{
قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا
الله...}..
ربك أعلم...
وما معنى هذا؟..
هل معنى هذا أن مجيئه اللازم الواقع ـ على حد تعبيرهم ـ يقلب القضية من
التحريم إلى الجواز؟...
هل وقوع الشيء يعني جوازه؟..
الجواب:
لا..
فأشياء كثيرة وقعت وترسخت في الأمة المسلمة، ولكن هي محرمة إلى قيام
الساعة...
الربا..
لا ينفك منه بلد مسلم، ومع ذلك هو محرم، ولو سار عليه جميع من على البسيطة...
والأمثلة كثيرة...
إذن..
لا جدوى شرعا من تكرار القول بأن القيادة آتية لا محالة..
كأنما يريدون تهيئة النفوس لهذا الحدث... لكن:
{
ما على الرسول إلى البلاغ}...
{
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا
يعلمون}..
ونحن نقول: من كان يعظم الأمر ويتبع الشرع، لا يكون دليله: أن القيادة آتية
لا محالة..
إنما يكون دليله: قال الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ويتبع
علماء الشريعة، الذين رصدوا أنفسهم للتفقه في نصوص الشرع، وتخصصوا فيها، كما تخصص غيرهم في علوم أخر..
أعجب لأمة رزقها الله ثلة من العلماء المخلصين الصادقين الناصحين، الذين لا
يوجد مثلهم في الأرض، الذين لا يألون جهدا في التوجيه والإرشاد.. كيف تلقي
كلامهم وراء ظهرها... وكأنهم من سقط المتاع؟!!!..
وقد أفتى هؤلاء العلماء الأتقياء الصفوة بتحريم القيادة، فتوى صريحة... لكن
!!!!!!...
يا للأسف رده بعض من لا يعرف قدر العلماء.. ولو أفتاهم جماعة الأطباء، أو
هيئة كبار الأطباء.. بخطورة القيادة على صحة المرأة لما ترددوا في
الامتثال!!!!!!!!!...
ربما بعضهم يقصد بقوله: القيادة آتية لا
محالة.. أي بحسب المؤشرات الحالية والآنية.. ولا يقصد من وراء ذلك الاحتجاج
أو التاييد..
ولمثله يقال: {
قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا
الله...}..
وكم من قضية قرر معتنقوها ومروجوها أنها ستكون ولم تكن...
فربك فوق الجميع، وإرادته تمضي، ولو خيل للناس أن إرادة فئة ما هي الماضية...
بعض الناس نظره لا يتعدى طرف أنفه وما عند قدميه.. ينظر إلى مصلحة نفسه،
ويهمل النظر إلى مصلحة الجماعة.. يقدم المصلحة، ولا يدري أن دفع المفاسد مقدم
على جلب المصالح..
وهنا يظهر الفرق بين من تفقه في الشرع ومن لم يتفقه..
هذا الموضوع يهدد كيان أمة محافظة على
حجابها..
وهو يطل بين آونة وأخرى..
ثم أننا نجد بعض إخواننا الذين نحسبهم على خير وصدق يقولون:
"لا نرى في ذلك بأسا، ونحن نرى غيرنا
يحدث عندهم مثل ذلك، ولم نر بأسا ولا فسادا".
فالدليل على الجواز عندهم أنهم لم يروا مفاسده في المجتمعات الأخرى..
فهل هذا دليل شرعي صحيح يصح الاستناد إليه في التحليل والتحريم؟.
وكيف جزموا بأنه لا توجد فيها مفاسد ؟..
هل تتبعوا كل فتاة تسير بسيارتها ليروا هل تتعرض لمشكلة أم لا؟..
كيف عرفتم أنه لا مشكلة في قيادة المرأة للسيارة في تلك المجتمعات؟..
هل قمتم بدراسة حالات قيادة المرأة للسيارة؟؟
وإلا اعتمدتم على النظر العابر ؟.. ..
نحن نقول
سياقة المرأة للسيارة خطر عليها، لكن يختلف الخطر بين بلد وآخر، بحسب ظروفها،
فقد يزيد الخطر هنا، ويقل هناك.. أما أنه لا خطر ألبته فهذه دعوى بلا دليل؟..
