الإخوة والأخوات الأعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود اولا ان اقول لكم جميعا اني افتقدكم كثيرا ومشتاقة للجميع منكم
الاخ المشرف تحية وبعد
مع علمنا ان الله سبحانه وتعالى عادل واحكم الحاكمين اود ان اقرا رأيك في
التعدد بالزوجات بعد ان كنت اعلم انه لا يحق للزوج ان يتزوج بامراة اخرى الا
اذا كان له سبب الإباحة وهي أسباب مختلفة اذكر منها ما اتذكره وارجو ان تعدل
علي وتخبرني الباقي
المرض
النشوز
حال النساء المؤمنات وان زاد تعدادهم عن الرجال في زمن معين
عدم قدرة المراة على اداء واجباتها الزوجية يتبع المرض
اما اذا كانت المراة من اختيار الزوج ولا تقصر في واجباتها وليس بها ما ينفر
فهل يحق للرجل التعدد في زمننا هذا وبالطريقة التي بات الرجال يتبعونها فلا
ترى المراة الا وان اصبحت الزوجة الاخرى ويقال ان الرجل اشتهى اخرى فاين غض
البصر واين واجب الزوج في ان يقضي شهواته في بيته حتى ان غلبه الامر ان يعود
الى بيته
وماذا يمكنني ان انصح صديقة تزوج عليها احد اقاربي بدون سبب الا مدعيا انه لم
يرد الحرام ؟
كما هل هناك اية تقول من قضى منها وطر وما معناها ؟؟؟؟
اثابك الله خيرا
الجواب :
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك ورزقنا وإياك الفقه في الدِّين
قضية التعدد أختي الفاضلة ليست بالصورة التي تصورتيها ، وهي تحتاج إلى تفصيل
أولاً :
ليُعلم أن هذه قضية محسومة بكتاب الله
، فلا يجوز أن يُقال : ما رأيك بقضية التعدد . هل تصلح أولا ؟
وهناك فرق بين التعدد كقضية عامة وتشريع رباني ، وبين التعدد ومناسبته لشخص
بعينه .
فالأول عرضه ومناقشته كفر بالله ؛ لأنه ردّ للتشريع الرباني .
والثاني وارد ؛ إذ لا يصلح التعدد لكل إنسان
وفرق بين القضيتين .
ثانياً :
التعدد كان ولا يزال معروفاً عند أمم
الأرض
وقد سمعت أحد دعاة الإسلام يقول : الإسـلام لم يُنشئ التعـدد ، وإنما
حَـدَّده ، ولم يأمر بالتعـدد على سبيل الوجـوب ، وإنما رخّص فيه وقـيَّـدَه
. انتهى كلامه .
نعم . لقد جاء الإسلام والرجل يتزوج بما شـاء مِنْ النساء ، حتى أسلـم بعض
أهل الجاهليـة وعنده عشر نسوة !! فحدد الإسلام العدد ، ولما حدد الله التعدد
بأربع لم يُوجبه على عباده بل أباحـه لهم بشروطه من العدل والاستطاعة .
إذا لم يكتفِ الرجل بزوجة واحدة لقضاء وطره ، أو كانت زوجته عقيم لا تُنجب ،
أو اراد تكثير سواد الأمة ، إلى غير ذلك .
فإذا احتاج الإنسان إلى هذا الزواج الثاني أو الثالث أو الرابع فإن الشريعـة
الإسلامية توجد له مخرجاً وتفتح لـه أفاقاً ، فَلَهُ أن يتزوّج أخرى تُناسبه
دون أن يلجأ للوقوع في أعراض الآخرين ، وما يلي ذلك من غشّ للمجتمع ، واختلاط
في الأنساب ، وما يعقب ذلك من حسرة الضمير ، وتأنيب النفس اللوامة .
ودون أن يلجـأ للتخلّص من زوجته لتتاح لـه الفرصـة بالزواج بأخرى ، كما هو
الحال عند النصارى .
