إلى الأستاذ الكريم مدير:
.............................................................. حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد نما إلى سمعي توظيفكم لعناصر نسائية في المؤسسة التابعة لكم، وأن هذا
التوظيف كان في أوساط الرجال، وبما أني أعلم عنكم حب الخير ـ ولانزكيكم على
الله ـ أحببت أن أعرض لكم ما عندي من رأي تجاه هذا الموضوع:
أخي الكريم!..
إن إتاحة الفرصة للنساء في العمل إلى جانب الرجال أمر يحرمه الشارع الحكيم،
كما يقضي العقل والتجربة بخطورته على الأخلاق والدين، وإليكم الأدلة على ذلك:
أولا:
قال تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن
الله خبير بما يصنعون}..
فالله تعالى أمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء، فإذا صارت المرأة تعمل إلى
جانب الرجل فكيف يمكن له أن يغض بصره؟..
فالمرأة عورة كلها، كما جاء في الأثر، فلا يجوز النظر إليها، وقد قال رسول
الله:
( يا علي لاتتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة)، رواه
الترمذي..
فنظرة الفجأة معفو عنها، وهي الأولى، بخلاف الثانية فإنها محرمة، لأنها تكون
عن عمد، وقد جاء في الأثر: (العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع،
واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطو) رواه مسلم..
والنظر زنا لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة، وذلك يفضي إلى تعلق القلب
بها، ومن ثم الفاحشة، ولاشك أن النظر متحقق في الاختلاط غاية التحقق.
ثانيا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من
النساء) متفق عليه..
فقد وصفهن بأنهن فتنة على الرجال، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون في مكان
واحد؟!.
ثالثا:
أن رسول الله لما بنى المسجد جعل بابا للنساء وقال: ( لو تركنا هذا الباب
للنساء) أبوداود..
فكان عمر ينهى عن الدخول من باب النساء، فإذا كان منع الاختلاط في الأبواب
فلأن يمنع ذلك في المكاتب من باب أولى، إن المرأة مأمورة بالقرار في البيت..
هل تعلم أخي الكريم لماذا؟..
حتى لا تتعرض لأنظار الرجال والاختلاط بهم..
وقد أمر رسول الله النساء بأن يمشين في حافة الطريق دون وسطه حتى لايختلطن
بالرجال..
وكان عليه السلام إذا سلم من صلاته ثبت في مكانه مستقبل القبلة ومن معه من
الرجال حتى ينصرف النساء ويدخلن بيوتهن، ثم ينصرف وينصرف الناس معه، حتى
لايمتد بصر الرجال إليهن..
كل هذه النصوص وغيرها كثير تبين حرمة الاختلاط، وحرمة أن تعمل المرأة إلى
جانب الرجل، والعلماء كلهم متفقون على هذا بلا خلاف..
والسبب في تحريم الاختلاط ما فيه من الخطر على العرض والخلق والدين:
فمن المعلوم أن في الرجل ميلا قويا إلى المرأة، وفي المرأة ميلا قويا إلى
الرجل مع لين وضعف، فإذا اختلطا كان ذلك مظنة أن يلعب الشيطان بينهما، فيزين
الفاحشة إليهما، ومن هنا نقول:
إن النتيجة الطبيعية للاختلاط هو وقوع الزنا وفساد الأعراض والأخلاق..
وإذا كان هذا الاختلاط محرما لأجل هذه المفسدة العظيمة، فلاشك أن الذي ييسر
أسباب ذلك بأن يأذن بالاختلاط في عمله أو مؤسسته أو المستشفى الذي يملكه،
عليه من الإثم بقدر ما يحدث من المعاصي بسبب الاختلاط، لأنه لولا إذنه لما
حدث ما حدث..
ومن المعلوم أن هتك الأعراض وخراب البيوت وضياع مستقبل الفتاة بالذات وظهور
اللقطاء، كل هذه المآسي مرتبطة بالاختلاط، فمنعه منع لجميع تلك المآسي، فرحم
الله عبدا حفظ المسلمين في أخلاقهم وأعراضهم ودينهم..
ولا يقال: "إن هذه مبالغة"..!!!!!!!!!!.......
لا، ليست مبالغة، بل هي الحقيقة...
ومن أراد أن يقف على حقيقة الاختلاط وآثاره فليقرأ مشاكل الغرب وما تعانيه
المرأة بالذات هناكئ:
حتى حدى بهم الأمر إلى الدعوة إلى منع الاختلاط في المدارس والجامعات،
وبالفعل أنشئت جامعات ومدارس قائمة على الفصل بين الجنسين في أمريكا
وغيرها...
ما فعلوا ذلك إلا بعد أن ذاقوا المر والألم من كثرة المفاسد الأخلاقية، أفلا
يجب أن نعتبر بهذه الحقائق؟..