بل الدليل يقول:
إن المرأة إذا صارت منفردة صارت محل طمع
الأشرار، وما أكثرهم...
وفي حالة قيادتها للسيارة ستكون منفردة، وستسلك طرقا غير مأهولة، وحينذاك
ستتعرض للأذى..
ثم إن تلك البلدان ليست بليتها في قيادة المرأة للسيارة، بل بليتها أكبر من
ذلك.. سقوط الحجاب، ولذا انغمرت تلك المصيبة ـ قيادة المرأة للسيارة ـ في هذه
المصيبة الكبرى.
لكن لا يعلم هؤلاء أن الأمر يختلف جدا في بلد لم يسقط فيه الحجاب أصلا..
إن قيادة المرأة للسيارة في بلد محافظ للحجاب يعد مشكلة كبرى، ويحصل بها فساد
عريض قد لا يحدث مثله في البلاد التي لا تحافظ على الحجاب أصلا ..
وذلك أن قوما لم يعتادوا ذلك سيكون هذا الحدث بالنسبة لهم تغيرا جذريا..
ستكون هناك ثورة جنسية لا حد لها، وفساد عريض لا ينضبط، لأن الفرد في المجتمع
المحافظ لا تتوفر له المتع المحرمة كما تتوفر في المجتمعات المتحررة، فإذا
صار يرى الفتيات يقدن السيارات هاج ولم يجد من يضبطه، لأن الضبط عسير جدا،
فإن ذلك يعني وضع رجل أمن في كل شارع وطريق، وذلك مستحيل.
وسيفتح باب الاختلاط بكافة صوره..
*
فمن الذي يعلم المرأة القيادة؟..
*
ومن الذي يحاسبها إذا أخطأت في القيادة؟..
*
ومن الذي يصلح لها السيارة إذا تعطلت؟..
*
هل سيكون محرمها معها على الدوام؟!!.
*
لكن من يرى جواز ذلك ينسى كل تلك الأمور..
ينسى أننا ما زلنا نحتفظ بخصوصيات هامة وعظيمة منبعها الشرع القويم، منها
الحجاب ومنع الاختلاط، وكلا الأمرين في خطر إذا قادت المرأة للسيارة.
إننا نعاني من كثرة خروج النساء من بيوتهن وما يجلب ذلك من فتن، ونرجو من
النساء أن يقللن من ذلك ما استطعن ويمتثلن لقوله تعالى:
{
وقرن في بيوتكن}،
ويعلمن أن ذلك خير لهن: (
المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان،
وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها).
فكيف إذا قادت المرأة السيارة؟، إن ذلك سيتسبب في فتنة عريضة، نعوذ بالله
منها.
ثم إننا نلفت النظر إلى قضية هامة وهي:
قد علم المنافقون والكافرون أنه لا يمكن
إسقاط الحجاب بالطريقة التي أسقطت في مصر، فنبههم الشيطان إلى طريقة أخرى هي:
قيادة المرأة للسيارة...
فالقيادة يقصد بها إسقاط الحجاب وحصول الاختلاط، وفساد الأمة.
لا تقولوا: يبالغ فيما يقول.
فقد كتبت عن قيادة المرأة للسيارة فجاءت بعض
التعليقات، ومنها:
تعليق لفتاة من موريتانيا تذكر بألم ما حدث عندهم من فساد عريض جراء ذلك..
وقد سمح بالقيادة في قطر أولا لمن فوق الثلاثين، ثم لمن دون العشرين، وكان
بعض المحجبات يقدن السيارة بالنقاب، فجن جنون دعاة التحرر، ونادوا بنزع
الحجاب، ومنع سياقة المحجبة..
والدليل المفصل على ذلك ما يلي:
كنت قد كتبت موضوعا عن قيادة المرأة للسيارة
من قبل في المفتوحة وسحاب فجاءتني التعليقات التالية:
1-
سواح 31-12-1999 12:30 ( الساحة المفتوحة)
الاخ الكريم ابو ساره انا معك ونفس الشعور
وقيادة المرأة هي الطريق إلى الهاوية..
