أقصر طريق لرضى الله ثم رضى الناس
(joma703) 3/ 5/ 1437هـ

الدكتور عصام بن هاشم الجفري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله العظيم الخلاق منزل الفرج إ ذا ما الأمر استحكم وضاق، أحمده سبحانه وأشكره أن هدانا لمكارم الأخلاق ، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله شهد له ربه بعظيم الأخلاق صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه و سلم تسليماً كثيراً
أما بعد : فهذا ربكم يوصيكم ياعباد الله فاستمعوا لوصية ربكم إذ يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }(آل عمران :102). معاشر المتقين كل المسلمين يصلون ويحرصون على إتقان صلاتهم ويشعر أحدهم بالندم إذا فاتته صلاة الجماعة ويجتهد في النوافل يبتغي بذلك رضوان الله ، وكذا الأمر مع الصيام والزكاة والحج ونحوها من العبادات ، إلا أن الغريب في الأمر أن هناك بعض من أفراد أمة الإسلام يغفلون بعد أداء الفرائض عن طريق سهلة ميسرة توصل بيقين إلى رضوان الله ثم رضوان الناس بأقل جهد ؟. هل تحبون أن أدلكم عليها ؟. أنه حسن الخلق ؛ فبحسن الخلق يثقل ميزانك يوم القيامة أخبرك عن ذلك نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم بقوله : ((مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ))(أبو داود،في حسن الخلق،ح(4166)). وإذا ثقل ميزانك ماذا يحدث اسمع لربك يخبرك بقوله : { فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ }(القارعة:6-7). أخي تعال واسمع معي كيف تكون درجتك في الجنة إذا حسن خلقك مقارنة بالعبَّاد المكثرين من النوافل، في موطأ الإمام مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْمَرْءَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الْقَائِمِ بِاللَّيْلِ الظَّامِي بِالْهَوَاجِرِ(الموطأ،مالك أنه بلغه عن عائشة..،ح(1404)).هل سمعت أخي تبلغ درجتهم مع أنك لم تجتهد مثلهم ما الذي بلغ ذلك المبلغ؟ إنه حسن الخلق.ثم أين يستقر بك المقام في الجنة ؟. لقد ضمن لك حبيبك ونبيك صلى الله عليه وسلم بيتاً في أعلى الجنة متى ما حسن خلقك واسمع لتلك البشرى كأنك تسمعها منه مباشرة صلوات ربي وسلامه عليه إذ يقول :((أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ))(أبوداود،في حسن الخلق،ح(4167)).معاشر المؤمنين يخطئ من يظن أنه يستطيع بماله وحده أن يشتري محبة الناس ، نعم قد يضحك الناس في وجه صاحب المال أو صاحب السلطان سيئ الخلق لكن قلوبهم تبغضه وألسنتهم في الخلاوات تلعنه ، أما صاحب الخلق الحسن ولو كان فقيراً فإنه غني بحسن خلقه وتجد أن الناس تحبه بقلوبها وألسنتهم متى ما ذُكر حمدته ، أحبتي ألا يكفينا أن ربنا جل في علاه أثنى على حبيبه وصفيه صلى الله عليه وسلم بحسن خلقه مما يدل على عظيم مكانة هذا الأمر فقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم:4).



الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أنه كما يرتفع حسن الخلق بصاحبه إلى الدرجات العلى في الدنيا والآخرة فإن سوء الخلق ينحط بصاحبه حتى قد لا تنفع معه كثرة العبادة تعال أخي واسمع معي للحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول : قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم : (إن فلانة تصلي الليل و تصوم النهار و في لسانها شيء يؤذي جيرانها- سليطة- قال : ((لا خير فيها هي في النار ))و قيل له : إن فلانة تصلي المكتوبة و تصوم رمضان و تتصدق بالأثوار و ليس لها شيء غيره و لا تؤذي أحدا قال : ((هي في الجنة))(المستدرك على الصحيحين،البر والصلة،ح(7304)[ تعليق الذهبي قي التلخيص : صحيح])، أخي الحبيب إن حسن الخلق لا يحتاج الكثير من المال أو الجهد فقط كف آذاك عن الناس ، وابسط وجهك بالابتسامة ولسانك بالكلمة الطيبة ، وإن أحق الناس بحسن أخلاقنا أقرب الناس إلينا آباؤنا وأمهاتنا وأولادنا وجيراننا ثم المسلمين أجمعين