الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم يكون في
أشكال متعددة:
-
بسبهم، وتكفيرهم، وإلصاق التهم بهم..
-
والبحث والتفتيش عن أخطائهم البشرية وإبرازها وتضخيمها..
-
وكذلك بالادعاء أنه لا يجب اتباع سبيلهم والاقتداء بهم، لكونهم رجال ومن
بعدهم رجال!!!!..
وظاهرة الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم
ليست بجديدة، بل قديمة متجددة، فهي بضاعة كل من أراد أن يعبث بأحكام الشريعة
أو يمحو آثار الدين الحنيف ويثبت عبادة الطاغوت بدلا عنه؛ وبيان ذلك:
أن الصحابة هم نقلة وحملة الدين الأمناء،
الذين نقلوا لنا الشريعة بكل تجرد وأمانة، واتخذوا كل الحيطة لينتشر في الناس
كما أنزل، فجمعوا القرآن، وحدثوا الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولم يكتموا شيئا سمعوه أو رأوه منه، ولم يقدر أحد أن يشتري ذممهم ويعبث
بدينهم، رضي الله عنهم ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض،
وحفظوا العهد من بعده، حتى بلغوا وأدوا الأمانة إلى سائر الأمة، فكل من
اتبعهم وقلدهم وسار على دينهم فهو على الدين الصحيح لا ريب، وكل من خالفهم
فهو مبطل ضال مبتدع لا ريب.
ولما كان في الأمة أهل الأهواء والبدع وأهل
الزندقة والنفاق، وهؤلاء لهم أهداف خفية، خلاصتها:
محو آثار الدين الدين الحنيف، وإحلال عبادة
الطاغوت محله، واستذلال العباد واستعبادهم..
كان من الصعب عليهم تحقيق مآربهم، والأمة كلها تعتقد فضل الصحابة وتؤمن
بأمانتهم وأسبقيتهم وعدالتهم، وهي تتلقى الدين عنهم، وتجل أقوالهم وأفعالهم،
وتكف لسانها عنهم إلا بالخير والذكر الحسن؛ كان من الصعب بث الضلال والشرك
والفساد واستذلال الأمة واستعبادها وهذا اعتقادها في الصحابة..
فإن هذا الاعتقاد يحمل على تقليدهم واتباعهم، ومن اتبعهم كان على الدين
الصحيح، وذلك يمنع من التشكيك وتحريف الدين، فكان لا بد من هدم هذا الجبل
الذي يقف في طريقهم ونسفه من أساسه، أو على الأقل قلع رأسه ومنعه من الشموخ..
فإذا ما تحقق لهم ذلك كان معناه تحقيق أهدافهم في إضلال الناس، لأنه إذا فسد
اعتقاد الناس في المصدر الصحيح الذي يفسر لهم الكتاب والسنة فأعرضوا عنه، كان
ذلك داعيا لفساد دين الناس، ورواج دين المبطلين، أهل الأهواء والفتنة، فإن
الناس إذا أعرضوا عن سنة وهدي الصحابة أقبلوا على سبيل غيرهم ولا بد.
فهم أهل الفتنة هذا، فعملوا على الطعن الصحابة بقصد الطعن في الدين، فبدأ به
الخوارج الذي حاربوا عليا وقتلوه رضي الله عنه، وتبعهم على سوء المعتقد في
الصحابة المعتزلة...
لكن أشد الطوائف تنقصا للصحابة رضوان الله عليهم الشيعة، فقد أعلنوا تكفيرهم
وردتهم، كلهم، حتى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وكذا أمهات المؤمنين، ولم
يسلم منهم إلا عليا والحسن والحسين وسلمان والمقداد وعمار وأبا ذر رضي الله
عنهم أجمعين.
فأما الخوارج فقد قادهم إلى ذلك جهلهم وسفاهة أحلامهم، كما وصفهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم..
وأما المعتزلة فقد قادهم إلى ذلك تلبسهم بعلوم أهل الوثن والشرك، فلاسفة
اليونان، وعلم الكلام..
وأما الشيعة فقد حملهم على الطعن في الصحابة
كرههم لدين الإسلام جملة وتفصيلا، وبيان ذلك:
أن الشيعة في أصلهم مجوس يعبدون النار، كانت
لهم دولة تسمى فارس، ملكها كسرى، كانت هي ودولة الروم أقوى دولتين في العالم
وأكثرها تمدنا وحضارة حينذاك، فلما جاء الإسلام إليهم من أرض الجزيرة يحمله
رجال عرب مسلمون، استنكفوا واستكبروا أن يتبعوا أقواما ليس لهم ذكر ولا
منزلة، ولا يضاهونهم في حضارة ولا قوة، بل كان بعضهم تبعا لهم، وهذا حال
القوي مع الضعيف، وقامت الحرب، وانتصر المسلمون، وانهزم الفرس المجوس عبدة
النار شر هزيمة، ومزقوا شر ممزق، واستجاب الله لدعاء نبيه صلى الله عليه وسلم
أن يمزق ملك كسرى كما مزق كتابه.
