إلى الشيخ الكريم عبد الرحمن السحيم
سمعت فتاة في الجامعة تقول صفات الله ليست زائدة على الله ولكنها هي عين ذات
الله وأنا أعرف أنها اباضية ولكن لم أفهم معنى جملتها ؟؟ وأين هي من عقيدتنا
؟؟ فأنا معرفتي قليلة ارجو الافادة
و تقبلوا فائق الاحترام ... اختكم
الجواب :
بُورِك فيكِ أُخيّـه .
وحيّاك الله وبيّاك هنا
أختي الفاضلة :
يجب الإيمان بأسماء الله عز وجل وصفاته ، وأن صفات الله عز وجل صفات كمال لا
نقص فيها بوجه من الوجوه .
فيجب الإيمان بها كما أخبر بها عز وجل عن نفسه من غير تمثيل ولا تحريف ولا
تأويل ولا تعطيل ولا تكييف .
وأن كل ما سمى الله تعالى ووصف به نفسه ووصفه به رسول الله صلى الله عليه
وسلم الكل حق علي حقيقته على ما أراد الله وأراد رسوله وعلى ما يليق بجلال
الله وعظمته .
فما أثبته الله لنفسه أو أثبته له أعلم الخلق به رسوله صلى الله عليه وسلم
أثبتناه من غير صرف لِلّفظ عن ظاهره ، بل نؤمن به كما جاء ، وإن لم تُدركه
عقولنا ؛ لأنه سبحانه وتعالى كما وصف نفسه : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ
وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )
وننفي عنه سبحانه وتعالى ما نفاه عن نفسه .
ونسكت عما سُكت عنه لا نفياً ولا إثباتاً .
وهو سبحانه وتعالى لا يُشبه خلقه ولا يُشبهه أحد من خلقِه ، قال سبحانه
وتعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )
قال نعيم بن حماد – وهو شيخ الإمام البخاري – :
من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف
الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً . أخرجه الذهبي في العلو .
على أن صفات الله تعالى لا يرد عليها السؤال بـ " كيف ؟ "
لأن عقولنا قاصرة عن إدراك ما يدور حولها وما هو مُتّصل بأجسادها مثل "
الرّوح " فكيف تُدرك أو تُحيط بصفات ملك الملوك سبحانه وتعالى ؟
ولذا لما دخل رجل على الإمام مالك – رحمه الله – فسأله : ( الرحمن على العرش
استوى ) كيف استوى ؟ فأطرق مالكٌ وأخذته الرحضاء – يعني العَرَق - ثم رفع
رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ، ولا يُقال : كيف ، وكيف
عنه مرفوع ، وأنت صاحب بدعة . أخْرِجُوه .
وفي رواية قال : الكيف غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به
واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وإني أخاف أن تكون ضالاً ، وأمَرَ به فأُخْرِج .
وصفات الله عز وجل تنقسم إلى قسمين :
1 - صفات ذاتية
2 - صفات فعلية
فالصفات الذاتية هي التي لم يزل مُتّصفاً بها كالعلم والقدرة والسمع والبصر ،
ويدخل فيها الصفات الخبرية كالوجه واليدين .
والصفات الفعلية هي التي تتعلّق بمشيئته سبحانه ، كالاستواء على العرش
والنزول إلى السماء الدنيا .
وما أُضيف إلى الله عز وجل مما هو غير بائن عنه فهو صِفةٌ له غير مخلوقة .
مثاله : يد الله ، سمع الله ، وعين الله .
وكل شيء أُضيف إلى الله بائن عنه فهو مخلوق وإضافته إضافة تشريف له . مثاله :
بيت الله ، ناقة الله .