أليس من الخطأ أن نكرر نحن المسلمون الأخطاء التي وقع فيها الغرب، وهم اليوم
يرجون التخلص منها؟!..
إن المرأة أعز ما لدينا، فهي الأم والزوجة والبنت، فيجب أن نحفظ كيانها
وأخلاقها، ونحرص على توفير كل الأسباب التي تعينها على القيام بوظيفتها
الأولى: ......الأمومة ورعاية النشء..
هل تعلم أخي أن خروجها للعمل بحد ذاته يعد كارثة على الأجيال الآتية التي
ستفقد حنان الأمومة والرعاية؟..
وذلك ينعكس أثره سلبا على المجتمع، فيكثر المجرمون والمشردون واللقطاء الذين
ما وجدوا المحضن الذي يربيهم ويعتني بهم، فتكون النتيجة الطبيعية هي
انحرافهم، وكل ذلك بسبب خروج المرأة للعمل، فكيف إذا كان معه اختلاط؟..
فالأمر أنكى وأمر، فيجب على المسلم أن يتقي الله، ويرحم المجتمع الذي ينتمي
إليه من هذه الكارثة الكبرى..
فمن الخطأ أن تكون أهدافنا المادية أكبر عندنا من قيمنا ومبادئنا الدينية، هل
يليق بنا كأمة مسلمة أن نضيع أخلاق فتياتنا لأجل حفنة من المال؟!..
نحن نعتبر أمة فريدة بين الأمم كلها، والميزة التي نتميز بها هي صيانتنا
للمرأة بالحجاب والبعد عن الرجال، فإذا فرطنا في هذه الميزة استوينا وغيرنا،
وفقدنا احترام الآخرين، وإن كان الأطم أن نفقد رضى الله.
أخي الكريم!...
أربأ بكم أن تكونوا عونا لأعدائنا، فإن أعداءنا مافتئوا يمكرون ويخططون من
أجل إفساد أخلاق شبابنا وبناتنا، لأن بذلك يمكنهم أن يتسلطوا علينا، فيا
فرحهم ويا سرورهم إذا علموا أن المسلمين صاروا يهدمون أمتهم بأيديهم، بمثل
هذا الفعل الخطير.
أخي الكريم!..
أعلم أنكم ما قصدتم إلا خيرا، وما أردتم إلا نفع هؤلاء الفتيات، لكن النصيحة
تقتضي الصراحة، فإن ما فعلتموه يحتاج إلى تأمل وإعادة نظر وتصحيح، فبالإضافة
إلى خطر ذلك على الفتيات في المقام الأول، فهو كذلك حرمان للشباب من أعمال هم
أحق بها:
فالفتاة ليست مكلفة بالسعي ولا بالنفقة، بخلاف الشاب فإنه مطالب بذلك، والشاب
محتاج إلى الوظيفة لأجل الزواج وبناء أسرة بخلاف الفتاة، فإذا استأثرت
الفتيات بالوظائف انتشرت البطالة في أوساط الشباب، وعزفوا عن الزواج لعدم
الوظيفة، فتنتشر العنوسة والعزوبة، وتلك مشكلة خطيرة تؤرق المجتمع لما تحمل
في طياتها من آثار خطيرة، منها:
ثوران الغريزة الجنسية التي تبحث لها عن مخرج، فلا تجد طريقا إلا في الحرام
مما يعمق الفساد الأخلاقي وما يتبعه من مشاكل لاتحصى..
فالاختلاط شر، والمرأة إذا احتاجت حاجة ماسة إلى العمل فذلك حق مشروع لها
بشرط أن يكون بعيدا عن الرجال.
أخي العزيز!..
ما كتبت إليكم إلا وكلي رجاء أن تكون لكلماتي الوقع الحسن عليكم، وأن يكون
مقبولا لديكم، ولا أخفيكم قلقي وأنا أكتب هذه الكلمات خشية أن تعرضوا عن
نصيحتي، وسبب قلقي أني أشعر أن الأمر خطير للغاية عليكم وعلى الفتيات والشباب
والأمة..
وكم أتمنى من الله الكريم أن يلقي في روعكم ما ألقاه في روعي، وأن يقذف في
قلبكم ما قذفه في قلبي، وأن يوقفكم على حقيقة هذه القضية ويعلمكم منها كما
علمني، ولست أزعم لنفسي علما، لكن أرجو منكم أن تقرأوا كتاب: "عمل المرأة في
الميزان"، للدكتور محمد علي البار، لعل الله أن يشرح صدركم للحق، ويبعد عنكم
نزغات الشيطان، أسأل الله ذلك وما توفيقي إلا بالله.
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته