب قال إسماعيل : تعني داوم عليها .
وأما الثانية :
فقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم
قالت عائشة – رضي الله عنها – : كان يصلي ثلاث عشرة ركعة ؛ يصلي ثمان ركعات ،
ثم يوتر ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس . رواه مسلم .
إلا أنه لم يكن يُحافظ عليهما ، ولم يلتزمهما كما يلتزم الوتر .
أما الثانية فسُـنّـة
وأما الأولى فقد علمت ما فيها بالتفصيل ، فلا يصح أن يُقال : إنها سُـنّــة
مهجورة .
والله أعلم .