قال أبو الحسن الأشعري:
"الإيمان هو التصديق بالجنان، وأما القول
باللسان والعمل بالأركان ففروعه، فمن صدق بالقلب، أي أقر بوحدانية الله
تعالى، واعترف بالرسل تصديقا لهم فيما جاءوا به من عند الله صح إيمانه، حتى
لو مات عليه في الحال كان مؤمنا ناجيا، ولا يخرج من الإيمان إلا بإنكار شيء
من ذلك"..
الملل والنحل للشهرستاني ص101..
والأشاعرة من بعد الأشعري على هذا القول..
قال الباقلاني في الإنصاف ص33:
" وأن يعلم أن الإيمان بالله عز وجل هو:
التصديق بالقلب"..
وقال صاحب الجوهرة ص67:
وفسر الإيمان بالتصديق............... والنطق
فيه الخلف بالتحقيق
هذا قولهم ..
أما قول أهل السنة والجماعة.. السلف، أهل القرون الثلاثة المفضلة، في معارضة
هذا القول فكثير جدا، يكفي لتعلم حقيقة ذلك أن تقرأ للبخاري قوله:
- " كتبت عن ألف نفر من العلماء وزيادة، لم
أكتب إلا عمن قال:
الإيمان: قول وعمل..
ولم أكتب عمن قال: الإيمان:
قول"..
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 5/889.
والذين قالوا: الإيمان قول.. هم مرجئة الفقهاء.. وهم الأحناف..
وكان قولهم: الإيمان في القلب واللسان.. والعمل ليس منه..
فشنع عليهم السلف قاطبة.. وكتبوا لأجل، وألفوا المؤلفات الكثيرة.. وما سؤال
البخاري أكثر من ألف عالم عن هذه المسألة إلا تجسيد لمدى معارضة السلف لقول
مرجئة الفقهاء..
وانظر كيف اتفق هذا العدد الهائل على قول واحد من دون خلاف: الإيمان قول
وعمل.. وهم من أهل وعلماء خير القرون القرون.. تعلم ضلال من خالفهم..
كان ذلك الموقف الشديد من العلماء في حق مرجئة الفقهاء الذين هم أخف شأنا من
الأشاعرة..
فالأشاعرة قالوا هو التصديق..ولم يشترطوا حتى النطق.. فهم شر من مرجئة
الفقهاء.. وهم أقرب إلى مذهب جهم..
- وقال أبو بكر بن أبي شيبة:
" الإيمان عندنا قول عمل، يزيد وينقص". الإيمان له ص46..
ومعنى قول وعمل.. أي الإيمان يشمل جميع الأعمال الصادرة من الإنسان.. الظاهرة
والباطنة.
فالقول: هو قول القلب واللسان..
والعمل: هو عمل القلب والجوارح..
وقد أنكر الأشاعرة جميع ذلك إلا قول القلب.. وهدموا باقي الأركان..
ولا يخرج لنا بعد من لم يدر بحال الفرق
وشناعة مذاهبها، ليقول لنا: لا تفرق كلمة المسلمين..
فمثل هذا القول لا يقوله إلا جاهل.. لا يعرف أن أساس الجمع والائتلاف هو
تصحيح العقيدة، فما لم تصحح العقيدة فلا يمكن الجمع والتآلف والاتحاد.. فكل
صاحب عقيدة يدين بالولاء لعقيدته.. يحارب عقيدة غيره.. فالأشعري يدين
لعقيدته.. والسلفي كذلك.. فلا يمكن أن يجتمعا والحال كذلك..
لذا لا بد من تصحيح العقيدة.. على ضوء عقيدة القرون الثلاثة الأولى المفضلة..
وحتى يتبين للقراء خطر عقيدة الأشاعرة على المسلمين.. المرجئة... سأكتب مقالا
أبين فيه كيف أن عقيدة المرجئة كانت من أهم أسباب ضعف المسلمين وتخلفهم.. إن
شاء الله
وقبل ذلك سأبد بذكر أهمية تصحيح العقيدة في جمع كلمة المسلمين..