وزالت دولة كسرى من الوجود، فلم يعد في الوجود دولة تسمى بدولة فارس، لا ريب
أن ذلك كان مصيبة كبيرة، وكارثة كبرى على من أشرب في قلبه عبادة النار، فلم
يقبل هدى الله الذي أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم، فكادوا للإسلام، بالحرب
والقتال والثورات تارة، وتارة بضرب الإسلام من داخله، بالتظاهر بالإسلام ثم
العمل على تحويره وتبديله وتحريفه، حتى لا يبقى كما أنزل، تماما كما فعل
اليهودي بولس ومن بعده بدين المسيح عيسى بن مريم عليه السلام..
لكنهم اصطدموا في مهتمهم بالصحابة واقتداء الناس بهم، فلا يمكن إضلال الناس
وهم يتبعون الصحابة رضوان الله عليهم، فكان لا بد من التشويه والطعن، لزعزعة
ثقة الناس فيهم، وإسقاط عدالتهم وحجيتهم..
-
فادعوا أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم اغتصوا الخلافة من علي رضي الله
عنه، وأنهم تآمروا على إقصائه..
-
وادعوا أن الإمامة والخلافة حق خالص في آل البيت دون غيرهم من المسلمين،
مشابهة لا عتقادهم القديم - يوم أن كانوا مجوسا يعبدون النار - في أن الملك
حق خالص لآل كسرى، ولما كان الحسين بن علي قد تسرى بابنة كسرى يزدجرد بعد أن
جيء بها سبية إلى المدينة، فولدت له زين العابدين بن علي، توثق اعتقادهم في
آل البيت حين التقى العرق الكسروي بالعرق النبوي.
-
وادعوا أكبر من ذلك في الصحابة رضوان الله عليهم حين زعموا أنهم كفروا
وارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم..
كل ذلك بغية إسقاط هذا الدين من أصله، وإحلال دين آخر مكانه هو دين الشرك
والكفر، وإطلاق اسم الإسلام على هذا الدين الخبيث الباطل تدليسا وكذبا
وخداعا، وما هو بالإسلام، فما مثلهم إلا مثلهم اليهود، وقد قال الله تعالى
فيهم: { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من
الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب
وهم يعلمون}.
وفي سبيل ذلك فتشوا في الكتب بحثا عن آثار تؤيد تزويرهم وخداعهم، فسقطوا على
أشياء ظنوها جهلا أنها تؤيد ما زعموا، فأبرزوها وعظموها ونشروها، وإنما هي
أشياء لم يفهموها لقصر عقولهم أو لحقد في قلوبهم، أو أشياء كاذبة لا تثبت
أبدا..
ومعروف عند أهل العلم أن الشيعة من أكذب الناس في رواية الآثار، وأكثرهم
اختلاقا، وأكثر المطاعن يرويها الكذابون الوضاعون المعروفون بالكذب كأبي مخنف
لوط بن يحي وهشام بن السائب الكلبي.
وهناك من الأخبار الواردة عن الصحابة ما هو صدق، وأكثرها لهم فيها معاذير
تخرجها من أن تكون ذنوبا، وتجعلها من موارد الاجتهاد، التي إن أصاب فيها
المجتهد فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء
الراشدين من هذا الباب.
وما كان ما وقع منهم ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيهم رضوان الله عليهم، لما
علم من فضلهم وسابقتهم وكونهم من أهل الجنة، وقد رضي الله عنهم، لأن الذنب
يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة منها:
الحسنات الكبيرة، فإن منها ما يذهب السيئات..
ومن تأمل قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه
عندما أفشى إلى المشركين عزم المسلمين على غزوهم في مكة، وقول رسول الله صلى
الله عليه وسلم لعمر لما استأذنه أن يضرب عنقه جزاء ما فعله:
( وما يدريك يا عمر، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم قد
غفرت لكم)..