بالإضافة إلى أن عدد النساء أكثر من الرجال في حالات الحروب – مثلاً – وفي
آخر الزمان ، فإن النبي صلى الله عليه على آله وسلم أخبر النبي صلى الله عليه
على آله وسلم عن ذلك بقوله : إن من أشراط الساعـة أن يُرفع العلم ، ويظهر
الجهل ، ويفشو الزنا ويُشرب الخمـر ، ويذهب الرجال ، وتبقى النسـاء حتى يكون
لخمسين امـرأة قيّم واحـد . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به من
قِلّةِ الرجال وكثرة النساء . متفق عليه .
فالله لم يشرع التعدد عبثاً بل شرعه لعباده لحكمة ومصلحة
وليس رخصة يُلجأ إليها عند الضرورة أو الحاجة .
ولذا قال سبحانه : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى
فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ )
لتتصور المرأة أنها ترمّلت أو طُلّقت . فمن لها ؟
الشاب – غالباً – يُريد شابة مثله
والمتزوّج لا تُريده زوجته يتزوّج عليها !
فمن للمطلقة ؟
ومن للأرملة ؟
وماذا لو كانت هي المطلقة أو الأرملة ؟
أليست تعتبر تمسّك الزوجات بأزواجهن أنانية ؟؟؟
إذاً فلننظر إلى التعدد من عدة جوانب .
ولا يُعكّر على قضية التعدد أن أساء استخدامها بعض أو كثير من الناس
فبعض الناس يتزوّج بأخرى ليُأدّب الأولى !
إذاً صارت الزوجة الثانية ( عصـا ) !!!
وما أن تنتهي مرحلة التأديب والتلويح بالزوجة الثانية يُطلقها وتعود إلى بيت
أهلها مطلقة !
أو يتزوّج ليتباهى بذلك
أو يتزوّج لمصلحة شخصية أو مقاصد مادية
أو غير ذلك من مقاصد الناس اليوم
إن مقاصد الشريعة أعظم من ذلك
إنه يجب على من أراد التعدد أن يُحسن النيّـة في هذا الزواج سواء كانت
الثانية أو الثالثة أو الرابعة
بأن يكون قصده :
إعفاف نفسه وأعفاف زوجاته
وتكثير سواد أمة محمد صلى الله عليه على آله وسلم القائل : تزوجوا الودود
الولود فإني مُكاثر بكم الأمم .
وستر عورة
وكفالة أيتام في حجر أرملة
ونحو ذلك
فقد تزوّج النبي صلى الله عليه على آله وسلم لهذه المقاصد .
فلم يتزوّج بكراً سوى عائشة – رضي الله عنها – ولم يتزوّجها لكونها بكر ، بل
جاءه الملك بصورتها في قطعة حرير ، كما في صحيح البخاري ومسلم .
فإذا تزوّج الرجل زوجة ثانية أو ثالثة فلا ينبغي للمرأة أن تُقيم الدنيا
وتُقعدها على زوجها ، وإنما عليها الصبر والاحتساب .
لأن الزوج لم يرتكب أمراً مُحرّما ، بل مارس حق من حقوقه المشروعة .
وبعض النساء إن لم يكن كثير منهن تعلم بوقوع زوجها في فاحشة الزنا وربما
تحمّلت وسكتت ، لكن أن يتزوّج عليها زوجها فهذه قضية لا تُغتفر !
إنه يجب أن تتحمّـل وتسكت في قضية التعدد
وتُقيم الدنيا ولا تقعدها في قضية الفاحشة
وواجب على الزوج إذا عدّد العدل بين الزوجات في النفقة والمبيت .
وأما من تزوّج عليها زوجها فإنها تُنصح بالصبر
فقد تزوّج النبي صلى الله عليه على آله وسلم على زوجاته وصبرن
حتى أن سودة – رضي الله عنها – وهبت ليلتها لعائشة خشية أن تُطلّق هي – رضي
الله عنها – وطمعاً أن تبقى أُمّـاً للمؤمنين وزوجة للنبي صلى الله عليه على
آله وسلم في الدنيا والآخرة .
وعلى هذه الزوجة التي تزوّج عليها زوجها أن تؤدي الواجبات التي عليها ، وتسأل
الحقوق التي لها .