وهذا هو اعتقاد الصحابة على ما نقله الإمام الالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل
السنة وقرره شارح الطحاوية وعليه أئمة أهل السنة وهو اعتقاد الأئمة الأربعة –
رحمهم الله –
جزاكم الله
خيرا شيخنا الفاضل على هذا الايضاح ونرجو من الأخت أن تنتبه لجميع أمور
العقيدة وخاصة توحيد الأسماء والصفات الذي كثر فيه التأويل والتعطيل
واسمح لي شيخنا الفاضل أن أسأل
الفرق الضالة لها من المعتقدات الخاطئة نتيجة تأويل خاطئ للآيات أو الأحاديث
أوتعطيل للصفات وكذلك عدم تصديق بعض الأحاديث الصحيحة أو الحسنة ومن هنا اسمح
لي أن أسأل من أين أتت فرقة الاباضية والمنتشرة بكثرة في ليبيا وعمان بمثل
هذا المعتقد صفات الله ليست زائدة على الله ولكنها هي عين ذات الله ؟؟ هل
هناك آيات نتيجة تأويلها الخاطئ لها قادها لهذا الاعتقاد ؟؟ وماهي تلك الآيات
؟؟ أو ماهو السبب ؟؟
وبارك الله فيكم
الجواب :
وفيكِ بورك أختي الداعية .
ما شاء الله عليك أختي نشيطة
زادك الله حرصا على طواعية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
الخوض والخلط في مسألة الأسماء والصفات قديم
وله أسباب ؛ منها :
1 – دخول كتب الفلسفة إلى بلاد المسلمين وترجمتها إلى اللغة العربية
2 – تأثر بعض المنتسبين إلى الإسلام ببعض المذاهب الباطلة
3 – تحكيم العقل في نصوص الوحيين
4 – قياس الخالق على المخلوق
5 – زعم تنزيه الخالق
6 – توهّم وقوع التشبيه
إلى غير ذلك من الأسباب .
وأذكر أن أحد الجيران أعطاني صورة من كتاب يتكلّم في الصفات وطلب رأيي فيه .
فرأيت أنه جانب الصواب ؛ لأنه حكّم عقله في صفات الله عز وجل
وأخذ مقابل كل صفة يسأل أربعة أسئلة عقلية !
ولو علِم أن صفات الله عز وجل لا يُمكن السؤال عنها بـ " كيف " كما تقرر وكما
نقلته أعلاه لأراح نفسه وسلّم لله عز وجل ولما احتاج إلى تحريف القول عن
ظاهره ولما احتاج إلى ليّ أعناق النصوص أو تحريفها أو تأويلها .
وهناك قواعد وضعها العلماء فيما يتعلق بالصفات إن وجدت متسعاً من الوقت
نقلتها وأثبتها .
شيخنا الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز شيخنا الفاضل أن نشتق من اسم الرحيم اسم راحم فنقول - الله الراحم-
أم الأفضل أن نقول ، اللهم أنت بنا راحم ؟؟
ونرجو شيخنا الفاضل أن لاتنسانا من دعواتكم فنحن دائما بحاجة للدعاء .
وجزاكم الله خيرا
الجواب :
أختي الفاضلة :
من قواعد أهل السنة فيما يتعلق بالأسماء والصفات
1 – أن الأسماء توقيفية ، فلا يُمسى الله عز وجل إلا بما سمى به نفسه أو سماه
به رسوله صلى الله عليه وسلم .
2 - أن الأسماء يُشتق منها صفات ، وأما الصفات فلا يُشتق منها أسماء .
فعليه نقول إن الله سمى نفسه : الرحمن و الرحيم ، ويُمكن أن يُشتق من الرحيم
صفة الرحمة .
ولا يُمكن أن يُشتق من هذين الاسمين اسما ثالثا هو " الراحم " ولكن يمكن أن
يُقال بقيد كما أشرتِ – حفظك الله – : اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم .
ويُقال مثل ذلك في اسم " الحافظ " فليس من أسماء الله
ومثله " الستّار " فليس من أسماء اله أيضا
ولكن يُقال فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ، كما قال يعقوب عليه الصلاة
والسلام .
ويُقال الساتر لذنوب عباده ، ونحو ذلك
فيجوز إذا كان مُقيّدا ، ولا يجوز إطلاقه .
والله أعلم .