لو اُمِرت المرأة أن تتعطّر عند كل خروج لرأت أنها كُلِّفت بأمر شاق !
ولكن من النساء من تأبى إلا أن تحمل الإثم مضاعفاً ، فتحمل وزرها ووزر غيرها
فشكى كثير من الصالحين والصالحات ما تعجّ به الأسواق من المنكرات
ومن أكثرها تهاوناً وأعظمها خطرا : التّعطّـر
فمن حين أن تهُمّ المراة بالخروج من المنزل إلا وتبدأ بالتّزيّن والتّجمّل
فتتجمّل وتأخذ زينتها وكأنها تذهب إلى مجْمَعِ نساء أو كأنما تتجمّل لزوجها ،
بل إن هناك من الأزواج من يشتكي من هذا ، فيقول : إنه لا يرى زوجَتَه في أبهى
حُلّة إلا عند خروجها للسوق أو للزيارة !
واشتكى بعضُ السائقين من ذلك إذ هو بشر من لحمٍ ودمّ ، ولو كان قلبُه قُدّ من
الصخر لتحرك لتلك الفتنة المُتحرّكة .
وكان أحد السائقين - وكان فيه بقية من دين وخير – قد قال للمرأة التي كانت
تركب معه في أبهى حُلّة . قال : ماما .. أنا بشر ، فتنبّهت تلك المرأة فلم
تعُد تتطيّب ، وليتها تنبّهت فلم تركب مع السائق لوحدها .
والمرأة إذا خرجت فليست بحاجة للزينة ؛ لأن الشيطان سوف يُزيّنها في عيون
الناس ولذا قال عليه الصلاة والسلام : المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها
الشيطان . رواه الترمذي وغيره ، وهو حديث صحيح .
قال ابن مسعود : المرأة عورة ، وأقرب ما تكون من ربها إذا كانت في قعر بيتها
، فإذا خرجت استشرفها الشيطان .
ومعنى استشرفها : أي زينها في نظر الرجال ، وقيل : نظر إليها ليغويها ويغوى
بها .
ويرفع أبصار الرجال إليها فلا يزال يُحسّنها في عيونهم ولو لم تكن كذلك .
ثم إن من النساء من إذا أرادت أن تخرج تعطّرت وهذا لا شك إثم عظيم وتساهل
خطير من قبل أولياء الأمور أولاً ، ثم من قِبَلِ النساء ثانيا .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى من شهِدت الصلاة أن تمسَّ طيبا أو
بخورا ، فكيف بمن تذهب لمكان هو من أعظم مواضع الفتنة .
ولذا قال صلى الله عليه وسلم : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسَّ طيبا . رواه
مسلم .
وقال : أيما امرأة أصابت بَخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة . رواه مسلم .
بل قال : إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تطيب تلك الليلة . رواه مسلم .
أي تلك الليلة قبل خروجها .
قال العلماء : لئلا يحركن الرجال بطيبهن ، ويلحق بالطيب ما في معناه من
المحركات لداعي الشهوة ، كحسن الملبس والتحلي الذي يظهر أثره ، والزينة
الفاخرة .
فإذا كانت المرأة لا تأتي لبيت من بيوت الله بالطيب أو البَخور ، مع أن الله
أمر بأخذ الزينة للمساجد ، فكيف تخرج به عند خروجها للسوق أو المدرسة ؟
وقد ورد التشديد في الطيب للنساء ، فقال عليه الصلاة والسلام :
أيما امرأة استعطرت فمرّت بقوم
ليجدوا ريحها فهي زانية . رواه
الإمام أحمد وغيره .
وسبب ذلك :
1 –
إما أنها تتسبب في تلك الفاحشة بما تُحرّكه من شهوة برائحة ذلك الطيب
2 –
أنها تتحمّل كإثم الزانية بذلك .
3 -
أو أن ذلك يجرّها للوقع في الفاحشة .
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعطّرت أن تغتسل حتى لو كانت تريد
المسجد .
فقد لقيَ أبو هريرة رضي الله عنه امرأةً فوجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها
إعصار ، فقال : يا أمة الجبار ! جئت من المسجد ؟
قالت : نعم .
