السؤال :
ما حكم صلاة من لم يقرأ شيئاً بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من الصلاة
الرباعيّة السريّة لعدم إدراكه الصلاة من أوّلها ؟
الجواب :
أقول مستعيناً بالله تعالى :
للإجابة على هذا السؤال أشير إلى مسألتين على صلة به و هما :
المسألة الأولى :
لا تجب – على مذهب الجمهور و هو الراجح - قراءة شيء من القرآن الكريم في
الصلاة ( المكتوبة و النافلة ) عدا فاتحة الكتاب ، لما رواه أصحاب الكتب
الستة و غيرهم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه و سلم قَالَ : « لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ
الْكِتَابِ » .
قال الترمذي في سننه بعد أن روى هذا الحديث ، و أشار إلى ما في الباب عن غير
عبادة رضي الله عنه : ( وَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ
الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم مِنْهُمْ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ وَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ وَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ وَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَ غَيْرُهُمْ ، قَالُوا : لاَ تُجْزِئُ
صَلاَةٌ إِلاَّ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ . وَ قَالَ عَلِىُّ بْنُ
أَبِي طَالِبٍ : كُلُّ صَلاَةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ . وَ بِهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَ
الشَّافِعِىُّ وَ أَحْمَدُ وَ إِسْحَاقُ ) .
أمّا ما يُقرأُ بعد الفاتحة من آياتٍ و سور فهو عند جمهور العلماء من السنن
التي يثاب فاعلها ، و لا يعاقب تاركها ، فلا تبطل الصلاة بتركها ، لما رواه
الشيخان عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنّه كان يَقُولُ : ( فِي كُلِّ
صَلاَةٍ يُقْرَأُ ، فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم
أَسْمَعْنَاكُمْ ، وَ مَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا عَنْكُمْ ، وَ إِنْ
لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَتْ ، وَ إِنْ زِدْتَ فَهُوَ
خَيْرٌ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح هذا الحديث : ( و فيه استحباب السورة أو
الآيات مع الفاتحة ، و هو قول الجمهور في الصبح و الجمعة و الأُولَيَيْن من
غيرهما , و صح إيجاب ذلك عن بعض الصحابة كما تقدم وهو عثمان بن أبي العاص , و
قال به بعض الحنفية و ابن كنانة من المالكية , و حكاه القاضي الفراء الحنبلي
في الشرح الصغير روايةً عن أحمد , و قيل : يستحب في جميع الركعات ، و هو ظاهر
حديث أبي هريرة هذا , و الله أعلم ) .
المسألة الثانية :
المسبوق في الصلاة يُدرك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام ، فمن أدرك الإمام
راكعاً فركع بركوعه قبل أن يرفع منه ، فقد أدرك الركعة ، و إن لم يقرأ فيها
بشيءٍ من كتاب الله .
قال الخطيب الشربيني رحمه الله : ( وهو بالركوع مع الإمام مدرك للركعة كما لو
أدركه في الركوع فإن الفاتحة تسقط عنه ويركع معه ويجزئه ) [ مغني المحتاج : 1
/ 257 ] .
و عليه فلو فاتته قراءة الفاتحة أو بعضها ، أو اقتصر على قراءتها و لم يزد
عليها ، فلا شيء عليه في شيءٍ من ذلك ، و صلاته صحيحة من هذه الناحية إن شاء
الله
هذا ، و الله الموفّق ، و هو الهادي إلى سواء السبيل .
و الحمد لله ربّ العالمين .