عرف أن صاحب الفضل والسبق في الخير يغتفر له ما قد يقع منه، بشيء لا يماثله
فيه غيره ممن لم يبلغ منزلته، وهذا كما قال القائل:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد *** جاءت محاسنه بألف شفيع
والصحابة مهما وقع منهم فإنه شيء يسير لا يذكر بالقياس بغيرهم، ولا يمكن لهم
أن يتنزهوا من الخطأ أبدا، وإلا كانوا ملائكة، وإنما طبع البشر الخطأ، مهما
بلغوا، فإذا كان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لم يسلموا من الوقوع في
الصغائر، فكيف يسلم من بعدهم؟.
فالخطأ من طبع البشر، فلا يمكن للإنسان مهما بلغ في الصلاح أن يسلم منه، ومن
ثم فمجرد الخطأ ليس مسوغا للطعن والتنقص، كما يريد أرباب الفتنة أن يقنعوا
الناس به، ومجرد الخطأ ليس مانعا من التوثيق، ولا داعيا لإسقاط العدالة، وليس
مانعا كذلك من التلقي والتعلم والأخذ، وإلا لسد باب التعلم والتلقي، ولما
وجدنا من نتعلم منه أبدا.
والله تعالى قد رضي عن الصحابة، والنبي صلى الله عليه وسلم مات وهو راض عنهم،
ونطق بفضلهم وهو يعلم ويرى ما يكون منهم من خطأ بشري، فلم يكن ذلك مانعا من
الأمر بالاقتداء بهم والتمسك بهديهم وسنتهم.
إذن، افتراض أن يكون الناقل لهذا الدين سالما من أي خطأ كان، منزها من كل
ذنب، ولو كان باجتهاد، افتراض باطل وهمي، لا يمكن أن يكون، لكن الذي دعا
الشيعة لمثل هذا الرأي، إرادة الطعن في الدين، كما وضحنا، وأمر آخر، أنهم
يعتقدون العصمة في أئمتهم، أي العصمة الكاملة من كل خطيئة أو ذنب، ولا غرابة
أن يعتقدوا هذا الاعتقاد الغريب فيهم، فقد زعموا أكبر من ذلك فادعوا أنهم
يعلمون الغيب ويدبرون الأمر.
هنا نضرب مثلا بما حدث بين الصحابة من قتال، لنبين نزاهة الصحابة وسلامة
دينهم، عكس ما يزعمه المبطلون..
معركة الجمل وصفين كانت بين الصحابة رضوان الله عليهم، لم تكن باختيارهم ولا
رضاهم، إنما بفعل الأوباش دعاة الفتنة المندسين في الصفين، لقد كانوا يعملون
على تأجيج الفتنة كلما لاح صلح بين الفريقين، خشية على أنفسهم أن ينالهم سيف
العدل، وقد تسببوا في مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وحرضوا
عليه، وحرضوا على القتال بين الصحابة رضوان الله عليهم، يقول ابن أبي العز
الحنفي معلقا على الفتنة التي جرت عقب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه: "
فإن عثمان رضي الله عنه لما قتل كثر الكذب والافتراء على عثمان وعلى من كان
بالمدينة من أكابر الصحابة، كعلي وطلحة والزبير، وعظمت الشبهة عند من لم يعرف
الحال، وقويت الشهوة في نفوس ذوي الأهواء والأغراض، ممن بعدت داره من أهل
الشام…
وكان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوراج، الذين قتلوا عثمان،
من لم يعرف بعينه، ومن تنتصر له قبيلته، ومن لم تقم عليه حجة بما فعله، ومن
في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله، ورأى طلحة والزبير أنه إن لم ينتصر
للشهيد المظلوم، ويقمع أهل الفساد والعدوان، وإلا استوجبوا غضب الله وعقابه،
فجرت فتنة الجمل على غير اختيار من علي، ولا من طلحة والزبير، وإنما أثارها
المفسدون بغير اختيار السابقين". شرح الطحاوية ص483
فالأحداث التي كانت بين الصحابة لم تكن إلا أثرا من آثار الفتنة الدائرة على
أيدي أهل الفتنة، وقد كانوا بالكثرة والتخطيط الذي يستحل معه إيقاف فتنتهم،
خاصة وأن الصحابة كانوا يتعاملون مع الأمور بورع بالغ وإيمان كبير، فلم
يسفكوا دما بالظنة، ولم يسرعوا في القتل..
ويكفي دليلا على ذلك أن عثمان رضي الله عنه لما أحاط الأوباش بداره، وهو
الخليفة، منع وحرج على الصحابة وأبناء الصحابة أن يرفعوا سيفا لأجله، وبالغ
في نهيهم، بل صرفهم، فكانت النتيجة أن قتل في داره رضي الله عنه، ولو أنه أمر
بالقتال دونه لما كان ذلك..