قصة رواها لي أحد الأصدقاء في إحدى الدول القريبه..
انه كان عند جارهم ابنة متحجبة، وكانت على أخلاق لم يرها يوما تخرج لوحدها،
كانت مثالا للأخلاق الحميدة..
ويقول: بعدما تخرجت من الثانوية دخلت الجامعة وطلبت من والدها أن يشتري لها
سيارة..
ويقول: أيام فقط حتى تحولت أخلاقها إلى 200درجة، فبعد الحشمة واللباس
الإسلامي إلى تفسخ الحياء ولبس العاهرات، وتاتي إلى منزلها بعد نصف الليل،
فاصبحت على كل لسان..
انتبهوا إخواني فأصدقاء السوء يريدون ان نكون مثلهم فلا يتمنون لنا الخير
ابدا، فيقولون حضارة وحرية فالحضارة بالعلم وليس بقيادة المرأة لسيارة وإظهار
المفاتن.. أما الحريه فالإسلام إعطاء المرأة الحرية الكاملة وجعل لها حدود
حتي يحافظ عليها، أما الحرية التي يدعون العلمانيون والكفره ليست حرية، بل
دعوة إلى الفساد ..
--------
2ـ أمل بنت عبد الله البوتملي 13-11- 1999
02:59 ( سحاب)
يشكر الأخ على هذا الطرح النظري الموفق ( كان
الموضوع: حكم قيادة المرأة للسيارة )،
واعتقد أنه أصاب كبد الحقيقة..
وقد ذقنا نحن العلقم في موريتانيا من جراء قيادة المرأة للسيارة، وكان في
بداية الأمر لا تعدو أن تكون لقضاء الحاجات الضرورية، ثم ما فتأت أن انقلبت
إلى شر مستطير، فلا يعلم الأب المسكين إلى أين تذهب ابنته، بل ولا يجرؤ على
سؤالها، وقد أصبحت السيارات عندنا من أكبر أسباب الفساد، ولا حول ولا قوة إلا
بالله..
أرى خلل الرماد وميض نار... وأخشى أن يكون لها ضرام..
----------------
3- في دولة قطر سمح بالقيادة بشروط:
أن تكون فوق الثلاثين..
بأذن ولي الأمر..
وبعد مدة لم تطل سمح حتى لمن كانت دون العشرين بالقيادة، بل حورب الحجاب
والمحجبات، وطالب المعارضون بمنع المحجبة من القيادة إلا أن تنزع حجابها..
مجلة المجلة عدد 1003..
------------------
4 ـ في بريطانيا
يستنكر الرجال فكرة قيادة المرأة للسيارة، ويجد هذا الاستنكار منافذ للتعبير
كالفكاهة مثلا، فهذا صحفي بريطاني يكتب ساخرا من قيادة المرأة للسيارة قائلا:
"أصبحت على قناعة تامة بأن البيرة والمشروبات الكحولية عموما تحتوي على
هرمونات أنثوية، وأنا مقتنع اليوم أن من يسرف في تناول الخمور يتحول إلى
امرأة، فالرجل حين يتعاطى تلك المشروبات تنمو أثداؤه ويأخذ بالثرثرة من دون
طائل، ويفقد القدرة على قيادة السيارة، وهذه كلها صفات نسائية".
وفي الشهر الماضي نشرت مجلة "ساترن" الرجالية الأمريكية إعلانا عن طلب نساء
متميزات ذوات قدرة فوق اعتيادية لقيادة السيارات، وجاء في الإعلان أن على
المتقدمات أن يتحلين بالصفات التالية:
1ـ
القدرة على قيادة السيارة من دون الانحراف إلى اليمين أو اليسار لفترة تزيد
على عشر دقائق.
2ـ
القدرة على التعرف على غطاء خزان البنزين ومعرفة طريقة استخدامه.
3ـ
القدرة على تغيير إطار العجلة من دون استخدام
الهاتف الجوال.
