السؤال :
عقدت على امرأةٍ عقداً شرعيّاً ، و قبل الزواج خلوت بها و مارست معها بعض
أمور الاستمتاع ( المباشرة ) بدون جماع ، ثم اختلفنا و أدى الخلاف بيننا إلى
الطلاق ، فهل تُعتبر مدخولاً بها ، رغم أنّ ما بيننا لم ينتهِ إلى الجماع بعد
؟
الجواب :
بالنسبة للسؤال عمّا يُعتبر دخولاً بالمرأة أقول مستعيناً بالله تعالى :
من أساليب البيان في القرآن الكريم الكناية و التورية في التعبير عمّا قد
تستهجن النفوس ذكره صراحةً ، كما في قوله تعالى : ( كلا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ
مِمَّا يَعْلَمُونَ ) [ المعارج : 39 ] .
و من هذا القبيل ذكر الدخول بالمرأة في القرآن الكريم كما في قوله تعالى في
آية المحرّمات في النكاح : ( وَ رَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ
نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ
بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) [ النساء : 23 ] ، حيث كنّى سبحانه و
تعالى بالدخول عن الجماع أو مقدّماته ، على قولين لأهل العلم .
قال الحافظ ابن حجر [ في فتح الباري : 9 / 158 ] :
( و أما الدخول ففيه قولان :
• أحدهما :
أن المراد به الجماع ، و هو أصح قولي الشافعي .
• و القول الآخر :
و هو قول الأئمة الثلاثة المراد به الخلوة ) .
قلت : و الأرجح و الأحوط – و الله أعلم – هو مذهب الجمهور ، فإذا خلا الرجل
بزوجته في حال يمكنه معه مواقعتها كان ذلك دخولاً ، و إن لم يقع الجماع ، إذ
إن العبرة بالتمكّن لا بالفعل ، و مقدّمات الشيء تأخذ حكمه في كثير من
الأحوال ، و هذه إحداها .
و يؤيد هذا ما رواه القرطبي في تفسيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الخلفاء
الراشدون قضوا فيمن أغلق بابا أو أرخى ستراً على المرأة ثمّ طلّقها بالصداق
كاملاً ، أي أنّهم عدّوا ذلك منه دخولاً ، و إن لم يقع فيه جماع .
هذا ، و الله المستعان ، و عليه التكلان
و الحمد لله ربّ العالمين .