والغالب أن الزوج لا يتزوّج إلا إذا كان هناك تقصير أو نقص
وقد تقول بعض النساء :
ماذا ينقصه ؟
ما قصّرت في شيء !
ونحو ذلك .
فهل كانت تتعاهد مواضع عينه أن لا تقع على قبيح ؟
وهل كانت تتعاهد مواضع أنفه فلا يشمنّ منها إلا أطيب ريح ؟
وهل كانت تتعاهد جوعه ونومه ؟
فإن الجوع مَلهَبة … وتنغيص النوم مَغضبة !
كما قالت تلك المرأة الحكيمة لابنتها ليلة زفافها .
والمُلاحظ أن الزوجة بعد الأطفال – خاصة مع كثرتهم – تتغيرّ ، وربما انصرفت
إلى أطفالها والاهتمام بهم عن الاهتمام بنفسها أو بزوجها
والذي كان ينبغي أن توازن بين الأمور
فلا تُهمل نفسها
ولا تُهمل زوجها
ولا تُهمل أطفالها
فتُعطي كل ذي حق حقّـه .
وإنما أطلت للفائدة .
---------------------
وأما الآية التي أشرتِ إليها فهي في قضية أخرى ، وهي قضية إبطال التّبنّي ،
وإبطال ما كان عليه أهل الجاهلية في أن الإنسان إذا تبنّى إنشاناً آخر ، فإنه
لا يحلّ له الزواج بمطلقته
قال سبحانه : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ
وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ
أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا
زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي
أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ
اللَّهِ مَفْعُولاً )
وهناك قضية أُخرى يخلط فيها بعض الناس ويغلط فيها آخرون
وهي قضية الطلاق
نعم . هي قضية مُحببة إلى الشيطان
وهي قضية قد أذن الله فيها
وأذكر أنني تناقشت مع أحد الأصدقاء ، فكان مما قال : إن الطلاق بعد الكبر
جريمة !
وجريمة أخرى في حق المرأة : أن يُخيّرها عند الكبر بين الطلاق وبين أن تبقى
مع أولادها دون قسمة في المبيت .
فقلت : رعاك الله ! لو كان الأمر كما تقول ، وأنه مفسدة من كل وجه لحُـرِّم
شرعاً
ولكن الله العليم الحليم الخبير بالعباد وبما يُصلحهم شرع لهم الطلاق ، ولكنه
أحاط الحياة الزوجية بسياج ، وسمّى العلاقة الزوجية " ميثاقاً غليظاً "
وليس معنى هذا تجريم الطلاق أو تخيير النساء أو إبقاء المرأة في بيتها ومع
أولادها بعد الكبر دون قسمة في المبيت .
ثم ذكرت له فعل سودة – رضي الله عنها – وأنها تنازلت عن ليلتها لعائشة – رضي
الله عنها – لتبقى زوجة للنبي صلى الله عليه على آله وسلم في الدنيا والآخرة
.
وأن النبي صلى الله عليه على آله وسلم خيّـر نساءه
فلما ذكرت له ذلك أذعن ورجع عما كان يقول .
لأن الأمور لا تُقاس بالعواطف الجياشة أو بالعقول فقط ، بل تُقاس بشرع الله .
ولذا كان علي – رضي الله عنه – يقول : لو كان الدِّين بالرأي لكان مسح أسفل
الخف أولى من أعلاه !
فإذا أردنا أن ننظر في قضية فلننظر إليها من جميع الجوانب .
من ناحية شرعية
ومن ناحية عقلية
ومن ناحية عاطفية
فإذا اجتمعت هذه الأمور توازنت النظرة
فالشريعة أباحت التعدد بشرط العدل والاستطاعة
والعقل يُقـرّ هذا .
والعاطفة إذا نظرنا بها من ناحية المطلقة والأرملة – كما تقدّم – فإننا سنج
المبررات لهذا العمل .
والله أعلم .
ولديّ موضوع بعنوان : قضية تعدد الزوجات بأعين
الأمم المعاصرة
حفظك
الله وأثابك أختنا الكريمة
وعُذراً على الإطالة .