4ـ
القدرة على إيقاف أو صف السيارة في موقف عام من دون الاصطدام بأكثر من ثلاث
سيارات في المحاولة الواحدة.
ويبدو أن الإعلان لم يكن إلا طريقة للاستهزاء بالمرأة، والرجل البريطاني
مازال يرى أن المرأة تفتقد إلى الحصافة وحسن التدبير اللذين تتطلبهما قيادة
المرأة للسيارة، وكشفت دراسة حديثة نشرتها وزارة التجارة البريطانية أن أصحاب
تصليح السيارات يعمدون إلى استغفال النساء وتقاضي مبالغ طائلة منهن لإجراء
إصلاحات وهمية..
إذن يتضح مما سبق أن المجتمع الغربي مازال لا يستسيغ قيادة المرأة للسيارة،
لكن قوانين المجتمع نفسه ترعى هذا الحق، الغرب إذن يفرض على المجتمع قانونا
لا يرتضيه.
مجلة المجلة عدد 1003
إن الذي يضع قدمه في أول الهاوية لا يدري أين
تقوده قدماه، وإن الذي يرضى بشرب قطرة من كأس خمر لا يأمن من شرب الباقي،
فهكذا خطوات الشيطان.
وفي قضية المرأة بالذات تحدث مغالطات كثيرة،
من ذلك:
الزعم بأن المرأة في بلادنا مظلومة، مهضومة الحقوق، إنسانيتها مهدرة، محتقرة،
مستلبة.
وإذا سالت: ما هي الحقوق المهدرة؟.
انقسم الناس إلى فريقين، كل فريق حسب ميله ومذهبه واتجاهه.
فالفريق الأول:
وهو الصادق في دفاعه ونيته، لكنه اغتر ببعض الحوادث الفردية فصار يعممها،
وهذا خطأ، فالحوادث الفردية موجودة في كل زمان، وإثبات أن المرأة مظلومة
بالعموم يحتاج إلى دراسة شاملة، ولا يمكن أن تثبت بالدعاوى والاستدلال
بالحوادث الفردية...
والفريق الآخر:
وهو المخادع، الذي لا يقصد من وراء هذه الدعوى إلا تحقيق مآرب شيطانية أملاها
عليه أسياده..
إنه يقصد رفع قوامة الرجل عنها كي يتسنى إفسادها..
إذ لا يمكن إفساد نساء الأمة إفسادا كاملا إلا بمثل هذه الطريقة، فبقاؤها تحت
قوامة الرجل المحافظ، والمجتمع في أغلبه محافظ، يعني فشل الخطة الماكرة، لذا
لا بد من رفع القوامة، وكيف يكون ذلك؟.
يكون ذلك بالدعوة إلى ما يلي:
عمل المرأة كعمل الرجل، سواء بسواء، وجعل المرأة مساوية للرجل في كل شيء، حتى
في نوعية العمل، دون اعتبار للفروقات الخلقية.
الاختلاط في التعليم..
وقيادة المرأة للسيارة، لأنه طريق إلى نزع الحجاب وحصول الاختلاط.
أخيرا:
لي رجاء لكل من يكتب في هذه القضية، أن يتذكر
أمورا:
1ـ أن
لا يستعجل في طرح رأيه، ويتأمل القضية من كافة جوانبها، ولا يساو مساواة تامة
بين بلد وبلد في الحكم والفتوى، وأن يضع في اعتباره وضع المرأة في البلدان
المحافظة على الحجاب.
2ـ أن
لا يزدري أقوال العلماء، ويتهمهم بشتى التهم، فهذا ليس من سمات المسلم.
3ـ أن
لا يخلط بين الأمور، ويدخل قضية في قضية أخرى، فكل مسألة لها حكم.
4ـ أن
يتذكر أن الله تعالى أمر النساء بالقرار في البيت، وقد أمر بذلك وهو يعلم أن
لهن حاجات لابد من الخروج لها، لكنه مع ذلك أمرهن بالقرار.
5ـ أن
يتذكر أن المروجين والمحركين لها في الغالب هم من المستغربين الذين يريدون
تغيير الأخلاق الإسلامية للمجتمع ...