قال : وله تطيبت ؟
قالت : نعم .
قال : إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : لا تُقبل صلاةٌ
لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة . رواه الإمام
أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني .
" حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة "
ليذهب أثر الطيب وتذهب رائحته .
وطيبُ المرأة ما ظهر لونه وخفي ريحُـه ، كما قال عليه الصلاة والسلام .
وإذا خرجت المرأة بذلك الطيب وبتلك الزينة إلى الأسواق ، فلا تـمـرّ برجل إلا
حرّكت قلبه إلا من رحم الله .
بل منهن من تذهب بتلك العطورات إلى المستشفيات فلا تمرّ بمريض في طريقها إلا
ازداد مرضا وتأخر برؤه ، بل ربما مات بسبب أطيابها !
وهذه ظاهرة خطيرة مُضرّة
فالعطورات مما يضرّ بعض المرضى بل ربما قتل بعضهم .
وقد أحْدَثت بعضُ النساء زينة للسـوق فاخترعن ما يسمينه : مكياج السوق ، بل
ذكرت بعض الأخوات أنها رأت في دورات المياه الخاصة بالنساء رأت بعض الفتيات
عندما تخلع النقاب يُرى أنها وضَعَتْ المكياج والزينة الكاملة للعينين ولما
حول العينين ، فَعَلى أي شيءً يدلُّ هذا ؟
ولم يزل الشيطان يستجريهن ويستهويهن حتى أحدثن مكياج العزاء ، وعش رجبا ترى
عجبا !
هذه زينة باطنة بالطيب والأصباغ ، وزينة ظاهرة باللباس الجالب لأنظار الناس .
فتلبس المرأة الضيّق سواء في اللباس من بنطال ونحوه ، أو كان بعباءة ضيّقة
مُخصّرة
تقول عنها إحدى الأخوات : فهي أضيق من قميصها الذي تلبسه في منـزلها ، فهي
مخصّرة جذابة جداً ؛ تجعل النحيفة ممتلئة ، وتجعل البدينة رشيقة ، فتُخفي
العيوب ، وتُظهر المحاسن والمفاتن .
تزيد على ذلك بعض العبارات التي كُتِبت على العباءة ، أو الزركشة المُلفتة
للنظر .
فما هذه سوى خطوات نزع الحجاب ، فَـيَومٌ عباءة فرنسية ، وآخر عمانية ، وثالث
مغربية ، وهكذا ... حتى يصدق على المرأة قول الشاعر :
تجيء إليك فاقدةُ الصوابِ = مهتكـةُ العباءة
والحجـابِ
وما يُلبس تحت تلك العباءات الفاضحة من ملابسَ ضيقة أو شفافة أشد في الفتنة .
في أحد الشوارع قابلتني بعضُ الفتيات فحرّك الهواء عباءاتَهن فظهرت الملابس
الضيقة ( البناطيل ) فأخذن يُمسكن العباءات خوفا من العتاب والإنكار .
وليس هذا هو الحجاب الذي يُريده الله عز وجل .
إن الحجاب سِترٌ ووقاء . وعِفّةٌ وحياء ، وطُهرٌ ونقاء .
إن الحجاب الذي نبغيه مَكرُمةٌ = لكلِّ حواء
ما عابت ولم تَعِبِ
وهذه المظاهر من التّبرّج الذي هو أبرز صفات المنافقات كما بينته هنا :
http://www.al7ayat.net/assuhaim/khwater/137_a.htm
ووالله لا تخرج المرأة بذلك الطيب أو بتلك الملابس الفاتنة لضيق أو لِقصر إلا
تحمّلت الإثم مُضاعفا :
-
إثمها هي يوم خرجت متبرّجة
-
إثم من جرأتها من النساء على فعل مثل ذلك " ومن سنّ سنة سيئة فعليه وزرها
ووزر من عمل بها "
-
إثم من فتنته من الشباب .
( لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ
كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم
بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ )
وكنت قد أشرت إلى شيء من فتن الأسواق هنا :
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/30.htm
( هذا جزء مقتطف مع التّصرّف من محاضرة بعنوان " فتنة التسوّق " )
حقوق النشر لكل مخلوق !