وهذا مثل من الأمثلة التي تبين قدر نزاهة الصحابة وحرصهم على دماء الأمة، ولو
كان في ذلك سفك دمائهم، فكيف لا يجد بعد هذا دعاة الفتنة السبيل إلى الكيد
وبث الفرقة وهم الذين لا يترددون في ارتكاب كل وسيلة ولو كانت سيئة ذميمة
لتحقيق فتنتهم؟.
هذا وإن موقف أهل السنة والجماعة مما حدث بين الصحابة رضوان الله عليهم أن
يكفوا ألسنتهم، فهي فتنة صان الله عنها أيدينا، فنسأل الله تعالى أن يصون
عنها ألسنتنا، وقد سئل الإمام أحمد عما جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما
فقرأ: { تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا
يعملون}. البداية والنهاية ابن كثير 8/130
وإذا كان من غرض الشيعة بطعنهم في الصحابة رضوان الله عليهم هدم الدين الحنيف
وإحلال عبادة الطاغوت، فإن دعاة الفتنة المجددون لها اليوم لهم غرض قريب
وشبيه بذلك، لكنهم لا يعلنون تكفيرهم للصحابة، كما يفعل الشيعة، بل يعلنون
تعظيمهم، لكن بشرط ألا يكون تفسيرهم للكتاب والسنة حجة على من بعدهم، بدعوى
أنهم رجال وهم رجال، بدعوى أن تفسيرهم كان ملائما لعصرهم، أما هذا العصر فلا
بد له من تفسير جديد يتلاءم معه، ويسمون هذا النهج الجديد:
- "
عصرنة الإسلام"..
-
و"عدم الجمود على النص"..
" تفسير الإسلام بروح عصرية"..
يريدون تفسير الإسلام تفسيرا خاصا وفق أهدافهم في تغريب الأمة، بعيدا عن فقه
الصحابة وتفسيراتهم، وما أرادوا ذلك إلا لأن أقوال الصحابة تقف أمام طموحاتهم
في تبديل الدين وبث التغريب في الأمة، فهم في الحقيقة يلغون الصحابة بطريقة
أكثر تهذبا ممن سبقهم من الشيعة، لكنهم في النتيجة يتفقون معهم في عدم
الاعتداد بهم، وإلغائهم بالكلية، وفي سبيل ذلك لا يمتنعون من إبراز شيء من
أخطائهم على سبيل التذكير بأنهم مختلفون فيهم بينهم حتى في مسائل الشرع،
وأنهم يخطئون ويزلون، وإذا كانوا كذلك فكيف نأخذ عنهم ونحتج بأقوالهم في
تفسير نصوص الشريعة؟، هكذا زعموا !!.
وفي كل ذلك يدعون أنهم متبعون للكتاب والسنة، وما هم بمتبعين أبدا، إذ لو
كانوا كذلك لاقتدوا بالصحابة رضوان الله عليهم لزوما، حيث إن الكتاب والسنة
يأمران بتقليدهم في مسائل الدين واتباع هديهم وسنتهم، فمن كان متبعا للكتاب
والسنة وجب عليه أن يتبع قول الصحابة رضوان الله عليهم، فإن لم يتبعهم فليس
بمتبع أبدا.
ويدعون تعظيم الصحابة وتفخيم شأنهم، وليسوا كذلك، ولو كانوا يعظمونهم حقا
لاتبعوا أقوالهم، فلم يخالفوهم فيما أجمعوا عليه، كلهم أو أكثرهم، إذ تعظيمهم
ليس له سبب إلا دينهم وعلمهم وعملهم، فمن كان معظما لهم فلا يسعه إلا اتباعهم،
فهم لم ينالوا التعظيم لأجل دنيا أو لأجل عبادة وخشية وتقوى فحسب، بل كذلك
لأجل فقه شامل وفهم عميق ومتمكن لأحكام الدين، ومعرفة بالواقع وإدراك لطرائق
الربط بين الحكم والحوادث الجديدة.
حاصل الأمر:
أن الدين لا يتم إلا باتباع الصحابة رضوان الله عليهم، وكل محاولة للطعن فيهم
بإلصاق التهم بهم، وتضخيم أخطائهم البشرية، وكل محاولة لإقصائهم وإلغاء
الرجوع إلى أقوالهم في فهم معاني الشرع إنما هي محاولة لإقصاء الدين وهدم
معالمه، وإحلال دين آخر مكانه، هو من وضع البشر، وهو بعينه الطاغوت الذي حذر
الله من الرجوع إليه والاحتكام إليه فقال تعالى: { ألم تر إلى الذين يزعمون
أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت
وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا}.