شهِدت اليهود بصدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
قال الله عز وجل : ( وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ
لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ
كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه
عَلَى الْكَافِرِينَ )
عن أنس رضي الله عنه قال : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم
فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم .
فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ،
فأسْلَمَ ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه
من النار . رواه البخاري .
فهذا اليهودي أمـر ابنه أن يُطيع أبا القاسم ، مما يدلّ على أنه يعلم في
قرارة نفسه بصدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم .
وحدّث سلمة بن سلامة بن وقش - وكان من أصحاب بدر - قال : كان لنا جار من يهود
في بني عبد الأشهل قال : فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث النبي صلى الله
عليه وسلم بيسير فوقف على مجلس عبد الأشهل . قال سلمة : وأنا يومئذ أحدث من
فيه سِناً على بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب
والميزان والجنة والنار ، فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن
بعثاً كائن بعد الموت ، فقالوا له : ويحك يا فلان ترى هذا كائناً أن الناس
يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار ، يُجزون فيها بأعمالهم ؟ قال : نعم
، والذي يحلف به لودّ أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم
يدخلونه إياه فيطبق به عليه ، وأن ينجو من تلك النار غدا . قالوا له : ويحك
وما آية ذلك ؟ قال : نبي يُبعث من نحو هذه البلاد ن وأشار بيده نحو مكة
واليمن . قالوا : ومتى تراه ؟ قال : فنظر إلـيّ وأنا من أحدثهم سناً ، فقال :
إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه . قال سلمة : فو الله ما ذهب الليل والنهار
حتى بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا ، فآمنا به
وكفر به بغياً وحسداً ، فقلنا : ويلك يا فلان ! ألست بالذي قلت لنا فيه ما
قلت ؟ قال : بلى ، وليس به !
وحدّثت صفية – رضي الله عنها – فقالت : كنت أحبّ ولد أبي إليه وإلى عمي أبي
ياسر ، لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلا أخذاني دونه . قالت : فلما قدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي
حُيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين ، فلم يرجعا حتى كانا مع غروب
الشمس ، فأتيا كالَّيْن كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا . قالت : فهششت إليهما
كما كنت أصنع ، فوالله ما التفت إليّ واحد منهما مع ما بهما من الغمّ . قالت
: وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حُيي بن أخطب : أهـو هـو ؟ قال : نعم
والله ! قال : أتعرفه وتثبته ؟ قال : نعم . قال : فما في نفسك منه ؟ قال :
عداوته والله ! رواه ابن إسحاق في السيرة فيما ذكره ابن هشام .
ها هم اليهود يشهدون بنبوة سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، ومع ذلك جحدوا
بها .
( فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى
الْكَافِرِينَ ) .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : لو آمن بي عشرة من اليهود ، لآمن بي اليهود .
رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : لو تابعني عشرة من اليهود ، لم يبق على ظهرها يهودي إلا
أسلم .
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .