ابن سعدي والتميز

محمد بن سرّار اليامي

 
رأيت أن مطالعة سير السالفين فيها كثير من الخير والعبرة

منير أهل السوء والشر .. تحذر منها وتحذر ، وترى عجائب صنع ربك .. وتتحرز عن مداخل الشيطان التي دخل بها على أولئك .. فتعتبر قبل أن يعتبر بك..

وسير أهل الصلاح والخير تكتسب منها العلم النافع والعمل الصالح ، وتري عجائب صنع الباري جل وعز ...

وتزداد همتك ، وتسمو أيما سمو .. عساك أن تدرك شيئا مما أدركوا ... ، ولقد سمعت كفاحاً بلا ترجمان من الشيخ عبد لله بن عقيل كلاماً عن شيخه عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله وخرجت بما يلي :

أولها :
ما ألطف الذكريات..

فإن لها في القلوب وهجاً ..

وفي المشاعر لهجاً .. فما أجملها

وما ألطفها .. تحدث في النفوس

أواراً لا يطفئه إلا الإنقياد والطاعة ..

والسير على خطى الماضين ، وتتبع نجاحاتهم ، وأخذ العبرة من زلاتهم ..

ثانيها :
عدم التكلف في الحياة ، والدعوات ، والأساليب ..

وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

" نهينا عن التكلف " .. وقد كانت من ميز ابن سعدي رحمه الله الواضحة عدم التكلف في الأسلوب ، في الحياة عامة .. ، وهذه الخصلة من أكثر الأمور مجلبة للسعادة ، وللرضي عن الذات ..

ثالثها :
الدقة في المواعيد ، وضبط الوقت وهذه من علامات النجابة .. ، ومن حسن التعامل مع الوقت والناس ..

فإذا احترم الإنسان وقته احترمه الناس .. ، وقدروه..

رابعها :
أن قلة الأكل من الأمور المعينة على الفهم ، علي ضبط المسائل ، وعلى السلامة من الآفات ..

وهذه مما يجعل الإنسان مستمتعاً بوقته ، مشمراً منتجاً ..

خامسها :
الصبر على التعليم ، والتعلم ، ولزوم منهج ثابت في ذلك .. فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين .. " بما صبروا .. وكانوا يوقنون "

يقول الله : " وجعلناهم أئمة " ..

وهذا إصطفاء ، وإختيار ، وإنتقاد عظيم .. من رب كريم جل وعز ..

والصبر مفتاح النجاح ، وسبيل الفلاح ، من لم يصاحب الصبر في حياته فإن السقوط حليفه .. فتأمل ...

سادسها :
أن التأليف هدفه الأسمى نفع الناس وتعليمهم ، لا فتل العضلات اللغوية ، واستعراض القدرات البلاغية ..

سابعها :
أن فن الإلقاء مدخل إلى قلوب المستمعين خصوصاص إذا كانت العبارة واضحة وسهلة ، وغير متكلفة ، وإذا كانت صادرة من صميم القلب فإنها تؤثر ، أيما تأثير ...

" حديث الروح للأرواح يسري "

ثامنها :
سعة الاطلاع اساس في تكوين قاعدة عريضة للفهم , وتصحيح الحكم على المسائل ...فأنك إن طالعت فاكتب في مسألةِ ما , وأحطت بكل ما كتبت في ذلك , فإنك سوف تصدر بأحكام صريحة مطمئنة بها نفسك عن ما تريد...

تاسعها :
تغيير الجو بالزاح , والملاطفة , وعدم الإكثار من ذلك وإنما كما يعطى الطعام من الملح ...فإن هذا أدعى للإفادة من العمر , وللفهم , وتجديد النشاط للذهن..

عاشراً :
 أن اليتم ، والفقر ، البؤس قد تكون سبباً في لموع الإنسان ، ونجاحه

وترى كثيرا ممن قدموا أنفسهم للعالم عاشوا هذه المعاناة ..

هذه عشراً.. خذها طيبة النشر ... عالماً عاملاً متفائلاً

ميزت " أبن سعدي " رحمة الله وتميز بها ..

أمنتها من مجمل سيرته ... وفقنا الله للاهتداء بهدي الصالحين والاقتداء بعملهم ...